تسعى العديد من الدول إلى البحث عن بديل لقناة السويس؛ حتى تكون تحت سيطرتها، وكانت الصين آخر هذه الدول، حيث وجهت دعوات إلى شركات الملاحة لاستخدام الممر الشمالي الغربي عبر القطب الشمالي؛ لتقليل مدة الرحلات البحرية بين المحيطين الأطلسي والهادي. يسمى ذلك الطريق «بحر الشمال»، ويربط بين المحيطين الهادي والأطلسي، على طول ساحل القطب الشمالي الروسي من بحر بارنتس، بمحاذاة سيبيريا، إلى الشرق الأقصى، ولا يصل للمحيط الأطلنطي. يقع ذلك الطريق في مياه القطب الشمالي، وكان يعرف باسم الممر الشمالي الشرقي قبل بداية القرن ال20، وهو يقع كاملًا ضمن المنطقة الاقتصادية الروسية. وقال الربان محمد فوزي، رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس: إن إعلان بعض الدول استخدام السفن للعبور من «الممر الشمالي الغربي» المار عبر القطب الشمالي في هذا التوقيت «بروباجندا»، وفرقعة إعلامية هدفها التأثير على قرار هيئة قناة السويس، قبل الإعلان عن الرسوم الجديدة. وأكد فوزي في تصريح خاص ل «البديل» أنه قبل عبور أي سفينة من الممر الشمالي، تستخدم جرافة تمر قبلها لإزالة الثلوج، مشيرًا إلى أن العام الماضي شهد عبور 35 سفينة فقط من الممر الشمالي؛ مما يؤكد أنه مشروع فاشل. وتابع أن مثل هذه الإعلانات تنتشر كل عام، وجاءت في هذا التوقيت قبل أيام من إعلان الرسوم الجديدة، كوسيلة ضغط علينا؛ لتقليل الرسوم للسفن العابرة، مشيرًا إلى أن الهيئة لا تستجيب لمثل هذه الضغوطات، وتنظر دائمًا إلى الصالح العام، وتطلب معلومات من العميل، بناءً عليها تتم دراسة التخفيض من عدمة، مؤكدًا أن الهيئة لا تميز عميلًا عن آخر أو خطًّا ملاحيًّا عن آخر. وقال سمير محمد، صاحب شركة توكيلات ملاحية: لا يستطيع أي توكيل ملاحي المغامرة باستخدام طريق ملاحي جديد، خاصة أنه أكثر المناطق في العالم افتقارًا للخرائط، فضلًا صعوبة المرور من خلاله واحتياج السفن إلى كساحات جليد، وهي كلها أمور توفر في الوقت والمال، لكن خطورتها مرتفعة جدًّا، وتستهلك بدن السفينة بشكل كبير، كذلك هو الحال في طريق رأس الرجاء الصالح، فهو يستهلك بدن السفينة وماكيناتها، وكلها أمور توفر المال في لحظتها، لكن على المستوى العمالي مكلفة للغاية مقارنة بتكاليف العبور في قناة السويس. وقال المستشار أحمد خزيم، خبير اقتصادي: لا يمكن استخدام الممر الشمالي الغربي طوال السنة؛ بسبب تجمده لفترات تصل إلى 5 أو 6 شهور. وأوضح أن تكلفة إذابة الجليد أو تكسيره لتذليل الطرق أمام السفن للعبور من هذا الطريق سترفع تكلفة النقل، فضلًا عن صعوبة تغيير الخطوط الملاحية التي تتطلب تجهيز الموانئ لاستقبال الزيادة بعدد السفن المارة بها. وعن تأثر عائدات قناة السويس التي تعول عليها مصر كأحد أهم مصادر النقد الأجنبي، قال خزيم: إن حصة قناة السويس 10% فقط من حجم التجارة العالمية، كما أن النسبة الأكبر من التجارة الصينية ودول الشرق الأقصى والمتجهة إلى أوروبا لا تمر بها، ورغم الفارق الكبير في معايير الأمن والسلامة بين ذلك الممر وقناة السويس، إلَّا أن الصين لم تتراجع عن دعوة سفن الشحن للمرور عبره، متجاهلة ما يمكن أن تواجهه من مشكلات؛ بسبب غياب البنية التحتية والأضرار التي قد يحدثها الجليد للسفن والطقس المتقلب.