المشهد الفلسطينى يزداد ضبابية مع الوقت، فلا يكفى أنه لا سلام، ولا حتى مؤشرات قريبة لعودته، وفشل المصالحة بكبر حماس، والتعنت الإسرائيلى المحترف، والتراجع الأمريكى، والإيجابية الأوروبية على الورق فقط .. بل أضيفت للمشهد رتوش جديدة مع تردد العديد من الأسماء المتصارعة من بعيد لبعيد، حتى الآن على الأقل، على خلافة الرئيس محمود عباس »أبو مازن«، خاصة أنه الأسبوع الماضى فقط، كانت قد ضمت هذه القائمة 7 أسماء. أبرزها مروان البرغوثى السجين فى السجون الإسرائيلية منذ 5 سنوات وأمين سر حركة فتح الذى ينال المساندة الشعبية خاصة لموقفه الصعب الآن، وصائب عريقات كبير المفاوضين الذى نال المساندة السياسية من أبومازن نفسه، وبعدهما بمسافة تظهر من بعيد أسماء مثل محمد دحلان الذى عاد للظهور فجأة مرة أخرى بعد أن أصر أبومازن على عدم ترشيح نفسه مرة أخرى، وجبريل الرجوب القائد الأمنى السابق ورئيس اتحاد كرة القدم حالياً، بخلاف ماهر أبوغنيم أمين سر اللجنة المركزية الذى كان من المفروض أنه الأقرب بعد عباس، لكنه يرفض ذلك خاصة أن الضغوط السياسية تحاصره، وهو نفسه يشعر بأنه يفتقد للكاريزما وصادق مع نفسه أكثر من آخرين يتلاعب الطموح السياسى بهم، ومن بعيد جداً يناور سلام فياض رئيس الوزراء الحالى من حين لآخر، خاصة أن موقعه الحركى لا يفيده!. فى المقابل، وبعيدا عن هذا الصراع الذى بدأ يتبلور، يجب أن نشير إلى الأحاديث التى تتردد فى الأروقة الفلسطينية حول إمكانية اللجوء إلى القيادة الجماعية من خلال لجنة مختارة، تقود فى هذه الفترة الانتقالية خاصة بعد الاتهامات التى تحاصر السلطة بعدم شرعية أبومازن بعد أن تعنتت حماس ورفضت إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى موعدها، لنصل إلى هذه الحالة التى خططت لها لتشغل الواقع الفلسطينى بها، حتى لا يتحدثوا لفترة ما عن المصالحة التى تعطلها حماس .. فيما تضم هذه القيادة الجماعية شخصيات ثلاث مقترحة هم أبوغنيم وعريقات والبرغوثى، بالإضافة إلى لجنة من الفصائل الفلسطينية والمستقلين من بينهم مصطفى البرغوثى وحنان عشراوى ويزيد الخالدى وأكرم الحرانى كمرحلة انتقالية للإشراف على انتخابات فلسطينية لاختيار رئيس للسلطة. وحملت ترددات الأسماء بعض النية الخبيثة من جهات بعينها، حيث أصرت حماس على أن تتضمن صفقة تبادل الأسرى المنتظرة اسم البرغوثى لإرباك فتح، بعدما تزايدت النقاشات حول بديل أبومازن خاصة أن البرغوثى لديه من الشعبية الكبيرة التى تحيط بأحلام الجميع، وبالطبع كان لإسرائيل أن تلعب فى هذا النطاق حتى إنها لقبت البرغوثى بفخامة الرئيس المسجون، ومن جانبه قال البرغوثى من داخل سجن »نفحة« الإسرائيلى إنه بالفعل ينوى ترشيح نفسه لو خرج بين أسرى هذه الصفقة، بعد الوصول إلى موعد توافقى لإجراء الانتخابات بعد تأجيلها، ومن المقرر أن يعقد المجلس المركزى الفلسطينى اجتماعا استثنائيا فى رام الله خلال أيام لبحث اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة فى ضوء التأجيل التى كان مقررا إجراؤها 24 يناير. فيما كان مفاجئا للبعض أن يستغل دحلان الموقف ليردد اسمه بين المتنافسين على خلافة عباس، لكن المقربين منه يدركون أنه كان دائما يطمح إلى ذلك، فقال إن فتح قادرة على تسيير نفسها بعد أبومازن، مما أثار ضجة داخلية اضطر على أثرها أن يعطل خططه، متراجعا بقوله أنه لا ينوى ترشيح نفسه، حيث أعلن النائب محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لفتح لن يكون منافسا لعباس، وقال إن أبومازن مرشح الحركة الوحيد والذى لن ينافسه أحد من فتح، وهذا هو البند والقرار الأول فى اللجنة المركزية لحركة فتح فى إطار السعى لأن ننجز الانتخابات ونذهب إليها موحدين بقرار موحد، ولكن إذا رفض الرئيس الفلسطينى ذلك وأصر على موقفه فإن حركة فتح ستجتمع وتعلن وتقر موقفها وتجمع على شخص من اللجنة المركزية لأن المسيرة ستستمر، فقد قادها الرئيس أبوعمار واستشهد والرئيس عباس سيمضى. ورغم اشتعال الصراع من وقت لآخر وارتفاع شعبية البرغوثى وترديد الأسماء المذكورة فى الشارع الفلسطينى، إلا أن أحدث استطلاع فلسطينى كشف عن أن 47٪ سينتخبون مرشح فتح إذا جرت الانتخابات الأسبوع المقبل، مقابل 8 ٪ لمرشح حماس و12٪ لمرشحين آخرين، فى حين سيمتنع 33 ٪ عن المشاركة أو التصويت. وحول شعبية الشخصيات القيادية الفلسطينية، جاء »أبو مازن« أولا ب 38 ٪، تلاه البرغوثى ب 14٪، ثم رئيس الحكومة المقالة فى غزة إسماعيل هنية 12٪، ورئيس الوزراء د.سلام فياض 7٪، ورئيس المبادرة الفلسطينية د.مصطفى البرغوثى 7٪، بينما دحلان لم يتجاوز ال 5٪ ومشعل 2 ٪ وقيادات أخرى 3 ٪. وبالتالى فإن عريقات الذى يقدمه أبومازن كخليفة له لا يجد أى ثقة من الشارع الفلسطينى، ويحتاج لو أراد أن يكمل الطريق الذى رسمه له أبومازن الكثير جدا من الجهد، وبالطبع فإن الفرصة ضائعة تماما من أبو غنيم ورجوب . ومن ناحيته أكد أبومازن أن إصراره على عدم الترشيح لا يعد مناورة ولا تمثيلا، وشدد على رفض كل الفصائل الفلسطينية إجراء الانتخابات فى الضفة فقط، مشيرا إلى أن كل القوى ستعمل على حل الفراغ الدستورى الذى يطارد الفلسطينيين الآن بسبب حماس، والتى لايهمها إلا الأجندات الخارجية، بعيدا عن المصلحة الفلسطينية. وكان ملاحظا جدا خلال الفترة الأخيرة منذ أن أعلن أبومازن فى خطابه التاريخى عن عدم ترشيح نفسه، كل قادة فتح يتعمدون رفض الخوض فى الحديث عن خليفة أبومازن رئيس السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح. وكان الرد يأتى دوما بأن الحديث فى هذه القضية سابق لأوانه وأن فتح لن تتخلى عن أبومازن الذى سيبقى مرشحها الوحيد كما جاء فى أكثر من بيان للجنة المركزية للحركة، وكذلك للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. غير أن دحلان خرج عن الخطاب العام ليؤكد أن فتح قادرة على إيجاد البديل لقائدها إذا ما تمسك أبومازن بموقفه الرافض للترشح لولاية ثانية، تحت أى ظرف من الظروف ولن تنتحر فتح جماعيا. فيما ترددت أسماء أخرى مثل ناصر القدوة عضو اللجنة المركزية للحركة رغم أن أبومازن لا يريد ذلك، ويتطلع إلى ترشيحه رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فى إشارة واضحة لنيته الفصل بين صلاحيات رئيس السلطة والمنظمة.. لكن من ناحية أخرى لايزال عريقات الاسم الأعلى فتحاويا ورسميا خاصة مع مساندة أبومازن له رغم أنه لم يعلق بشكل مباشر على ذلك، إلا أن عباس جاهر بها للمقربين منه بقوله إنه يعتزم ترشيح صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات فى منظمة التحرير، لرئاسة السلطة الفلسطينية فى الانتخابات المقبلة. وكانت أوساط فى حركة فتح قالت إن أعضاء فى مركزية فتح يرغبون بترشيح أنفسهم لرئاسة السلطة إذا أصر عباس على عدم الترشح للرئاسة، إلى جانب عضويته فى اللجنة المركزية لفتح. ويرى عباس وفق المصادر أن المرشح للرئاسة سيكون من أعضاء مركزية فتح إلى جانب عضويته فى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.