بينما تؤكد الإدارة الإثيوبية قرب انتهاء سد النهضة الذي يثار حوله جدل واسع منذ فترة بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، تظهر في الأفق أنباء متوالية عن اعنزام دول أخرى بحوض النيل إنشاء سدود جديدة، فمنذ ما يقارب الخمسة أعوام الماضية والأخبار والتقارير تتوالى، بدءًا من السودان التي أعلنت منذ شهور عن عزمها بناء ثلاثة سدود على نهر النيل، مرورًا بجنوب السودان وأوغندا الدول التي أكدت أن لديها خططًا لمشاريع سدود على النهر، وصولًا إلى الكونغو التي أعلنت عن بناء سد ضخم في اليومين الماضيين، وبين من يؤكد تاثير هذه السدود على حصة مصر المائية ومن يقلل من تأثيرها رصد "البديل" أهم السدود التي تواردت عنها تقارير في السنوات الأخيرة. السودان تبني ثلاثة سدود بتمويل سعودي في فبراير الماضي أعلنت الحكومة السودانية تنفيذ عدد من السدود بتمويل سعودي، حيث أكد موقع "أوول أفريكا" إن السدود السودانية إذا أنشئت سيكون لها تأثير على حصة مصر المائية، وسوف تثير مخاوف، منها حدوث جفاف وعرقلة مشروعات التنمية. وأعلنت الحكومة السودانية في أوائل العام الماضي عن تفاصيل اتفاقها مع السعودية على تمويل ثلاثة سدود فى شمال السودان، بجانب زراعة مليون فدان، وبحسب المسؤولين السودانين فإن جميع المشاريع سوف تستغرق 5 سنوات. ولفت الموقع الإفريقي إلى أن السدود السودانية أحجامها صغيرة، أكبرها سد مروى، وتصل سعته التخزينية إلى 12 مليار متر مكعب، مقارنة ب 74 مليارًا لسد النهضة. وتنقسم سدود السودان إلى جزأين: الأول في منطقة الشلالات، ولا يشكل خطورة على مصر؛ لطبيعة المنطقة الجبلية، التي لا تصلح للزراعة، أما الجزء الثاني فهو الذي قد يشكل خطورة، حيث سدود نهر عطبرة وستيت والسوباط وتعلية خزان الرصيرص وسنار؛ لأن هناك زراعات تقوم على تلك السدود، وقد تقلل من حصة مصر المائية المتفق عليها. سد واو الجنوب سوداني أعلنت مصر في فبراير 2016 أنها تنسق مع جنوب السودان لإنشاء سد "واو" على نهر النيل، وذلك بعد الانتهاء من الدراسات الفنية والاقتصادية، حيث يعكف المسؤولون على عمل دراسات جدوى بشأن إنشاء السد، حسبما قال المهندس حسام الطوخي، مدير عام الإدارة العامة لمشروعات التعاون الفني مع دولة جنوب السودان. وفي ذلك الوقت أكد الخبراء أن تبني مصر للسد وإعلانها تمويله يأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين وتوسيع إطار التعاون، مستبعدًا أن تكون هذه الخطوة بهدف الاستثمار في السد فيما يتعلق بالكهرباء أو توفير المياه. أوغندا.. سد محدود التأثير في أغسطس 2015 أعلن وزير مالية أوغندا ماتيا كاسيجا، أن بلاده وقعت مع بنك التصدير والاستيراد الصينى اتفاقية بتقديم قرض بمبلغ 789.3 مليون دولار أمريكى، تسدده أوغندا على مدار 20 عامًا، يبدأ منذ تكليف المصنع المختص بأعمال سد كاروما بقوة 600 ميجا وات على نهر النيل؛ لتعزيز قدرة إمداد البلاد بالطاقة الكهرومائية. وفي تعليق لرئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور هاني رسلان حينذاك على هذا السد، أكد أنه محدود التأثير بشكل عام على حجز مياه النيل بالنسبة لمصر، مضيفًا أن بناء السد لتوليد 600 ميجاوات من الكهرباء يؤكد محدوديته، موضحًا أن المشروعات التي تقام بالاتجاه الجنوبي للنيل يكون معدل جريان المياه بها بطيئًا، وبالتالي ليست هناك قدرة على احتجاز المياه بكميات كبيرة. إثيوبيا وبناء سدود جديدة تطمح من خلالها أن تكون قوة عظمى تخطط إثيوبيا لكي تصبح مصدرًا إقليميًّا رئيسيًّا للكهرباء، عبر بناء سدود للطاقة الكهرومائية بقدرة 45000 ميجاوات خلال السنوات المقبلة، وآخر هذه الإنشاءات هو ما أعلنت عنه الصحافة الإثيوبية في الأيام الأخيرة، بعدما تم التوقيع على العقد النهائي مع شركة ساليني الإيطالية، ويقضي ببناء سد إثيوبي جديد على النيل الأزرق يسمي كويشا، بعد أن أصبح سد جلجل جيبي الثالث، الذي يعد أكبر السدود الإثيوبية بعد سد النهضة الإثيوبي الكبير، ساري المفعول، وبدأ في إنتاج الطاقة الكهربائية. وفقًا للصحافة الإثيوبية يقع سد «كويشا» في إقليم شعوب جنوبي إثيوبيا المحاذي لكينيا، في منطقة تحمل نفس اسم السد، ومن المقرر أن يولد السد الطاقة الكهرومائية بطاقة إنتاجية تبلغ 2200 ميجاوات، بتكلفة 2.5 مليار يورو، ويبنى السد الجديد بارتفاع 170 مترًا، على نهر أومو، وستكون عليه بحيرة مساحتها 6 آلاف مليون متر. وأومو هو نهر إثيوبي عابر للحدود، ويصب في بحيرة توركانا، بالقرب من الحدود الكينية في جنوب إثيوبيا. وكان وفد إثيوبي برئاسة الرئيس التنفيذي لمؤسسة الطاقة الكهربائية الإثيوبية برئاسة ازيب اسناقي قد توجه إلى العاصمة الإيطالية روما؛ لوضع اللمسات الأخيرة حول اتفاق تمويل الموردين وتأمين التمويل اللازم للمشروع، وهو الأمر الذي نتج عنه التوافق حول المشروع الجديد بعد قرب الانتهاء من بناء سد النهضة. إنجا 3.. أكبر سد في العالم لتوليد الكهرباء على نهر الكونغو آخر السدود التي تم الإعلان عن إنشائها في الأيام الأخيرة هو سد إنجا 3، وهو السد الثالث في الكونغو بعد إنجا 1 و 2، واللذين يعملان بقدرة إنتاجية منخفضة؛ لذلك تعتزم الكونغو بناء هذا السد، بالإضافة إلى سد آخر اسمه جراند إنجا. ويعتبر إنجا 3 من أكبر السدود فى العالم، حيث من المفترض أن يربط بين نهري الكونغو والنيل. وتشير التقرير إلى أن مشروع السد ليس له تأثير على نهر النيل. ويدعم المشروع البنك الدولي، وهو قادر على توليد الكهرباء بقدرة إنتاجية تتخطى 4500 ميجاواط، أما جراند إنجا فسوف يكون بقدرة إنتاجية تفوق ال 39000 ميجاواط، وستكون كافية لتغطية العجز الكهربائي في كل إفريقيا إذا ما تم إنشاء شبكة تغذية مشتركة بين دول القارة. ولكن المشروعين ما زالا يتعرضان للكثير من النقد؛ وذلك بسبب الآثار البيئية التي قد تنتج عنهما، وأيضًا نقد يتمحور حول الأموال الطائلة التي ستصرف على المشروع وأهمية الاستفادة من هذه الأموال في مكافحة مشاكل أخرى، كالجوع والفقر في إفريقيا. ولكن صحيفة "الجارديان" البريطانية أكدت في تقرير لها السبت أن الكونغو تنوي خلال شهور بناء سد إنجا 3، والذي يستهدف توليد كهرباء تعادل 20 محطة نووية كبرى. وأشارت الصحيفة، فى تقريرها إلى أن توجيه انتقادات واسعة لخطة بناء السد الكونغولي؛ لأنه قد يؤدي لتشريد 60 ألف شخص، ويضر بالنظام البيئي الاقتصادي. وتشير إلى أن مشروع إنجا 3، بتكلفة 14 مليار دولار، والذي تسرع الحكومة في إنجازه، سوف يعمل عبر قنوات نهر الكونغو الواسع فى شلالات إنجا. وعلق بيتر بوشارد، المدير المؤقت لمنظمة الأنهار الدولية، أن المسؤولين عن بناء السد الكونغولي لا يعبؤون بنحو 35 ألف شخص قد يضطرون لمغادرة منازلهم والانتقال لإيجاد مكان آخر للعيش، خلال المرحلة الأولى، يتبعهم 25 ألف آخرون فى المراحل الأخرى. وأضاف أن السد سوف يؤثر بشكل كبير جدًّا على إنتاج السمك. وفي تعليق لخبير الشؤون الإفريقية نادر نور الدين، خلال مداخلة هاتفية له السبت على هذا المشروع، أكد أن بناء سد الكونغو لن يؤثر على حصة مصر في مياه نهر النيل، منوهًا بأن الكونغو تشارك في مياه نهر النيل بنسبة صغيرة. فيما تشير التقارير إلى أن مياه نهر النيل تأتي لمصر بنسبة 85% من إثيوبيا، و15% من أوغندا؛ لذلك فإن بناء سد الكونغو لا يؤثر على منسوب مياه نهر النيل، لكن بصورة أو بأخرى سيؤدي هذا السد إلى دفع دول أخرى أن تحذو حذو الكونغو. فالسماح لكافة الدول بإنشاء السدود دون اعتراض سيجعل الأمر بالنسبة للدول الإفريقية التي تحلم بالتنمية أكثر سهوله من الوقت الماضي.