دأبت إثيوبيا خلال السنوات الأخيرة على بناء سدود المياه، في إطار مشاريعها التنموية للقدرة على الاكتفاء الذاتي من الطاقة، متجاهلة في الوقت ذاته الأضرار التي ستلحق بمجاوريها نتيجة تشييد هذه السدود، ورغم وجود صوت مناهض لهذه الإنشاءات كافة إلَّا أن أديس أبابا تتعامل بفرض الأمر الواقع دون حاجة لطمأنة المتضررين مستغله مشاكلهم الداخلية؛ لتسعى في الوقت ذاته إلى أن تعزز هذه الإنشاءات من قوتها الإقليمية ونفوذها بالقارة الإفريقية. آخر هذه الإنشاءات هو ما أعلنت عنه الصحافة الإثيوبية في الأيام الأخيرة، بعدما تم التوقيع على العقد النهائي مع شركة ساليني الإيطالية، ويقضي ببناء سد إثيوبي جديد على النيل الأزرق يسمي كويشا، بعد أن أصبح سد جلجل جيبي الثالث، الذي يعد أكبر السدود الإثيوبية بعد سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي أصبح الآن ساري المفعول وبدأ في إنتاج الطاقة الكهربائية. سد كويشا وفقًا للصحافة الإثيبوية يقع سد «كويشا» في إقليم شعوب جنوبي إثيوبيا المحاذي لكينيا، في منطقة تحمل نفس اسم السد، ومن المقرر أن يولد السد الطاقة الكهرومائية، بطاقة إنتاجية تبلغ 2200 ميجاوات بتكلفة 2.5 مليار يورو، ويبني السد الجديد بارتفاع 170 مترًا، على نهر أومو، وسيكون عليه بحيرة مساحتها 6 آلاف مليون متر، وأومو هو نهر إثيوبي عابر للحدود وينصب في بحيرة توركانا، بالقرب من الحدود الكينية في جنوب إثيوبيا. وكان وفد إثيوبي برئاسة الرئيس التنفيذي لمؤسسة الطاقة الكهربائية الإثيوبية برئاسة ازيب اسناقي توجه الي العاصمة الإيطالية روما؛ لوضع اللمسات الأخيرة حول اتفاق تمويل الموردين وتأمين التمويل اللازم للمشروع، وهو الأمر الذي نتج عنه التوافق حول المشروع الجديد بعد قرب الانتهاء من بناء سد النهضة. ويؤكد موقع إثيوبي أن تغطية القرض الإيطالي ستكون من عائد الكهرباء المتوقع توليدها من سد كويشا؛ لأن هذه الكهرباء ستباع بأسعار مخفضة إلى دول الجوار الإفريقي، وبالتالي تضمن إثيوبيا بناء السد بمبلغ مالي يسدد على سنوات زمنية متباعدة. خبير: إثيوبيا تسعى لتكون عملاق القارة في إنتاج الكهرباء وبخلاف سد كويشا، فإن إثيوبيا ومصر لازالتا تُعانيان من صعوبة المفاوضات الفنية بينهما فيما يخص سد النهضة؛ لأن بحسب خبراء للسد خطورة كبيرة على مصر، في حين تصر إثيوبيا على بناء السد بالمواصفات التي حددته، لكن من ناحية أخرى أكد الخبراء أن إثيوبيا تستهدف من المشروع الجديد بأن تصبح عملاقة إفريقيا، حيث قال حمدي عبد الرحمن حسن، الخبير في الشؤون الإفريقية: إن إثيوبيا أصبحت قادمة تنمويًّا وسياسيًّا ونفوذيًّا ، موضحا: «بينما أصبح سد النهضة حقيقة واقعة شاء من شاء وأبى من أبي على حد تعبير وزير الإعلام الإثيوبي، فإن قطار السدود والمشروعات المائية الكبرى الإثيوبية قد انطلق مسرعًا ولا يستطيع أحد إيقافه». وأضاف: «انشغلت مصر وأشغلتها إثيوبيا بأمور جانبية فنية، مشيرًا إلى أن في الوقت الذي سمعنا أن هذا الأمر تهديد للأمن القومي تركنا النيل العظيم يحبس عنا»، مؤكدًا: «لقد جاءت الأخبار متواترة ليس فقط بالبشرى الإثيوبية الكبرى وهي قرب اكتمال سدها، لكن بتوقيع شركة ساليني امبرجيلو الإيطالية عقدًا بقيمة 2.5 مليار يورو لإنشاء سد إثيوبي جديد مكون من الخرسانة المضغوطة بارتفاع 170 مترًا، ويتسع خزانه لنحو 6 آلاف مليون متر مكعب من المياه». وأكد حمدي من خلال حسابه على الفيس بوك أن «إثيوبيا تهدف إلى أن تصبح عملاق إفريقيا في إنتاج الطاقة الكهرومائية، من خلال هذا المشروع جنبًا إلى جنب مع سد جيبي الثالث الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرًا وكذلك سد النهضة العظيم على النيل الأزرق». وتصدر إثيوبيا بالفعل الكهرباء إلى كل من كينيا والسودان وجيبوتي»، بقيمة أكثر من 50 مليون دولار أمريكي، حيث تصدر إثيوبيا 100 ميجاوات إلى السودان وحوالي 50 ميجاوات إلى جيبوتي. وستصدر إثيوبيا الطاقة إلى كينيا بعد أن يتم الانتهاء من خطوط النقل بين البلدين التي يمكن أن تحمل 2000 ميجاواط، وتسعى أديس أبابا من خلال ذلك إلى رتفع حصيلة النقد الأجنبي للبلاد . توجه إثيوبي لتشييد المزيد خرج رئيس الوزراء الإثيوبي ليعلن عن بدء بناء السد الجديد بعد نهاية ناجحة من المفاوضات الطويلة بين السلطة الإثيوبية للكهرباء وشركة البناء الإيطالية، ساليني، مؤكدًا أن شركة سرفيسي، إحدى المؤسسات المالية الإيطالية التجارية، هي التي ستمول المشروع. وقال هيلي مريم لبرلمان البلاد: هناك رغبة للاستفادة من عدة أنهار لتوليد الطاقة، مشيرًا إلى أنها جزء من خطة تعزيز الصناعة والتصنيع وتحويل اقتصاد إثيوبيا الزراعي إلى اقتصاد صناعي، مؤكدًا أن هذا السد المزمع تشيده سيكون لديه القدرة على توليد الكهرباء. وبحسب الصحافة الإثيوبية تتوخى الخطة الاقتصادية الخمسية الإثيوبية زيادة الإنتاج الكهربائي إلى 17.346 ميجاوات، بينما يغطي سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يوجد تحت الإنشاء والذي سينتج 6 آلاف ميجاوات، يغطي ثلث الخطة، وهو ما استدعى للتوجه نحو تشيد مزيد من الإنشاءات والمشاريع لتغطية الإنتاج المتوقع، حيث وقعت إثيوبيا أيضًا على صفقة ب4 مليار دولار مع الشركة الأمريكية الأيسلندية ريكيافيك للطاقة الحرارية الأرضية، لبناء أول محطة للطاقة التي يديرها القطاع الخاص في البلاد، والطاقة الحرارية الأرضية والتي تنتج ألف ميجاوات آخر.