أطنان من الأسماك والعديد من الكائنات البحرية، تطفو على سطح مدخل خليج السويس، بعد تحول ميناء الزيتيات البترولي ومنطقة الكبانون ومنطقة الشمندورات بخليج السويس إلى مقلب للنفايات العضوية والكيماوية، واختلطت مياه البحر بهذه النفايات، لتكتسي الشواطئ باللون الأسود، مع غياب وتجاهل تام من جهاز شؤون البيئة بالسويس، وسط استغاثات الصيادين وسكان الشواطئ، وتنحصر منطقة التلوث في. يعد ميناء الزيتيات البترولي من أهم الموانئ المصرية لاستقبال كل المواد البترولية الخام وتصنيفاتها من الغاز والبنزين والسولار والبوتاجاز، ويقع في مدخل خليج السويس، ويحيطه عدد كبير من شركات البترول والخزانات والمواسير الممتدة تحت البحر وفوق الأرض، وتحدث عمليات تسريب مستمرة أثناء الشحن والفريغ، مما أدى إلى انتشار بقايا المواد البترولية على مسحة كبيرة في كل الاتجاهات المحيطة بالميناء. الشمندورات.. هي المنطقة التي ترابط بها السفن العابرة لقناة السويس، في انتظار دورها للعبور أو الإبلاغ عن صيانة أو انتظار مؤن للمركب، عن طريق أحد وكلائها، وتستغل المراكب المرابطة والانتظار بالمنطقة في غسيل المراكب وإلقاء مخلفاتها في خليج البحر الأحمر، الذي يتسبب في كارثة بيئية تظهر بشكل واضح بالمنطقة والتي وصلت إلى اختفاء مياه البحر من كثرة المخلفات التي تلقيها المراكب، والتي تتنوع ما بين مخلفات عضوية وصناعية وبترولية وقمامة تختلط معها الأسماك اوالحيوانات البحرية النافقة. منطقة الكبانون.. واحدة من أشهر شواطئ السويس، والأقرب إلى قلب المدينة من باقي شواطئ العين السخنة، كما تعد إحدى علامات السينما المصرية، حيث تم تصوير معظم مشاهد الأفلام المصرية في الستينيات والخمسينيات على هذا الشاطىء؛ إلَّا أن شاطئها أصبح خرابًا، واكتست رماله الصفراء باللون الأسود، وتحولت إلى برك؛ بسبب إلقاء ملايين الامتار المكعبة من مياه الصرف الصحي والصناعي غير المعالج من المناطق السكنية والصناعية المحرومة، في خليج السويس يوميًّا، عبر مصرف يمتد من المناطق المحرومة المطلة على ساحل خليج السويس بمنطقة الادبية والمناطق المحيطة بها إلى البحر مباشرة عند شاطئ الكبانون، مما يدمر الثروة السمكية فى خليج السويس ويضر بصحة متناولي الأسماك الملوثة، وذلك بعد توقف دام ثلاث سنوات عقب إنشاء محطة معالجة أولية بمشاركة أوربية، إلَّا أنه مع انتهاء المشروع توقفت المحطة عن العمل، وعادت مياه الصرف تتدفق مجددًا في مياه الخليج دون معالجة. ويقول محمد سعفان، أحد الصيادين بالسويس: يواجه نحو 5 آلاف من صغار الصيادين محنة شديدة، بعد أن تم حصرهم للصيد في منطقة الخليج وممنوع اقترابهم من قناة السويس أو الدخول في عرض البحر، الأمر الذي يهددهم بتشريد أسرهم لحصرهم في منطقة ملوثة، فضلًا عن تجاهل شكواهم المستمرة من الجهات كافة في الدولة. وأضاف بكري أبو الحسن، نقيب الصيادين بالسويس، أن التلوث امتد إلى الخليج بأكمله؛ بسبب مواصلة إلقاء مياه الصرف به، وهي الكارثة الأكبر بعد تجاهل مسؤولي محطة الأدبية قرارات وزير البيئة، الأمر الذي تسبب في نفوق الأسماك والكائنات الحية، مشيرًا إلى أن عدم تشغيل محطة الصرف الجديدة زاد من حجم الأزمة، مؤكدًا أن محطة الصرف الصحي بالأدبية عادت من جديد لصرف آلاف الأمتار اليومية من الصرف الصحي والكيماوي الخاص بالمصانع في الخليج، متجاهلين الغرامة المالية التي وصلت إلى 16 مليون جنيه، ورغم كل التحذيرات فقد تسببت محطة الصرف في تلوث بيئي خطير يحدث مجددًا بخليج السويس، فضلًا عن عدم الرقابة على المراكب والسفن المرابطة في الشمندورات. فيما تقول الدكتورة منال محمد، أستاذة العلوم بمعهد علوم البحار والمصايد بالسويس: إن ناقلات البترول وسفن الشحن والنقل الأخرى أحد أهم مصادر تلوث مصايد الخليج، حيث يمر معظم البترول المنقول بحرًا من منطقة الخليج العربي عبر البحر الأحمر ثم خليج السويس، مارًّا بقناة السويس والبحر المتوسط في طريقه إلى موانئ التفريغ، مما يلوث مياه الخليج نتيجة التشغيل العادي لهذه الناقلات والسفن، أو نتيجة للحوادث التي ينشأ عنها تلوث بترولي شديد، يسبب أضرارًا بيئية بالغة الضرر للمصايد، ويمكن تصور حجم الملوثات التي تحدثها حركة النقل البحري من المتوسط السنوي لعدد السفن التي تعبر الخليج، والتي تقدر بحوالي 18 ألفًا و500 سفينة إجمالي حمولتها 425 مليون طن، فضلًا عن مصادر الملوثات الأخرى، التي تسببها مصارف الصرف الصناعي والصحي غير المعالج. وتابعت أن هناك عدة حوادث بحرية شهدها الخليج خلال السنوات الأخيرة، ما بين تصادم وجنوح وغرق، تسببت في تلويث مياه الخليج، أما بالنسبة للتلوث البترولي من المصادر الأرضية، فمصدره المنشآت البترولية الساحلية المقامة على شواطئ الخليج؛ مثل معامل تكرير البترول وموانئ البترول في السويس والعين السخنة ومنشآت بتروجاز ومرسى خط سوميد، الذي يستقبل الزيت الخام من منطقة العين السخنة بالخليج ليعاد شحنه. وأكد أن كمية مياه الصرف الصحي التي تصرف في خليج السويس تقدر بأكثر من 100 ألف متر مكعب يوميًّا، تحتوي على المياه والفضلات التي تتجمع نتيجة الاستخدامات المنزلية والآدمية والمياه المستخدمة في غسل الطرق، وبعض الورش والجراجات ومحطات البنزين، وأيضًا بعض المصانع التي تلقي بمخلفاتها في شبكات الصرف الصحي مثل مصانع الأسمدة، كذلك الصرف الصحي للسفن العابرة والمنتظرة دورها في العبور في منطقة الانتظار في الخليج، وبعض المنشآت السياحية، ولاحتواء مياه الصرف على الكثير من المواد العضوية، فإن عملية تحللها تستهلك كميات من الأكسجين الذائب في مياه الخليج. وأوضح أنه مع زيادة معدلات استهلاك الأكسجين، نتيجة لتجاوز طاقة الحمل للمياه، تقل كميات الأكسجين اللازمة لحياة العناصر الحية في البيئة المائية، مما يؤدي إلى هلاكها، مطالبًا يتفعيل وتنفيذ القانون، كونهم يحذرون ويناشدون المسؤولين بوقف التلوث لكن دون أي جدوى. من جانبه قال اللواء أحمد حلمي الهياتمي، محافظ السويس: إنه تفقد منطقة الكبانون الجديدة بحي عتاقة، وقرر تشكيل لجنة من حي عتاقة والإسكان والصرف الصحي؛ لإعداد تقرير عن عدم تشغيل محطة الرفع الخاصة بالصرف الصحى لربط المنطقة على شبكة الصرف الرئيسة، وعرضه على المستشار القانوني والإدارة القانونية في المحافظة؛ لاتخاذ القرار المناسب لحل المشكلة.