سلسلة طويلة من الإهمال تسيطر على معبد الأوزوريون، المجاور لمعبد سيتي الأول بعرابة أبيدوس جنوب محافظة سوهاج، ويرجع تاريخه للدولة الحديثة، الذي أصبح مهددًا بالانهيار بسبب غرق المعبد بالمياه الجوفية التي تكسوها الطحالب بشكل ينذر بكارثة، وسط تجاهل تام من مسؤولي الآثار، رغم زيارة الدكتور ممدوح الدماطي، وزير الأثار، للمنطقة في نوفمبر 2014. ونظرًا لغرق المعبد بالمياه لا يتمكن السياح الذين يأتون إليه من النزول إليه، ويكتفون فقط برؤيته من أعلى؛ نظرًا لارتفاع منسوب المياه الجوفية به، وعدم التفات وزارة الآثار لحجم المشكلة، رغم إرسال العديد من الشكاوى من قِبَل المسؤولين عن المعبد لوزارة الآثار. وعجز مسؤولو وزارة الآثار عن إيجاد حل مناسب للمشكلة رغم قدمها، الأمر الذي يهدد باختفاء نقوش فرعونية وألوان قديمة ترجع لآلاف السنين، تدل على معالم وحضارات عريقة حكمت مصر لقرون من الزمان. ويعاني معبد الأوزوريون غيابًا تامًّا للرقابة من جميع الأجهزة، سواء من هيئة الآثار أو قيادات المحافظة، حيث تحول المعبد إلى بحيرة ترتفع مياهها إلى 3 أمتار فوق سطح الأرض، كما غطت مخلفات الطيور نقوش المعبد. من جانبه قال جمال عبد الناصر، مدير عام منطقة آثار سوهاج: المياه الجوفية المتواجدة بالمعبد منذ الستينيات ليست وليدة السنوات الحالية، مضيفًا أن وزارة الآثار بدأت تأخذ خطوات للسيطرة على ارتفاع المياه الجوفية في المعبد، من خلال عمل مشروع حديث للتحكم في منسوب المياه داخل المعبد، وتم إسناده لجهاز الخدمة الوطنية. قال الدكتور أحمد الأنصاري، رئيس قسم الآثار المصرية بجامعة سوهاج: المعبد تغمره المياه الجوفية منذ عشرات السنين؛ بسبب ارتفاع نسبة المياه الجوفية في الأرض، مضيفًا أن هناك بعثات أتت للمعبد لعمل دراسات على تلك المياه، التي تغمر جدران المعبد لكن دون جدوى. وأكد الأنصاري ل«البديل» أن ارتفاع نسبة المياه الجوفية في المعبد واستمراريتها في أرضيته وبين جدرانه يهدد المعبد وحضارته، موضحًا أن قسم الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة سوهاج قام بالعديد من الدراسات والأبحاث على هذه المياه؛ حتى يتم إيجاد الحلول المناسبة للمشكلة. وقال الدكتور أحمد عزيز، أستاذ المياه الجوفية ووكيل كلية العلوم بجامعة سوهاج والمستشار العلمي لمحافظة سوهاج: إن تغير مناسيب المياه الجوفية في معبد الأوزوريون مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتغير منسوب المياه في نهر النيل، وهو ما يؤثر بالسلب على جدران المعبد. وأكد أستاذ المياه الجوفية أن هناك رسالة دكتوراه حديثة لأحد طلاب كلية العلوم جامعة سوهاج بعنوان «حساب معدلات الأمان من السحب من المياه الجوفية حول منطقة معابد الأوزوريون» أثبتت أن المصدر الرئيس للمياه بالمعبد هو تحرك المياه من أمام خزان نجع حمادي للمناطق الصحراوية ثم إلى منطقة المعبد؛ نظرًا لانخفاضها، كما أن الدراسة أثبتت أن اتجاه حركة المياه الجوفية ناحية المعبد يكون من الجنوب للشمال، عكس ما كان معروفًا بأن المياه تتحرك من الشرق إلى الغرب. وأوضح عزيز أن الدراسة أوصت بسحب كميات من المياه الجوفية المتواجدة بالمعبد تصل إلى 120 مترًا مكعبًا؛ للحفاظ علي مستوى المياه في منطقة الأوزوريون، ومنع تغيرها طوال العام، وكذلك الاستفادة من هذه المياه بإضافتها ونقلها إلى الترع المجاورة لاستخدامها في عمليات ري المحاصيل، حيث إنها من أنواع المياه الجيدة والمناسبة في عملية الزراعة. وتابع عزيز أن ارتفاع درجات الحرارة تؤدي إلى زيادة معدلات البخر وزيادة تركيز الأملاح في المياه، حيث إن هذه الأملاح تتفاعل مع الطبقات الصخرية المكونة لجدران معبد الأوزوريون، مما يؤدي إلى تآكلها وتحللها بشكل تدريجي، وهو ما يؤكده اختفاء جميع الرسومات والنقوش المتواجدة على جدران المعبد. وطالب أستاذ المياه الجوفية بجامعة سوهاج بتشغيل الآبار الستة التي نفذها جهاز الخدمة الوطنية منذ عامين بمحيط معبد الأوزوريون؛ للاستفادة منها في الزراعة وتثبيت مستوى المياه في المعبد.