أدان النجم الأمريكي داني جلوفر، ضيف شرف مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، اختيار الموضوعات والقضايا التي تنتجها السينما الهوليودية، وقال عن أزمة غياب السينمائيين من ذوي البشرة السمراء في الدورة الأخيرة للأوسكار إن صناعة السينما الأمريكية بها مشاكل كبيرة بالنسبة للسود والآسيويين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية، ليس فقط في فرص وشروط العمل، ولكن أيضًا في مصداقية اختيار 5 ترشيحات من صناعة تقدم أكثر من 300 فيلم في العام. وأضاف، خلال مؤتمر صحفي بساحة معبد الأقصر، أن المشكلة الأهم هي غياب الأفلام التي تتصدي للتعبير عن قضاياهم (السود والآسيويين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية) وما يعيشونه؛ فهي قصص لا تروى، ولا تجد من يتحمس لها من المنتجين؛ مما يثير التساؤل حول: من يحدد ما هي القصص التي تروى في تلك الأفلام. ولفت جولفر إلى أن «مسألة تحديد القصص والقضايا التي تتناولها الأفلام تكمن في التأثير الكبير للسينما الأمريكية عالميًّا، حيث تمثل عوائد إيرادات الأفلام الكبرى من الخارج ضعف أو أكثر ما تحققه في داخل أمريكا»، وأوضح أنه في المقابل تغيب عن هذه الأفلام قصصنا الإنسانية في حياتنا اليومية، فنجد أفلامًا ضخمة تعتمد على التكنولوجيا والجرافيك والإبهار، ولا تخبرنا أي شيء عن أنفسنا، حيث يغيب ما نحتاجه من قصص إنسانية تعبر عنا. وعن علاقته بالسينما الإفريقية قال إنه قدم 8 أفلام كممثل مع مخرجين أفارقة، وتولت شركته إنتاج بعضها، بدءًا بفيلم «مانديلا». وإذا أتيحت الفرصة، فإنه يرحب بتقديم فيلم في مصر، كما تربطه علاقة صداقة بعدد من المخرجين الأفارقة، منهم المخرج الأثيوبي هايلي جريما، منذ كان الأخير يدرس السينما في كاليفورنيا، وأشار إلى أن أفلامه تتميز بالتركيز على التراث الإثيوبي، وتحمل الكثير من العمق وإعلاء الضمير الإنساني، كما أنه قدم مع المخرج فلورا جوميز فيلم «جمهورية الأطفال»، الذي افتُتِح به مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية قبل عامين، وكان المشاركة الأولى لداني جلوفر، وفيلم «باماكو» الذي أنتجه للمخرج عبد الرحمن سيساكو، وفيه تجري محاكمة رمزية للبنك الدولي، أحد أهم أسباب دمار اقتصاديات ومعاناة وديون عدد كبير من الدول الإفريقية والعالم الثالث. وعبر جلوفر عن إعجابه بأفلام «العظيم يوسف شاهين» وفق تعبيره، واستشهد بها كنموذج للقصص التي نحتاج أن نرويها في إعادة قراءة تاريخنا والتحديات التي تواجه مجتمعاتنا، وقال إنه استطاع في فيلمه «المهاجر» أن يقدم – بتصرف – قراءته الخاصة لقصة النبي يوسف عليه السلام، بعيدًا عن الرؤى الغربية. وفي فيلم «المصير» كان حكيمًا حين استشرف ما يحدث حاليًّا من صعود لتيارات التطرف الديني من خلال إعادة قراءة التاريخ في عصر الفيلسوف ابن رشد. وقال النجم الأمريكي إن السينمائيين الأفارقة مطالبون بتحمل مسؤلياتهم والإيمان بوحدة إفريقيا والتعاون معًا واستغلال التطور التكنولوجي؛ لتحقيق المزيد من التواصل والإنتاج المشترك، الذي يخدم قضايا قارة إفريقيا، ولا يكفي أن نبني للمستقبل، بل يجب الحفاظ على الذاكرة أيضًا، وتبني القضايا الإنسانية المشتركة، مثل علاقتنا مع كوكبنا الهش الأرض. وأضاف «هنا في الشرق نتحدث عن أكثر من 5 آلاف عام من الحضارة الإنسانية في العراق ومصر، تعلمنا فيه الزراعة والصناعة، وكيف تبني الحضارة»، وتابع جلوفر «وفي عصرنا الحالي ومنذ 200 عام فقط دمرنا بالحروب والصراعات الكبيرة الكثير من موروثنا الحضاري الإنساني وعلينا أن نتصدي لذلك». وعن دوره كناشط سياسي واجتماعي قال إنه قبل 50 عامًا كان يدرس الاقتصاد والسياسة، وتأثر بشكل كبير بحركة التحرر في إفريقيا وأفكار روادها العظام، ولا تزال تشكل رؤيته للعالم، ولا يزال يحلم باعادة تشكيل الواقع، ويسترشد بمقولة المهاتما غاندي «يجب أن نكون نحن التغيير الذي نريده في العالم». يشار إلى أن مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية قد استقبل جلوفر عند وصوله للمطار ب «زفة بلدي» بالرقصات الشعبية والحناطير، وأن جلوفر حرص علي الحضور للمهرجان دون أي مقابل مادي كضيف شرف لهذه الدورة فور انتهائه من تصوير مشاهد فيلمه الجديد في بلغاريا.