"الانسان العربي محاصر بين تيار العولمة، وتيار الأصولية. فكيف يوفق بين الاثنين؟ هل يصلي على الانترنت؟ " هكذا يتساءل محمد الماغوط ويتأمل ويتعجب. وكان الماغوط قد وصف حاله قائلا:"لقد مللت الالتزام بآداب المائدة وآداب الجلوس وآداب المحادثة وقواعد المرور وقواعد اللغة .. لقد مللت الصواب ، واشتقت...للخطأ!!" ترى هل أصبح الصواب مملا للدرجة دي؟ ربما .. وأنت أدرى! ".. ولم يغير على مدى عمره القصير شيئا من مسلكه أو مظهره" بهذه الكلمات يصف العزيز بهاء طاهر صديقه وابن قريته (الكرنك) الكاتب المتميز يحيى الطاهر عبد الله. ثم يقول عنه بأنه "الرفض الكامل للتأقلم، والدخول في القوالب الجاهزة، وذلك الحرص، بل الايمان، بالحرية الداخلية : بألا يكون الانسان شيئا آخر غير نفسه الحقيقية." نعم هذا هو الاختيار وأيضا الاختبار والمقياس والمعيار. ترى كم ممن تعرفهم اختاروا هذا الطريق الصعب..؟؟ وأكيد تردد على مسامعك في السنوات الأخيرة التنبيه اياه " خش ع الانترنت واتفرج" . انه التحذير والانذار والولولة بانك ستصدم ويصيبك الفزع بما ستراه وتقرأه . كما انه التعميم والتهويل بأن الانترنت وسنينه .. وشروره هم وراء كل كارثة أو مصيبة تحدث الآن في دنيانا. شماعة الانترنت أو شماعة الفيسبوك – هي المبرر أو المفسر. فاكرين شماعة التلفزيون والحفلات الصباحية لدور السينما. لكل زمن شماعته! ××××××××××××× وبالطبع لم يعد سرا – بل واقعا حيا وصريحا وصادما - أن الفيسبوك هو حديث الناس وهمهم وأحيانا حياتهم. هذه الشبكية الالكترونية/ الاجتماعية التي جمعت حتي الآن في أرجائها وغرف الدردشة بها نحو 500 مليون شخص ( أو صديق وصديقة). وما من يوم يمضي والا أجد نفسي محاصرا ( بحكم متابعتي لأحوال الدنيا وشغفي بها ) بعشرات من القصص والحكايات والآراء والفتاوي العلمية والأخلاقية تتحدث وتتناول وتعالج وتناقش وأيضا تلعن الفيسبوك. بالمناسبة الفيسبوك بالانجليزية كلمة واحدة، وبالتالي من الخطأ كتابتها كلمتين "الفيس بوك"- اتفقنا؟. وأيضا فلنتفق أن الفيسبوك مثل الانترنت مذكر- وأمرنا لله. وطالما ندخل عالم الفيسبوك سنجد أن أصدقاء وأعدقاء الفيسبوك في الولاياتالمتحدة يشاهدون الآن فيلما سينمائيا ( دراميا وليس تسجيليا) عن حياة مارك زاكربرج ( 26 عاما) مؤسس ومبتكر الفيسبوك. وطبعا اسمه وشهرته وثروته ونفوذه على كل لسان – ابتداءا من السنة الماضية. كما تتردد أخيرا شائعات في أجواء أصدقاء الفيسبوك وجروباته في مصر بأنه سيتم منع وحجب هذه الشبكة الاجتماعية في القريب العاجل – مثلما حدث في الصين وايران. وكشفت دراسة دولية لاستطلاع للآراء بأن الماليزيين هم أكثر شعوب العالم استخداما وانغماسا والتصاقا بالفيسبوك. ونقرأ أيضا أن أما أمريكية اتفقت مع ابنتها أن تبتعد عن الفيسبوك مقابل 300 دولار شهريا. في حين أن أفراد من الشرطة في احدي المدن الأمريكية ألقوا القبض علي تلميذ في مدرسة لأنه نشر على الفيسبوك (وبتفاخر طبعا) بأنه يملك سلاحا وأنه اخذه معه الى المدرسة. هذا بالطبع بخلاف حوادث جنائية وجرائم ارتكبت وترتكب بسبب الفيسبوك ومن خلاله الشك في نوايا وأفعال الحبيب وخيانة زوجة و.. والقائمة تطول وتتشعب وتواجهنا في دنيانا "عيني عينك" وأيضا "فيس تو فيس- وجها لوجه". كل ده من ورا الفيسبوك "اللي مايتسماش" الفيلم الظاهرة الذي اجتاح الصالات وحصد في أسبوعه الأول أكثر من 30 مليون دولار اسمه "الشبكة الاجتماعية". وهو أكثر الأفلام مشاهدة وشاغلا لبال المشاهدين في الولاياتالمتحدة هذه الأيام . فمن خلال أحداث الفيلم وحواراته يقترب المشاهد أكثر من مارك زاكربرج ويتعرف عليه وعلى هوسه واندفاعه ( واستعداده لكي يدوس على أي شئ) من أجل أن يحقق ما يريد أن ينجزه. وكل هذا حدث منذ ست سنوات في غرفته بالسكن الجامعي بجامعة هارفارد. وكما يقال قي الفيلم " أنت لا تصل الى 500 مليون صديق دون أن تخلق بعض الأعداء ليك". البعض اعتبر الفيلم تشهيرا به أو محاولة لتشويه أو تلطيخ صورته. حتى أن مارك قبل أن يعرض الفيلم جماهيريا وفي محاولة احتواء لتداعياته السلبية ظهر في برنامج تليفزيوني مع أوبرا وينفري الشهيرة ليعلن تبرعه ب 100 مليون دولار للتعليم العام في نوورك -بولاية نيوجرسي. مارك ولد يوم 14 مايو 1984 في نيويورك ويعيش الآن في كاليفورنيا. وكانت اهتماماته عديدة ومنها طبعا البرمجة و .. الأدب الكلاسيكي واللغة اللاتينية. أسرته يهودية الا أنه يعتبر نفسه غير مؤمنا – ملحدا. وقدرت مجلة "فوربز" ثروته في هذا السن المبكر ب 6.9 مليار دولار ( وكانت 2 مليار دولارا – العام الماضي). ولهذا اعتبر هو ومعه شريكه في تأسيس الفيسبوك - داستن موسكوفيتس ( الذي يصغره ب8 أيام) من أصغر مليارديرات العالم سنا. كما وضعته مجلة "فانيتي فير" على رأس قائمة ال100 أكثر الشخصيات نفوذا في زمن المعلوماتية. وتقدر قيمة الفيسبوك ب 25 مليار دولار. وحسب ما نشرته مجلة "نيويوكر" فان أصدقاء مارك زاكربرج في الفيسبوك لا يزيدوا عن 800 صديق وصديقة. ويذكر مارك من ضمن اهتماماته الشخصية : الانفتاح والشفافية ومساعدة الناس على التواصل والتفاعل بيسر. ومن الطبيعي أن يتباهى الفيسبوك بأن فردا من كل 14 فردا في العالم عضو في شبكته الاجتماعية. وأن 70 في المئة من أعضائه خارج الولاياتالمتحدة . وان اللغات المستخدمة في التواصل والتفاعل بين الأعضاء وصلت الى 70 لغة. وأن أكثر من 150 مليونا من الأعضاء ( ومجموعهم 500 مليونا) يتواصلون من خلال أجهزة جوالة أو محمولة. وأن متوسط عدد الأصدقاء لعضو الفيسبوك هو 130 صديق. وطبعا نتذكر هنا القول اياه : "يا الهي احميني من أصدقائي أما أنا فقادرعلى مواجهة أعدائي." وطبعا التساؤل اياه "عدو أم صديق؟". ومن منا يستطيع أن يجزم هذا في عالمنا ودنيانا. "والحال من بعضه طبعا في الفيسبوك ويمكن أكثر" يقولها صديقي تامر وهو من سكان فيسبوك النشطين " هو أنت تعرف منين اللي بيدق بابك وطالب صداقتك اسمه الحقيقي ايه واسمها الحقيقي ايه ولا صورتها – ده فيه آلاف صورتهن سعاد حسني وهيفاء وهبي ونانسي عجرم وطبعا أحيانا النجمات العالميات انجيلينا جولي وميجن فوكس وغيرهن. وهكذا يكذبن ويتجملن وهات يا كلام وأخبار وصور و"يو تيوب" وشائعات ونميمة – هو الكلام بفلوس واهوه قاعدين بنتسلي من بعيد لبعيد". ولكن مين عارف بعد كده ممكن يحصل ايه - تتدخل نهي لتقول" كم من المرات وده طبيعي طبعا اتنقلت حياتنا وصداقتنا من عالم الاون لاين للواقع – وأنت وحظك مثل البطيخة يا حمرا، يا ...". كما لم يعد سرا أن الأجهزة الأمنية والمخابراتية في كل دول العالم لها رجالها ( وطبعا نساءها) يتسللون ك"أصدقاء " وسط الجموع الحاشدة في مجتمعات فيسبوك المنتشرة على امتداد العالم لرصد التحركات ومراقبة أقوال وأفعال الافراد والجروبات.خاصة أن الفيسبوك في الفترة الاخيرة – في كل بقاع العالم وفي مصر وفي العالم العربي أيضا وطبعا- تحول الى أداة ووسيلة للتفعيل والتحريك وشن حملات مع أو ضد وتوعية الناس أو تضليلهم وترويج السلع أو الأفكار. "يا ناس ... الفيسبوك هو عالمنا الذي نعيش فيه وبه ومن خلاله نعبر عن أنفسنا – ونقترب من الآخرين أو نبتعد عنهم بمزاجنا وفي لمح البصر بدون مقدمات أو مبررات" تقولها مي وهي تصف حالها ودنياها. والفيسبوك (سواء شئنا أم أبينا) أصبح وصار جزءا من دنيانا– كبيرا أم صغيرا ( أنت اللي تقرر) . وبالتالي لا داعي أبدا ل "شيطنة" الفيسبوك وتصويره ( بالشيطان الأكبر والأدهى والأخطر) وبأنه سبب كل المصايب و بالتالي علينا أن نغلقه بالضبة والمفتاح. وكل مانتزنق في مشكلة ونحتار في مواجهتها نغلق الملف كله و" خلاص حنقفل القهوة – وروحوا على بيوتكم". وحسب ما قرأت فان شركة "إيماركتينج إيجيبت" المتخصصة في التسويق الإليكتروني أعلنت أخيرا أن 3.8 مليون مصري يستخدمون المنتدى الاجتماعي الشهير "فيسبوك" بما يمثل 5 في المئة من السكان، وأن مصر تعد رقم 23 على مستوى العالم في استخدام الفيسبوك والأولى على مستوى الشرق الأوسط. كما أظهرت دراسة حديثة أن الألمان أقل من غيرهم من سكان دول أخرى في استخدام الفيسبوك. وأنهم يقضون في المتوسط مابين ساعة وثلاث ساعات أسبوعيا في عالم التواصل والتفاعل الاجتماعي. ووفقا للدراسة نفسها فان الماليزيين من أكثر الشعوب استخداما للفيسبوك ( 9 ساعات أسبوعيا) يليهم الروس ( 8.1 ساعة) والأتراك (7.7 ساعة). وقد بلغت نسبة مستخدمي الفيسبوك من الألمان الذين وضعوا صورهم حوالي 48 في المئة في حين بلغت هذه النسبة بالنسبة للماليزيين 92 في المئة. ولا شك أن الفيسبوك أصبح مرآة لفهم الشعوب ومزاجها. واذا كانت النجمة اسعاد يونس التفتت منذ فترة لهذا العالم الجديد (فلنقل الافتراضي) في مقال لها ب" المصري اليوم" تحت عنوان " أن تكون كائنا فيسبوكيا" لتحكي تجربتها في الاقتراب من الفيسبوك والتعرف عليه والتعرف من خلاله على عالم جديد عليها وعلينا . فان أحمد مجاهد في صحيفة "الشروق" تعرض لما اسماه ل"فيس بؤس" وكتب " تحول الفيس بوك هذه الأيام إلى فيس بؤس، فلا يمكن أن أفتحه دون أن يصادفنى خبر محزن أو حدث مفجع". أما الروائي ابراهيم عبد المجيد – وله باع طويل في هذا العالم – فقد كتب منذ أيام واصفا حاله : "دمعت عيني اليوم حين رايت صورة لكازينو الشاطبي في الاسكندرية وقد تم هدمه . تاريخ طويل من الجمال والموسيقى العالمية والأحباء عبر السنين وبناء قل نظيره على أعمدة وسط الماء. لا شئ يشفع أمام الرغبة في الهدم." ولابراهيم عبد المجيد رواية صدرت أخيرا بعنوان "في كل أسبوع .. يوم جمعة ". وهي رواية وصفت بأنها جديدة في بنائها وجريئة في شخصياتها – هم أعضاء جروب اخذوا من الانترنت موقعا للبوح والصحبة.. وتخفيف الآلام. وقالوا ما قالوا في فضاء الانترنت وغرف الشات.وطبعا لا يمكن أن أتحدث عن الفيسبوك دون أن أتذكر صديق من أصدقائي عالفيسبوك وهو العزيز كريم ( وهذا اسمه) وهو بيتكرم علي وعلى دائرة أصدقائه صباح كل يوم بأنه يقدم لنا وجبة دسمة ولذيذة من أغاني طرب ومزيكا وحاجات حلوة من الزمن الجميل . كل ده من خلال الفيسبوك فأصبح عليه قائلا: يا سلاااام.. نهارك ونهارنا سعيد ان شاء الله ×××××××××××××××
ومن الطبيعي أن تتساءل عن الفيسبوك، ومن واجبك أن تستفهم "أهو عدو أم صديق؟! هل المشكلة في "الطبلة" ؟ ولا – مثلا مثلا - في "الهابلة" اللي ماسكة الطبلة؟ ولا في الناس اللي سابوا " الهابلة تمسك الطبلة" وبعدين نقعد نشتكي من "الطبلة" وصوتها وازعاجها وشرورها ويمكن كمان نلوم "الهابلة" لأنها أزعجتنا ودوشتنا و"طيرت النوم من عينينا" وطبعا لا نريد أن نعترف بأننا طالما "نايمين" ( في العسل أو غيره) فان "الهابلة " أو أي هابلة ستنتهز الفرصة .. وهات يا تطبيل! وطبعا "طبول الحرب" بتدق حاليا للتحذير والتنبيه والحجب والمنع و "خلاص قفلنا ع الانترنت" – سد واستريح وتتردد حولك صراخا "ايه أنت مش شايف الانترنت وبلاويه ؟" وبيزنوا على ودانك "مش عايز تقف ليه ضد الفيسبوك ومصايبه؟" وماذا عن تويتر وبلاكبيري والشات و"هات يا فضايح"؟ بصراحة .. هو أنت نسيت ولا ايه ؟ حكاية النعامة ورأسها الخطر قد يكون قائما وقادما لا شك فيه – انما انت فين؟ ورأسك فين ؟ هو ده التحدي؟ لما تعرف رأسك من رجليك وقتها حتعرف خلاصك – والمطلوب مني ومنك بصراحة هو أن نتحمل المسئولية مش ننتظر ونشكو ونستسلم للغزو التكنولوجي أو الفيسبوكي وتكون أجرأ كلمة نقولها : أكيد فيه مؤامرة ضدنا؟ يا سلام !! هي دي المفهومية والمسئولية؟! .. و 7 آلاف سنة حضارة !؟ أكيد لأ – وأنا متأكد انك معايا ع الخط – بقلبك والأهم بعقلك.