تتواصل الاشتباكات الدامية في الغوطة الشرقية بين عناصر ما يسمى بجيش الاسلام المدعوم سعوديًّا من جهة وفيلق الرحمن وجيش الفسطاط المدعوم قطريًّا من جهة أخرى، حيث اقتحم مسلحو جيش الإسلام بلدة مديرا التي يسيطر عليها فيلق الرحمن، الأمر الذي أدى لسقوط العديد من المدنيين في الاشتباكات، بالإضافة لاعترافات أتت من داخل الفصائل المعارضة نفسها تؤكد سقوط نحو 350 شخصًا من الطرفين. خلافات عارمة تجتاح الفصائل المسلحة تجددت الاشتباكات بين الفصائل السورية التي تدعي الصبغة الدينية كجيش الإسلام وفيلق الرحمن، على الرغم من طرح 24 فصيلًا ينتمون إلى ما يُسمَّى بالجيش السوري الحر مبادرة من عشرة بنود، قيل إنها جاءت لإنهاء الاقتتال بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، من أهم نقاطها وقف إطلاق النار، وإنهاء الأعمال العسكرية، وفتح الطرقات، ورفع الحصار، وعودة الفصائل المسلحة إلى جبهات القتال، وإخلاء سبيل الموقوفين من الطرفين على خلفية الأحداث الأخيرة، وإحالة كافة القضايا إلى لجنة قضائية تحدد آلية تشكيلها اللجنة الضامنة من الفصائل، ودعوة كل من جيش الإسلام وفيلق الرحمن لإصدار تعهد مكتوب وموقع من قائد كل من الفصيلين بالالتزام بحكم اللجنة القضائية بكافة المظالم السابقة التي يدعيها كل فصيل ضد الآخر، ووقف التجييش الإعلامي والديني من الطرفين فورًا، في إشارة إلى البيان الذي أصدره جيش الفسطاط المكون من عدة فصائل، أبرزها "جبهة النصرة، فجر الأمة، أحرار الشام"، الثلاثاء الماضي، وأوضح فيه موقفه من الاقتتال الدائر بين الفصائل السورية المسلحة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، واصفًا جيش الإسلام ب "الفئة الباغية". واتهم البيان جيش الإسلام بضرب الفصائل والمجموعات الصغيرة تحت دعاوى حرب المفسدين والدواعش وابتزاز بعضها، كما حدث مع فصائل القطاع الجنوبي، فاضطرت لمبايعته بعد اعتقال بعض قياداتها وتهديدهم والسيطرة على سلاحهم ومقدراتهم، مستغلًّا الحصار وحاجتهم للدعم. وأضاف البيان "ممارسة الإرهاب والتعذيب في المعتقلات سيئة السمعة والصيت لدى جيش الإسلام كالتوبة والباطون والكهف وغيرها من الأفرع التي غدت ترعب المسلمين في الغوطة". وختم بيان جيش الفسطاط بمساندته لتحركات حليفه فيلق الرحمن بقوله إن رد فيلق الرحمن لبغي جيش الإسلام شرعي لا لبس فيه، ويجب على الجميع الوقوف إلى جانبه ونصرته؛ حتى يرد الظالم عن بغيه. الجدير بالذكر أن فيلق الرحمن أصدر الأربعاء بيانًا قال فيه إن هدفه من الاقتتال الدائر في الغوطة الشرقية هو الضغط على جيش الإسلام للامتثال للقضاء وتسليم المتهمين من عناصره بقضايا الاغتيالات التي حصلت سابقًا بالغوطة، كما نفى فيلق الرحمن أي تنسيق أو عمل مشترك مع جيش الفسطاط ضد جيش الإسلام. في المقابل وجه جيش الإسلام، الذي يضم عشرات الفصائل المسلحة، أبرزها "صقور الشام، لواء جند التوحيد، ولواء الاسلام"، أصابع الاتهام لفيلق الرحمن، واتهمه بأنه من يخترق المناطق والهدن، ولا يبالي بالمبادرات، والتي كان آخرها مبادرة رياض حجاب لوقف إطلاق النار، حيث ضرب بها عرض الحائط، ولم يلتزم بها، فضلا عن الفصائل الأخرى. وكانت مبادرة ما يُسمَّى بالجيش الحر التي تسعى لوقف الاقتتال قد حددت مهلة 24 ساعة لكلا الطرفين للرد على ما جاء ببنود هذه المبادرة، الأمر الذي لم يحدث، حيث لم يصدر أي تعقيب من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" على هذه المبادرة. خلافات قديمة بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن حول المال تداولت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه المتزعم السابق ل "جيش الإسلام" زهران علوش قبل مقتله بأسابيع وهو يتشاجر مع مسؤول "فيلق الرحمن" أبو النصر، ومسؤول "لواء فجر الأمة" أبو خالد الزحطة، وهما يتهمان علوش بالمتاجرة بدماء أهالي الغوطة من خلال الاستيلاء على ملايين الدولارات التي تأتي من الدول الداعمة للجماعات المسلحة في سوريا. https://www.youtube.com/watch?v=hLd_r2uQepw الرعاية السعودية والقطرية للفصائل المسلحة ويبدو أن الخلافات الكبيرة بين السعودية وقطر على تقاسم النفوذ في الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا انعكست على واقع الفصائل السورية المسلحة المرهونة في الأصل للأجندات الخليجية، فالخلاف بين جيش الإسلام المدعوم من المملكة السعودية، وفيلق الرحمن المدعوم من قطر، أظهر وجود تصدع حاد في وجهات النظر بين الرياضوالدوحة، الأمر الذي ترجم في الواقع الميداني السوري على شكل حمامات من الدماء، تستهلك ما تبقى من المخزون البشري في سوريا. ويبدو أنه لا تلوح في الأفق حلول سياسية بين قطر والسعودية؛ لإنهاء الاقتتال بين الفصائل السورية المتناحرة، فقد أشار بيان صدر مؤخرًا عن فيلق الرحمن أن مفاوضات تجري حاليًّا في العاصمة القطريةالدوحة وبرعاية من دولة قطر تحت ما يُسمَّى بمبادرة رياض حجاب موفد المعارضة السورية من الرياض؛ لوقف الاقتتال الحاصل في الغوطة الشرقية، إلا أن الطرفين لم يتوصلا حتى اليوم إلى شيء يذكر. ويرى مراقبون أنه دائمًا ما تقع خلافات بين قطر والسعودية، فالأخيرة تتجه لدعم الفصائل التي تزعم أنها إسلامية لكنها ذات ميول سلفية، بينما تتجه قطر لدعم فصائل تزعم أنها إسلامية لكنها ذات الميول الإخوانية. الجدير بالذكر أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وأوكرانيا عرقلت في الشهر الجاري طلبًا روسيًّا في الأممالمتحدة لإدراج "جيش الإسلام" في قائمة العقوبات الأممية المفروضة على المجموعات الإرهابية.