استمرارًا للانتهاكات الإسرائيلية اليومية التي تجري على الأراضي الفلسطينية، أشعل مستوطنون النيران في منزل الشاهد الوحيد على جريمة حرق عائلة الدوابشة؛ وذلك طمسًا للحقائق، وإمعانًا على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، لا سيما في ظل عدم محاكمة مرتكبي الجريمة الأولى، وهو ما يُعَدُّ دعمًا وتأييدًا من حكومة الاحتلال لهذه الجرائم الإرهابية. وأحرق المستوطنون منزل الشاب إبراهيم محمد دوابشة، بعد تحطيم إحدى نوافذه وإلقاء زجاجات حارقة، قبل أن يستيقظ وقت الاعتداء، وينجو وزوجته بأنفسهما. وشهد إبراهيم جريمة حرق المستوطنين لعائلة الدوابشة، حيث كان قد استيقظ وقتها، وسارع لمحاولة إخماد النيران وإنقاذ العائلة، لكنه فشل في ذلك. وكان متطرفون يهود قد أضرموا النار في منزل عائلة سعد دوابشة في يوليو الماضي؛ مما أدى إلى احتراق رضيع يبلغ من العمر 18 شهرًا حيًّا، بينما استشهد والداه بعد أسابيع، متأثرين بحروق خطيرة أصيبا بها. محكمة الاحتلال تحاول تبرئة المستوطنين وبعد الجريمة الثانية لم تستدعِ محكمة الاحتلال الشاب إبراهيم أو غيره لأخذ أقوالهم حول مجرياتها، بالرغم من معرفة المعتدين المستوطنين في حرق عائلة دوابشة خلال المرة الأولى، والذين قد يكونون متورطين في الحادث الثاني لطمس الحقيقية، علمًا بأن إبراهيم استُدعِيَ من قبل المخابرات الإسرائيلية لأكثر من مرة، وأجريت تحقيقات واسعة معه. لكن لا يبدو أن أحدًا يتوقع أن المحكمة والقضاء الإسرائيلي سينصفان الحقيقة، لا سيما مع تأجيلات المحكمة الكثيرة وإحضار تقارير طبية للدفاع عن المتهمين بأنهم يعانون أمراضًا نفسية وعقلية كما حدث مع الشهيد محمد أبو خضير، وهو الأمر الذي يراه أهالى عائلة الدوابشة لا فائدة منه، مؤكدين أنهم أعدوا ملفًّا خاصًّا لرفعه لمحكمة الجنايات الدولية؛ لإدانة الاحتلال الذي اتهموه بأنه يدعم الإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين. وفي أغلب هذه القضايا الإرهابية ينحاز قضاء الاحتلال الإسرائيلي إلى المستوطنين ضد الفلسطينيين، وفي نهاية القضية يتم إصدار العفو عن المستوطنين؛ بحجة أن القضاء الصهيوني لا ينفذ عقوبات جماعية بحقهم، في قضايا كهدم منازل العائلة أو إحراقها. لم تكن قضية محاكمة قتلة عائلة الدوابشة الأولى من نوعها التي يتنصل منها الاحتلال الصهيوني، ويعمل على تبرئة الجاني، ففي يوليو من العام قبل الماضي حدثت جريمة حرق الطفل محمد أبو خضير؛ في دليل آخر على عنصرية هذا الكيان الذي بدوره يوجه إشارات إيحابية لمثل هذه القضايا الإرهابية، حيث امتنعت المحكمة الإسرائيلية المركزية في القدسالمحتلة عن إدانة المتهم الرئيسي بالجريمة التي نفّذها مستوطنون متطرفون ثلاثة بحق الفتى أبو خضير، بعدما قاموا بخطفه وتعذيبه وقتله حرقا، ورمي جثته في إحدى الغابات. ولا تُعد قرارات المحكمة مجرد تواطؤ لتبرئة المجرم، بل تمثل استمرارًا لما دأبت عليه السلطات القضائية الإسرائيلية من إيجاد للمخارج والحجج لإنزال أخف العقوبات، أو حتى التبرئة وتسهيل الإفلات من العقاب بحق المستوطنين والمتطرفين الذين يمارسون أبشع مظاهر العنصرية والتطرف ضد الفلسطينيين. وفي نفس السياق يفرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حظرًا على نشر أي معلومات تتعلق بتفاصيل حرق منزل الشاهد الوحيد في جريمة عائلة دوابشة؛ وذلك خوفًا من إظهار الحقائق التي قد تفضح الكيان الصهيوني أمام العالم. ونقل موقع "واللا" العبري عن جهاز الشاباك قوله إن حظر النشر يأتي لأسباب تتعلق بأمن الدولة. الاحتلال يضغط ويهدد بتكرار المجزرة تستدعي المخابرات الإسرائيلية الشاهد إبراهيم باستمرار؛ لإجراء تحقيقات معه تخص قضية الدوابشة، بعيدًا عن المحكمة المختصة بالقضية. وعلى الرغم من شهادة إبراهيم التي أكدت تورط مستوطنين في الحادث، إلا أنه حتى الآن لم تصدر المحكمة أي أمر بذلك. وتقول صحفية "المركز الفلسطيني للإعلام"، نقلًا عن زوجة المواطن إبراهيم، إن زوجها يتعرض لضغوطات كثيرة، منها تحذيرات من مخابرات الاحتلال؛ لكونه الشاهد الوحيد على المجزرة، كما أفادت أن العائلة منذ ثلاثة أيام تسمع أصوات وحركات غريبة حول المنزل، وتعيش في توتر بسبب ذلك. وفي هذا السياق أفاد غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في الضفة المحتلة، أن إحراق منزل إبراهيم دوابشة تم بنفس الطريقة والأسلوب والمواد الحارقة المستعملة وطريقة سكبها واشتعالها داخل منزل عائلة سعد دوابشة، وهو ما يعد تكرارًا للجريمة بحق عائلة أخرى، كان يمكن أن تساعد على إظهار الحقيقة. من جانبه يقول الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إن نتنياهو ووزراءه من المستوطنين يتحملون المسؤولية القانونية والأخلاقية عن جريمة إحراق بيت الشاهد الوحيد على جريمة حرق عائلة الدوابشة في قرية دوما الواقعة بمحافظة نابلس. وأضاف أنه رغم بشاعة الجريمة الأولى ضد عائلة دوابشة ورغم تكرر جرائم المستعمرين الإسرائيليين، واصلت حكومة نتنياهو تشجيع التوسع الاستيطاني ودعم المستوطنين، بما في ذلك التغطية على جرائمهم.