ظهرت خلال اليومين الماضيين مؤشرات كثيرة تؤكد قرب حسم ملف الرئاسة الفلسطينية، وكثر الحديث عن خليفة عباس القادم، لاسيما أن الأخير غاب عن المشهد خلال الفترة الأخيرة، وصرح بعدم رغبته في الاستمرار بالمنصب. وعلى ضوء فشل استراتيجية عباس السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، التي يتبني فيها توجهًا سياسيًا مبنيًا على تسوية الصراع مع إسرائيل عبر المفاوضات بعيدا عن خيار المقاومة المسلحة، أكدت نتائج استطلاع رأي جرى مؤخرا أن 65% من الفلسطينيين يطالبون باستقالة عباس. كان واضح خلال الشهور الماضية أن عباس يعيد ترتيب المشهد السياسي لصالح بعض الشخصيات القريبة منه، ليصبح أحدهم خليفة له، الأمر الذي أحدث عدة أزمات في المشهد الفلسطيني خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد إقالة أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، يوليو الماضي، وتعيين كبير المفاوضين صائب عريقات بدلًا منه في المنصب، فضلا عن الحجز على مؤسسة يترأسها رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض؛ لإبعاده عن المشهد السياسي، ما عزز نفوذ عريقات. ومع تصاعد الحديث عن خليفة عباس البالغ من العمر 81 عاما، طرح الكثير عدة تساؤلات حول موقف الدول العربية من الشخصيات المحتمل وصولها للمنصب، وأكدت بعض المؤشرات والمعلومات أن هناك تفضيلا لدى بعض الدول العربية الإقليمية مثل مصر والسعودية والإمارت أن يكون القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان الرئيس القادم لفلسطين، لاسيما أنه خلال الفترة الأخيرة، حاول العودة للمشهد الفلسطيني بسعيه الحثيث لإيجاد مكان له في الملفات العالقة؛ وعبر توجيه رسائل عدة من خلال زيارته إلى القاهرة ودبي، تكمن في إظهار قوة العلاقة مع الإدارة المصرية والإماراتية، الأمر الذي رجحه متابعون بأنه قد يكون مؤشرًا قويًا على رغبة هذه الدول في صعود دحلان للمشهد بعد رحيل محمود عباس. وفي السياق، قالت صحيفة «ذا سيتيزين» الهندية الثلاثاء الماضي، إن هناك علاقات واسعة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، مؤكدة أن الأول يعمل الآن على تمهيد الطريق لمحمد دحلان من أجل خلافة محمود عباس. وتطرقت الصحيفة لتاريخ دحلان، موضحة أنه بعد توقيع اتفاق أوسلو في واشنطن عام 1993، اختاره الأمريكان لرئاسة جهاز الأمن الوقائي في غزة، وبتدريب وتسليح وتمويل أمريكي أصبحت قوة حركة فتح 20 ألف شخص، الأمر الذي جعل دحلان واحدا من أبرز القادة الفلسطينيين، مضيفة أن الولاياتالمتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي يودون أن يروا دحلان رئيسا للسلطة الفلسطينية بدلا من عباس. وفي الإطار ذاته، هناك شخصية أخرى لمع نجمها لدى أمريكا والكيان الصهيوني هو رئيس المخابرات الفلطسينية، ماجد فرج، الذي ولد في عام 1962، وكذلك تحظى شخصية سلام فياض، رئيس وزراء فلسطين السابق، بقدر من الثقة لدى حركة فتح، الأمر الذي أيقنه عباس منذ فترة، لذا عمل على إبعاده باعتباره تهديد محتمل لحكمه. شخصية أخرى يتم تدوال اسمها على نطاق واسع بين المقاومين ومحتمل أن يكون الرئيس القادم، وهو الأسير مروان البرغوثي البالغ من العمر 56 عاما، الذي يلقب بمانديلا فلسطين؛ بسبب الفترة الطويلة التي قضاها في السجون الإسرائيلية، وجهوده لتحقيق الوحدة بين حماس وفتح، كما يعتبر البرغوثي الزعيم الوحيد من حركة فتح الذي يتصدر أغلب استطلاعات الرأي، وقال صائب عريقات عنه لإذاعة دويتشه فيله الألمانية الشهر الماضي، إنه سيدعمه إذ ترشح للرئاسة، ويرى الكثير من السياسيين في حركة فتح، أن البرغوثي تجربة قريبة من التجربة الجنوب إفريقي بقيادة مانديلا الذي قاد معركة النضال ضد العنصرية.