كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته أمس تحت عنوان "الوجه القبيح للعبة الجميلة" أن أكثر من 100 عامل أجنبي يساعدون في بناء ملعب لدورة كأس العالم لكرة القدم في 2022 في قطر عانوا من انتهاكات فاضحة ومنهجية، بما في ذلك العمل القسري، حيث اتهمت منظمة العفو الدولية قطر بإجبار عمال أجانب على العمل. وجاء في التقرير أن العمال في ملعب خليفة الدولي يجبرون على العيش في أماكن قذرة، ويدفعون رسوم استقدام هائلة، كما أن مشغليهم يمنعونهم من الحصول على رواتبهم، ويصادرون جوازات سفرهم. وقال السكرتير العام للمنظمة، ساليل شيتي، إن " كل ما يريده العمال حقهم، سواء الحصول على الرواتب في موعدها ومغادرة البلاد متى أرادوا ذلك، أو أن يلقوا معاملة كريمة ومحترمة". تقرير العفو الدولية جاء بعدما التقت 231 عاملًا غالبيتهم وافدون من جنوب شرق آسيا، 132 منهم يعملون في تشييد ملعب خليفة، و99 في المناطق الخضراء المحيطة بمجمع أسباير الرياضي. وتبين للمنظمة أن موظفي إحدى الشركات الموردة للعمال هددوا بمعاقبة العمال؛ لإجبارهم على العمل، من خلال عدم دفع رواتبهم وتسليمهم للشرطة أو منعهم من مغادرة قطر. وعلقت المنظمة على أن هذه الممارسات ترقى إلى الإجبار على العمل (العمل القسري) بموجب القانون الدولي. وفي تقريرها عن الانتهاكات القطرية للعمال قالت المنظمة إن كل مهاجر التقته أبلغ عن تعرضه لانتهاك ما، كاضطرارهم لدفع رسوم هائلة تصل إلى 4300 دولار إلى شركات العمالة في بلدانهم؛ حتى تسمح لهم بالحصول على عمل والقدوم إلى قطر، والتعرض لخداع حول نوع العمل الذي سيمارسونه والمقابل المادي، والذي أحيانًا ما يكون نصف الراتب المتفق عليه قبل السفر، بالإضافة لتعرضهم للتهديد والترهيب؛ لمنعهم من التقدم بأي شكوى حول ظروف العمل. وأكد أحد عمال المعادن الهنود في ملعب خليفة بأنه تلقى تهديدًا من صاحب العمل عندما اشتكى من عدم حصوله على راتبه لعدة أشهر، كما تحدث بعض عمال نيبال للمنظمة أنهم لم يستطيعوا زيارة عائلاتهم عقب الزلزال الذي ضرب البلاد، إبريل من العام الماضي، وخلف آلاف القتلى وملايين المشردين. وعود قطرية زائفة قطر التي وجهت لها أصابع الاتهام قالت إنها مهتمة بما جاء في التقرير، وستحقق في تلك الادعاءات. وردت الحكومة القطرية بأن وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية ستحقق مع المتعاقدين الذين وردت أسماؤهم في التقرير، وأكدت أن رعاية العمال المهاجرين تمثل "أولوية كبرى"، وأصرت على أنها التزمت بإصلاح منهجي لقوانين العمل في البلاد. ويبدو أن التعهدات القطرية بالإصلاح لن تحمل على محمل الجد، خاصة أن الدوحة كانت قد تعهدت العام الماضي بإجراء تغييرات في نظام الكفالة المعمول به في استقدام العمال الأجانب، والذي لا يسمح للعمال بتغيير الوظيفة أو مغادرة البلاد إلا بموافقة الكفيل، وقتها حذرت العفو الدولية من أن الإصلاحات المقترحة لن تصنع فارقًا كبيرًا، وقالت إن بعض العمال ما زالوا يعيشون كابوسًا. تقرير سابق ينتقد قطر برغم أنها المرة الأولى التي توجه فيها المنظمة الحقوقية اتهامًا محددًا يتعلق بعمال في ورشة للمونديال، إلا أن منظمة العفو الدولية كانت قد اتهمت قطر سابقًا بعدم القيام بشيء لتحسين ظروف العمال الأجانب الذين يعمل معظمهم في مشاريع مرتبطة بتنظيم مونديال كأس العالم، رغم ضغوط دولية وانتقادات واسعة. وكانت منظمة العفو الدولية قد وجهت في مايو 2015 انتقادات لاذعة لظروف العمل في ورش البناء في الملاعب والمنشآت الرياضية. ووفقًا للمنظمة فإن السلطات القطرية لم تتخذ إجراءات لتحسين ظروف عمل آلاف العمال الوافدين. وفي ديسمبر الماضي اتهمت منظمة العفو الدولية دولة قطر باستغلال العمال، معتبرة أن الظاهرة لا تزال متفشية في البلاد رغم بعض الإصلاحات، وقتها قالت المنظمة الحقوقية إن نظام الكفالة في قطر يضع العمال الأجانب تحت رحمة أرباب عملهم، ويمثل الأجانب 94% من قوة العمل في قطر، وتزامنت اتهامات المنظمة مع أخبار تناقلتها وسائل إعلام قطرية عن وفاة عاملي بناء في مشروع بشمال البلاد، من دون تقديم تفاصيل إضافية. فشل الفيفا اتهمت منظمة العفو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "بالفشل التام تقريبًا" في وقف تلك المنافسة القائمة على "انتهاك حقوق الإنسان". ووجه سكرتير منظمة العفو الدولية انتقادًا قاسيًا للفيفا، متهمًا إياه ب "اللامبالاة" بشأن سوء معاملة العمال المهاجرين، وقال إن هذا "وصمة عار على ضمير كرة القدم في العالم". الفيفا اعترف بأنه مسؤول عن ضمان حقوق الإنسان واحترامها أثناء الاستعداد لأي بطولة، لكنه في الوقت نفسه قال إنه ليس مسؤولًا عن "حل جميع المشاكل الاجتماعية" في البلد المضيف لكأس العالم. هذا ومن الممكن أن يغذي تقرير العفو الدولية الأخير الانتقادات الدولية الموجهة لقطر، ويشكل ضغطًا إضافيًّا على الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ورئيسه الجديد الإيطالي السويسري جاني إينفانتينو حول قضايا حقوق الإنسان. جدير بالذكر أنه يوجد في قطر نحو 1.8 مليون عامل أجنبي، يعمل معظمهم في مشاريع مرتبطة ببطولة كأس العالم، كالمنشآت الرياضية ومشاريع البنى التحتية.