في الوقت الذي يتهافت فيه معظم المسؤولين العرب والمسلمين من رؤساء وأمراء وملوك ووزراء لنيل رضى الكيان الصهيوني، ما زال هناك أشخاص يتمتعون بالإرادة الحرة، ولم يغرهم شبق السلطة وسطوة المال والمصالح، وما يزيد من أهمية الموضوع أن الوزير السويدي المعني بالحديث أبعد ما يكون عن دائرة الصراع مع الكيان الصهيوني. فعلى الرغم من أن أصوله تعود لتركيا، إلا أنه يتمتع بالجنسية السويدية، وعلى عكس الساسة العرب فضًّل محمد قبلان أن يكون صاحب موقف، وألا يلتزم الحياد. موقف الوزير السويدي استقال محمد قبلان وزير الإسكان والتنمية المدنية والتكنولوجيا الجديدة السويدي من منصبه؛ بسبب تشبيهه للإسرائيليين بالنازيين، وأكد قبلان أنه يرفض "أي شكل من أشكال التطرف"، موضحًا أنه "يناضل من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية والحوار"، وأضاف "أعرف من أنا وما فعلته". وتابع قبلان "دعوني أكون واضحًا أن هذه المعلومات والتسريبات لا يمكن اعتبارها كتأكيد نهائي بأنني قمت بشيء خاطئ، وأنا سأواصل العمل بالتزاماتي، وأشعر بدعم قوي من حزبي". تداعيات التصريحات الوزير قبلان يبلغ من العمر 44 عامًا، ناشط مدافع عن البيئة، ومتحدث سابق باسم مجلس المسلمين السويدي، انضم إلى الحكومة السويدية في 2014، وأُجبر على الاستقالة، ففي نهاية الأسبوع الماضي بث قبلان شريط فيديو أدلى فيه بتصريحات مثيرة للجدل حول السياسة الإسرائيلية حيال الفلسطينيين. وفي وقت سابق أثارت تصريحات سابقة له، تعود ل 2009 حول الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ضجة كبيرة، حينها قارن قبلان بين ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وممارسات النازية بحق اليهود في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث جرت ملاحقة البشر المختلفين عن الألمان، وكانوا دائمًا تحت ضغط شرح أسباب أن حياتهم مختلفة كأقليات، وتابع: اليوم الكيان الصهيوني يعامل الفلسطينيين بالطريقة ذاتها التي عومل بها اليهود في الثلاثينيات. وبالرغم من أن قبلان أرسل رسالة للصحف يؤكد فيها أنه يتأسف لطريقة عرض وفهم البعض لتصريحه، إلا أن كل محاولاته لم تُجدِ نفعًا، حيث استنفرت اللوبيات، ووصل الأمر إلى حد اتهام السفير الإسرائيلي إسحاق باخمان لقبلان بمعاداة السامية، مطالبًا ب"تدخل الحكومة السويدية"، ومشددًا على أنه "لا يمكن مقارنة جرائم الإبادة بحق الدفاع عن النفس"، حسب زعمه. يبدو أن رئيس الحكومة السويدية استجاب لهذه الضغوط، فبعيدًا عن الاتهامات التي وجهت لقبلان أيضًا بتناول العشاء مع قوميين متشددين أتراك في يوليو 2015 في السويد، التي رآها محللون بأنها واهية، حاول رئيس الوزراء ستيفان لوفين التعتيم على موضوع الإقالة بتحويلها إلى استقالة وربطها بأسباب مهنية، وليس لأن قبلان انتقد الكيان الصهيوني، حيث أعلن لوفين، في مؤتمر صحفي أمس، عن استلامه استقالة الوزير قبلان، وقبوله بها، وتعيين ببير بولوند وهو من حزب البيئة المتحالف مع الحكومة بديلًا لقبلان الذي ينتمي للحزب نفسه، وقال لوفين: "إن الوزير قبلان قيّم بنفسه عدم إمكانية قيامه بواجباته كوزير، لقد أخذت علمًا بأن الوزير هو رجل يؤمن بالقيم الديمقراطية، وعلى الوزير أن يمثل السويد بدون أن يثير شكوكًا حول ذلك". ويرى مراقبون أن خطوة الإقالة التي قام بها لوفين حاول من خلالها تخفيف حالة الضغط السياسي التي وضع فيها يسار الوسط منذ الكشف عن مواقف الوزير قبلان، والتي استغلها اليمين المتشدد بشكل كبير. مواقف لوزراء سويديين ضد الكيان الصهيوني موقف محمد قبلان كوزير سويدي لم يكن الوحيد المناهض للعدو الإسرائيلي، فوزيرة الخارجية السويدية، مارغوت فالستروم، أحد أبرز وزراء حكومة اليسار السويدية الحالية، أثارت مؤخرًا الكثير من الجدل؛ بسبب مواقفها الجريئة، حيث طالبت بمعاقبة الكيان الصهيوني على ممارساته ضد الفلسطينيين. وانتقدت وزيرة التعاون الإنمائي الدولي السويدية إيزابيلا لوفين في حديث لها خلال نقاش في البرلمان مارس الماضي الكيان الصهيوني، ورفضت ربط المساعدات للفلسطينيين بالتحريض، في سؤال كان قد وجه لها فيما إذا كان من الممكن إنشاء آلية تضمن عدم استخدام الأموال السويدية للمزيد من التحريض، ما دفع الكيان الصهيوني للتنديد بتصريحات الوزيرة السويدية. الجدير ذكره أنه في أكتوبر 2014، كانت السويد أول دولة أوروبية تعترف بدولة فلسطين.