في ظل ما يحققه الجيش العراقي من انتصارات عديدة على جبهات القتال ضد تنظيم داعش الإرهابي، والتي كان آخرها تحريره لمدينة الفلوجة يعتزم الإنطلاق إلى معركة الموصل والتي ربما تحسم الأمر برمته وتقضي على ما تبقى من التنظيم الإرهابي في العراق. أعلن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، تحرير قضاء الفلوجة وأكد على بذل الجهود لتحقيق الأمن والسلام في المدينة لعودة أهلها إليها، موجها رسالة إلى داعش مفادها أن لا مكان للتنظيم في العراق، وحيا العبادي أرواح العسكريين والمدنيين، وأردف قائلاً: "النصر قريب في الموصل". بدوره صرح وزير الدفاع العراقي، عبد القادر العبيدي، بدء تحرير ناحية القيارة في محيط الموصل فجر السبت، مضيفًا أن العملية تهدف إلى تحرير القياره وجعلها مرتكزا نحو الموصل، وتضم القيارة مطارا عسكريا مهما تسعى القوات الأمنية للسيطرة عليه لتقصير المسافة واستخدامه كمرتكز لعمليات استعادة الموصل. وأوضح البيان أن العملية يشنها جهاز مكافحة الإرهاب، والفرقة المدرعة التاسعة، وقطعات قيادة عمليات صلاح الدين، وقطعات قيادة عمليات تحرير نينوى، والحشد العشائري، وكتائب الهندسة العسكرية وطيران بمشاركة القوة الجوية وطيران الجيش وطيران التحالف الدولي. أهمية مدينة الموصل مدينة الموصل ذات أهمية استراتيجة للجيش العراقي في القضاء على تنظيم داعش، حيث تعد المدينة مركز محافظة نينوى، وتبعد عن بغداد مسافة تقارب حوالي 465 كلم، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة في أشبه ما يمكن وصفه ب"المعتقل" وهو ما يحاول سكان الموصل وصفه للحال الذي أعتادوا عليه منذ سيطرة داعش على مدينتهم في العاشر من يونيو 2014 ، ويحاول الأهالي إيصال رسائل بين الحين والآخر للجهات الحكومية المعنية بإنقاذهم مما هم عليه، وتشتهر المدينة بالتجارة مع الدول القريبة مثل سوريا وتركيا. وسيكون طرد داعش من الموصل بمثابة القاضية عسكريا وإعلامياً له حيث يستقطب من خلاله الانتحاريين والمتطوعين، وبالإعلام يستمد العون المادي من تبرعات وهبات، ويرى مراقبون ان استعادة الموصل من يد التنظيم سيعني ذلك سقوط إيقونة ما تعرف بالخلافة بإسقاط شعار «باقية وتتمدد»، الذي انطلق مع سقوط الموصل في يد التنظيم الإرهابي. ويعد القضاء على التنظيم في هذه المدينة إيقاف لمشروع يعده التنظيم منذ العامين الماضين بإنشاء جيل جديد يقوم بعملية غسل أدمغة الأطفال ليكونوا مشاريع وبذوراً للإرهاب أينما حلوا. سقطت مدينة الموصل في قبضة التنظيم المتطرف منتصف عام 2014 لتصبح معقلا رئيسيا له في العراق، وفي الفترة الأخيرة عمد التنظيم إلى قطع كل وسائل الاتصال بين سكان الموصل والعالم الخارجي، والذي لم يبق منه إلا شبكة الإنترنت؛ حيث قام مؤخراً بتشديد الرقابة عليها وممارسة المزيد من الضغوط على مستخدميها، مما حدا بالكثير من عوائل الموصل إلى إلغاء اشتراكاتها بالإنترنت خوفاً من عقوبات وملاحقات داعش. وتفقد الموصل يوميًا رجالًا ونساء يقومون بمقاومة التنظيم أو رفض ممارساته، كما يجبر التنظيم بعض سكان المدينة على تنفيذ أحكامه الظالمة بحق سكان آخرين، لزرع الضغينة والبغضاء بين الأهالي حتى يتمكن من السيطره عليهن. كما ترك الأغلبية العظمى من طلاب وطالبات الموصل في المدارس الجامعات و مقاعد الدراسة منذ دخول داعش المدينة في يونيو 2014، لذا يعد تأخير التحرير تأخير للنظام التعليمي للمدينة التي كانت في يوم ما تعتبر بنك العقول والكفاءات في العراق. ويحاول مسلحو داعش بين الحين والآخر تنفيذ حملة إعدامات لأشخاص يتم وصفهم بالمناوئين لبقاء داعش مسيطرا على مدينتهم فارض شروطه للمعيشة أودت بالكثير منهم إلى ساحة الإعدامات في "باب الطوب". واتخذ مسلحو داعش من مركز سوق باب الطوب، مكانا لتنفيذ أحكام الإعدام وسط جماهير حفيفة من أهالي الموصل، ليقوموا بنحر أعناق الرجال تحت ذرائع جمة، قد تكون الغاية منها بث الرعب في نفوس سكان المدينة ليخضعوا للتنظيم. وبينما كانت مدينة الموصل تعد المركز التجاري والاقتصادي الحيوي للعراق أصبحت اليوم تشهد ركود اقتصادي حاد، حيث يفرض داعش قيوده على حرية التجارة وانحصارها بقوانين تفرض دفع الرسوم لدخول البضائع من جهة، وكذلك العزلة التي تفرضها الحكومة العراقية في محاولة لكبح تحركات عناصر داعش وانتقالهم بين المدن العراقية. وتعد هذه الأيام الأسوأ على تنظيم داعش الذي خسر أجزاء واسعة من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرته، لا سيما في محافظة الأنبار (غرباً) ومحافظة صلاح الدين (شمالاً)، لذلك فإن داعش بات يدرك تماماً أن معركة الموصل المرتقبة ستكون المفصل الحقيقي وآخر بؤرة يدور حولها بقاء أو زوال التنظيم الإرهابي من العراق. القوات العراقية التي عانت واضطرت للانسحاب من الموصل في 2014 عادت مجددا لتكريس تواجدها بعد أن أرسلت قوة من الجيش العراقي مكونة من 4500 مقاتل داخل معسكر في قضاء مخمور، إلى جانب ذلك تجري قوات الحرس الوطني والتي يقدر عددها نحو 600 ألف مقاتل والتي يشرف عليها محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي.