تتجه السعودية إلى تعويض خسارتها في حرب اليمن فضلًا عن خسائر انخفاض أسعار النفط، الأمر الذي دفع المملكة للبحث عن بدائل لتعويض هذه الخسائر، وهو ما تطلب فتح الباب أمام استثمارات جديدة مع الدول المؤيدة لسياستها، وجاءت السودان على رأس هذه الدول، فقد نالت الخرطوم رضى الحليفة السعودية، بعدما فكت الأولى ارتباطها مع إيران التي تعتبر العدوة اللدودة للمملكة. وصل وزير النفط السعودي، علي النعيمي، إلى السودان، الأربعاء، وقال لدى وصوله العاصمة الخرطوم إن هذه الزيارة هي جزء من تحركاتنا للاستثمار في المنطقة، ووعد بزيادة الاستثمارات في السودان، وأضاف النعيمي: في السودان سنركز على الاستثمار في قطاع التعدين، وخلال الزيارة عقد وزير النفط السعودي لقاء مع الرئيس السوداني، عمر البشير، بحثا خلاله التعاون بين البلدين في مجالات التعدين والاستثمارات المشتركة، ورؤية المملكة 2030 وأهميتها في التنويع الاقتصادي، بما في ذلك الاستثمارات التعدينية. ركزت زيارة وزير النفط السعودي للسودان على مشروع التعدين في البحر الأحمر على طول الحدود البحرية بين البلدين، والذي يهدف إلى استخراج الموارد المعدنية بما فيها الفضة والذهب والزنك والنحاس من البحر الأحمر بحلول عام 2020، حيث يدرس البلدان المطلان على البحر الأحمر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي كيفية استغلال الاحتياطيات المعدنية التي يعتقد أنها موجودة على عمق ألفي متر تحت سطح البحر، وتجمد المشروع وقتها لعدم توفر التقنيات الحديثة للتنقيب، وفي فبراير عام 2012 وقع البلدان على اتفاق يسمح بالتنقيب عن المعادن في المياه الإقليمية المشتركة بقاع البحر الأحمر، في مشروع أطلق عليه "أطلانتس2″، ويقع في منخفض سحيق بالبحر الأحمر على عمق يزيد على 2200 متر من مستوى سطح البحر، وبسُمك يتراوح من 12 – 15 مترًا. في ذات الإطار عقدت اللجنة الدائمة السعودية السودانية المشتركة للاستغلال المشترك للثروة الطبيعية في قاع البحر الأحمر اجتماعًا في الخرطوم، برئاسة وزير النفط السعودي، علي النعيمي، ونظيره السوداني، الصادق الكاروري، حيث قال الأخير إن الزيارة تهدف إلى مناقشة مشروع أطلانتس2 المشترك على طول الحدود بين البلدين، فيما قال المدير العام بوزارة المعادن السودانية، محمد أبو فاطمة، إنه من المتوقع أن يحقق مشروع التعدين المقترح الذي سيشمل الذهب والنحاس والفضة إيرادات تقارب 20 مليار دولار. وأكد وزير النفط السعودي، أن بلاده تتطلع لجني ثمار هذا التعاون، من خلال أعمال اللجنة الدائمة المشتركة بين الجانبين لإدارة عمليات استكشاف واستغلال الخامات المعدنية في البحر الأحمر التي تشكلت في عام 2009، ونتج عن أعمالها منح رخصة لشركة منافع لاستغلال أحد الأعماق الموجودة في المنطقة المشتركة بين البلدين، وهو عمق أطلانتس2 الذي يحتوي على كميات واعدة وكبيرة من مختلف أنواع المعادن الصناعية. الانحياز السوداني للسعودية في العلاقات الدبلوماسية لم يكن وليد الخلافات الإيرانية السعودية الأخيرة والتي نتج عنها قطع الخرطوم لعلاقتها مع طهران وطرد السفير إرضاءً للمملكة السعودية، بل سبقتها العديد من الخطوات المعادية لإيران والتي مثلت تمهيدًا سودانيًّا لأرضية مشتركة مع السعودية على حساب إيران، وقد ظهر هذا التمهيد منذ إغلاق الخرطوم للمراكز الثقافية الإيرانية في سبتمبر عام 2014 بتهمة التبشير بالمذهب الشيعي، وهي الخطوة التي عدها العديد من المراقبين بادرة حسن نية من السودان إلى السعودية. ومنذ طرد السودان لموظفي المراكز الثقافية الإيرانية، شهدت العلاقات بين الخرطوموالرياض قفزات عديدة، كان أبرزها إعلان السودان مشاركتها في عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، ثم قطع السودان علاقتها مع إيران واستدعاء السفير السوداني من طهران إرضاءً للمملكة بعد اندلاع خلافات حادة بين الرياضوطهران على أثر إعدام الأولى للشيخ "نمر باقر النمر"، وهي الأزمة التي ظهر فيها مجددًا انحياز الخرطوم للرياض، ومنذ ذلك الوقت أخذت السعودية على عاتقها تحسين علاقتها مع الخرطوم؛ في محاولة لسد الفراغ الإيراني، وهو ما دفع المملكة إلى عقد العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع الخرطوم، والتي كان أخرها توقيع الرئيس السوداني، عمر البشير، والعاهل السعودي الملك، سلمان بن عبد العزيز، أربع اتفاقيات لتمويل 3 سدود سودانية، هي: كجبار والشريك ودال بشمال السودان، وزراعة مليون فدان، وهي الاتفاقية التي تم توقيعها في نوفمبر الماضي ووصلت قيمتها إلى أكثر من 1.7 مليار دولار.