حدث ليلا.. مواجهات وملفات ساخنة حول العالم (فيديو)    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    شيري عادل: «بتكسف لما بتفرج على نفسي في أي مسلسل»    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    اليوم..1283 مرشحًا فرديًا يتنافسون على 142 مقعدًا فى «ماراثون النواب»    ترامب: الإغلاق الحكومى فى الولايات المتحدة يقترب من نهايته    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل    مجلس الشيوخ الأمريكي يتوصل إلى اتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي    التحول الرقمي.. مساعد وزير الصحة: هدفنا تمكين متخذي القرار عبر بيانات دقيقة وموثوقة    بالأسماء.. شيكابالا يكشف 12 لاعبًا يستحقون الاستمرار مع الزمالك    شبورة وأمطار.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم 10 نوفمبر    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    قطع التيار الكهربائي اليوم عن 18 منطقة في كفر الشيخ.. اعرف السبب    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    تركيا تسعى لتأمين ممر إنساني لإنقاذ 200 مدني من أنفاق غزة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    عاجل نقل الفنان محمد صبحي للعناية المركزة.. التفاصيل هنا    قائمة مقررات الصف الثاني الثانوي أدبي ل امتحانات شهر نوفمبر 2025.. المواعيد كاملة    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    الاتحاد الأفريقي يعرب عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في مالي    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    «لاعيبة لا تستحق قميص الزمالك».. ميدو يفتح النار على مسؤولي القلعة البيضاء    الكشف إصابة أحمد سامي مدافع بيراميدز    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدث .. قبل الحرب .. عام الرمادية والفرص الضائعة !

لأنها دولة محورية، فمن الصعب تناول حدث وحيد في مصر أو في محيطها باعتباره الأهم طوال العام، فالأحداث تتسارع، وكلها تتنافس علي الأهمية، علي اختلاف تنوعها، وقد شهد العام المنتهي العديد من الأحداث من هذه النوعية، لكن أبرزها علي الإطلاق إدارة مصر لأزمة حرب غزة والاتهام الأسود لها بالتورط في الحرب؛ إما بغض النظر عما فعلته إسرائيل أو بتجاهل مساعدة الفلسطينيين، كما يدعون، وما تبع ذلك من حملة قادتها أطراف عربية بلورت الخلافات العربية -العربية، وقسمت العرب بين مع وضد، ولانزال نعاني من ذلك حتي الآن .. ومنتظر أن تطول هذه المعاناة التي تتحمل تداعياتها الشعوب قبل أي طرف آخر.
وكانت عودة الرئيس مبارك لزياراته المعتادة لأمريكا مع جورج بوش وقدوم باراك أوباما للبيت الأبيض.
ولا يمكن تغييب أحداث أخري وقعت في الساحة المصرية خلال العام الذي يمضي من أمامنا الآن، خاصة أن القاهرة لم تعد عاصمة الحدث الواحد، ومنها الانقلاب الخطير الذي وقع في جنبات جماعة الإخوان المحظورة وشغل الأوساط السياسية طيلة الشهور الوسطي والأخيرة من 2009 وانتهي بانهيار لمن يطلق عليهم جناح الإصلاحيين، لكني أُعَرفهم بالضعفاء، أمام جناح أكثر عنفا وتطرفا معروف في السياق السياسي بالمحافظين أو التنظيم السري، بقيادة محمود عزت ومحمد بديع وأعوانهما في الخارج، مقابل تغييب سياسي لمحمد حبيب النائب الأول للمرشد السابق مهدي عاكف الذي لم يُسمع له صوت، وبالطبع كل هذه الأحداث الدرامية لنا فيها قراءة خاصة نتناولها في موضعها .
وفي نفس السياق السياسي الساخن الذي شهدته شهور العام الماضي وتستمر تداعياته في العام الجديد، كانت استقالة وزير النقل السابق محمد لطفي منصور الذي ترك عالم البيزنس ليتولي وزارة شهيرة بأزماتها وكوارثها من حرق وانقلاب قطارات إلي غرق العَبَّارات وموت المئات، لكنه لم يأت بحظه المعروف به في البيزنس للوزارة ومالبث أن تلقي ضرباتها، حتي ألقي الفوطة البيضاء مستسلما، رغم أنه كان يتغني بالإنجازات التي قدمها في ملف تطوير السكة الحديد، ويعِد كل من يسمع كلامه بالأفضل خلال 3 سنوات، لكن الوقت لم يسعفه، وكانت كارثة العياط، هذه المنطقة التي لا تتوقف عن البكاء بالفعل وكأنها اسم علي مسمي، من كثرة وتعدد كوارث القطارات فيها!
فيما كشفت التحقيقات عن مهازل حقيقية لا تحدث إلا في دولة من العالم السادس لا الثالث فقط، ولاتزال التحقيقات مستمرة رغم ضرورة المحاكمة العاجلة في مثل هذه القضايا الكارثية حتي يتوقف الفساد الذي استشري بين جنبات الموظفين الصغار قبل الكبار، فمنهم المحولجي الذي مات ضميره وترك مكانه، غير مبالٍ بحيوات الناس المربوطين في رقابته، ليتحجج كل المتهمين بحجج فارغة لا تجد أي تعليق محترم عليها، ومن الضروري بالطبع أن يشهد هذا العام القصاص الحاسم من هؤلاء الذين قتلوا المئات بالجاموسة التي أصبحت نجمة العام!
الكارثة
لكن وبدون سابق إنذار حملت هذه الكارثة بعدا سياسيا أكثر تعقيدا مما هو معتاد في مثل هذه الكوارث التي اعتدناها في الأعوام العشرة الماضية في مؤشر واقعي لمدي البلاء الذي يعانيه المصريون من هذا المرفق الذي من المفروض أن يسهل عليهم، لا يقتلهم، فلا يضطر كل راكب قطار أن يلقي الشهادة كل مرة يستقل فيها القطار ويودع أبناءه كأنها المرة الأخيرة التي يراهم فيها، وأكملت هذه الكوميديا السوداء مشاهدها بالفشل في وجود قيادة قادرة علي تقديم نسخة جيدة للسكة الحديد تنقذه من هذه الهيئة التي يستفيد من ورائها الحانوتية أكثر من أي شخص آخر!
الأمر الذي أدي إلي تأجيل التغيير الذي من المفترض أن يحدث، ومن المنتظر ألا يحدث في القريب العاجل، أي أن العام الجديد سيشهد هذا التغيير الوزاري ليكون مميزا عن غيره من مطالع الأعوام، رغم أن التغيير المتوقع لن يكون كبيرا، إلا أن السؤال الآن: هل فقدت كوادرها حتي لا يستطيع أحد أن يقود هذه الهيئة؟.. وهل لو أصبحت وزارة خاصة علي الطريقة الهندية سيكون هذا هو الحل الأمثل لها، ولن تقتل أبناءنا وآباءنا وأمهاتنا، والذين كل جريمتهم أنهم استقلوا أحد قطاراتها؟!
فغريب أمر رئيس الوزراء وهو يعترف بأنه غير قادر علي إيجاد البديل الكفء للطفي، بما يفتح الباب للتندر في هذا السياق، علي شاكلة الكوميديا السوداء التي تكسو المشهد العام المصري في هذا الإطار علي الأقل، فحتي لا يعرفوا ماذا سيفعلون، والكلام يتغير كل لحظة وكأنها لوغاريتمات معقدة لا يمكن حلها، وحتي لا يستطيعوا فعلا أسهل وأقرب شيء بتقليد التجارب الناجحة في هذا الملف، لكننا في المقابل نعترف أنه حتي التجارب التي ينظرون لها علي أنها ناجحة، وهي التجربة الهندية نسمع عنها أخبارا مأساوية كل فترة بحادث قطار دموي بشكل غريب .. إلا أن الحل بالطبع ليس في تغييب المشكلة وركنها علي الرف مهما كانت الملفات الأخري أكثر إلحاحا!
أجندة الأحداث المهمة
ومع القراءة الدقيقة لأجندة الأحداث الأكثر أهمية التي مرت علي مصر خلال العام المنتهي، نكتشف أن بداية 2009 لا تختلف تماما عن نهايته، بل تكادان تتطابقان، فالعيون تنجذب إلي الحدود بين غزة وسيناء، والحديث لا يزال يدور حول معبر رفح، وحملات حماس ومن وراءها عادت مع تقاطعات الأجندات الإقليمية، لكن الرتوش النهائية للحدث تختلف بصورة كلية بين بداية ونهاية العام، ففي هذا الوقت من العام الماضي كانت تقود مصر واحدة من الحملات الدبلوماسية التاريخية النموذجية علي جميع الأبعاد ضد إسرائيل من ناحية، وضد إيران وقطر وحماس من ناحية أخري بمستويات مختلفة.
وكان غريبا للبعض أن تغضب التحركات المصرية طرفي المواجهات من حماس ومن وراءها إلي إسرائيل ومن يدعمها أيضا، رغم أن مصر هي التي أنقذت الفلسطينيين من ويلات الحرب الإسرائيلية وخرج معهم قيادات حماس للنور بعد اختفاء أكثر من شهر في الجحور، وليس غريبا أن كانت حماس السبب في إفشال الجهود العالمية التي قادتها مصر لإعادة إعمار غزة بعد إصرارها علي عدم التوقيع علي الورقة المصرية للمصالحة الفلسطينية لإرضاء أطراف إقليمية تتدخل في تحديد سياسة حماس والتي دائما ما تكون ضد مصر وضد الصالح الفلسطيني .
واتساقا مع ذلك تسارعت الأحداث علي الساحة الفلسطينية في غزة والضفة وإسرائيل، حتي اضطر الرئيس الفلسطيني أبومازن إلي إعلان الانسحاب ورفض كل محاولات إثنائه عن التراجع عن قراره برفض التقدم للترشيح مرة أخري للانتخابات الرئاسية الفلسطينية والتي تحدد لها موعد جديد بعد فشل مفاوضات الصلح الفلسطينية.
علي نفس وتيرة الفشل كانت نتيجة محاولات إحياء عملية السلام بعد أن بدأ العام بتفاؤل حذر مع قدوم أوباما، ثم بدأت الضبابية تسيطر علي الأوضاع حتي تراجعت الإدارة الأمريكية عن الضغط علي إسرائيل لوقف تام للاستيطان لاستئناف المفاوضات، وارتضت بوقف جزئي بعدما فشلت في إقناع بعض الأطراف العربية في مكافأة إسرائيل علي شيء لم تفعله لدفعها للسلام، فعاقبت واشنطن العرب علي موقفهم في ظل ضغط إسرائيلي بتغيير موقفها من الاستيطان بالموافقة علي الوقف الجزئي المؤقت .
بعد ال10 شهور
واستغلت ذلك تل أبيب وناورت بإقرار مبادرة غامضة لوقف الاستيطان في الأراضي المحتلة لمدة 10 شهور باستثناء القدس، وسط رفض دعائي من المستوطنين وقوي التطرف التي تسيطر علي إسرائيل، فزاد المشهد تأزما من كل الجهات، لكن لاتزال هناك مبادرات مصرية بالتعاون مع تركيا وفرنسا في محاولة لمحاربة جمود عملية السلام الذي يحاول الإسرائيليون استمراره لبث روح الإحباط في كل الأطراف وإبقاء الأمر علي ما هو عليه، خاصة أن المصالح والمواقف الإسرائيلية والأمريكية تتقارب خلال الفترة الأخيرة استعدادا لحرب غير بعيدة لردع إيران عن استكمال برنامجها النووي .
وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن تشهد عملية السلام أي تقدم سوي في نطاق صفقة تبادل الأسري التي يردد خصوم مصر أنه تم إبعادها من وساطتها والتركيز علي الوسيط الألماني، في ظل الجدل الدائر حول الجدار الذي بدأت القاهرة في بنائه علي الحدود مع غزة كما تردد وكالات الأنباء، والذي تعتبره القوي المؤيدة لحماس ضد مصر بأنه عقاب جماعي، متجاهلة تجويع حماس للفلسطينيين في القطاع.
وهناك العديد من التدخلات والنشاطات الكثيرة المتضاربة المصالح من القاهرة وتل أبيب وغزة ورام الله والعواصم الأوروبية الموالية لإسرائيل أو ضدها وواشنطن.. وكانت البداية قبل عام 2009 بالتطاول علي مصر الذي بدأ مع يناير 2008 بعد اقتحام عناصر حماس للحدود، وتفنن قياداتها والقوي والدول المؤيدة لها ضد مصر في تعطيل كل محاولات المصالحة الفلسطينية رغم الفاتورة السوداء التي يدفعها الفلسطينيون قبل أي أحد آخر.
التحالفات المضادة
وتصاعدت وتيرة الأحداث والتحالفات المضادة لمصر التي توصف بقائدة المعسكر المعتدل في المنطقة وتتميز بامتلاك مساحات للوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين تحاول من خلالها تقريب وجهات النظر، لكنها رصدت محاولات عديدة لإسرائيل لإحباط كل المبادرات لإحياء عملية السلام والاكتفاء بالحديث والتصريحات عن تسهيلات وتقدمات كاذبة، في إطار مناوراتها التي لاتتوقف وآخرها الوقف المؤقت الاستثنائي للاستيطان، مما صعّب علي كل الأطراف بما فيها أمريكا إنجاز أي شيء في طريق السلام حتي أن مبعوث السلام الأمريكي للمنطقة جورج ميتشل اعتزم ترك موقعه إلا أن الإدارة الأمريكية نجحت في إقناعه للعدول عن موقفه .. ومن ناحية أخري وصلنا لنفق مظلم دخلته المصالحة الفلسطينية بسبب التعسف الذي أظهرته حماس والقوي التي تمولها، وترفض القاهرة التدخل الآن علي الأقل لخوض محاولة جديدة للصلح لاختيار وقت أفضل، ويبدو أنه لن يكون قريبا كما كان مرتبا له، في أعقاب الخلافات التي تجددت بين مصر وحماس لاعتراضهم علي بناء الجدار الحدودي الذي كان قد هدمت أجزاء منه خلال الاقتحام الكبير لسيناء .
وكل هذه التقاطعات كونت هذا المشهد الذي نحن بصدده، وأتصور أن العام الجديد سيشهد تعميقا للخلافات، فلا نية قريبة للحل من جانب حماس ولا قواها المؤثرة فيها، خاصة أننا نترقب حربا جديدة في الخليج مع فراغ صبر أمريكا من إيران، وطبعا هذا سيعيد إسرائيل لمكانتها في الجانب الآخر لدي حليفتها الكبري أمريكا، وكان ذلك واضحا في تهديد أوباما لإيران بإسرائيل، لدرجة استبعدها المتفائلون بقدومه حتي صدمتهم المفاجأة، وبالتالي لن يشهد العام الجديد أي تطورات جذرية في عملية السلام، بل علي العكس، خاصة مع العودة القوية للاستيطان في نهاية مهلة العشرة أشهر، وعلي الجانب الفلسطيني فالقاهرة مطالبة بجهد أكبر وخطة قوية لمواجهة المحاولات المتوقعة لعرقلة المصالحة الفلسطينية لإنهاء هذه الوضعية التي تؤثر في الأمن القومي المصري والمنطقة عامة، وبالطبع في صالح حماس وإسرائيل.
واتساقا، كان علي المستوي الشعبي والثقافي الحديث مطولا خلال هذا العام حول التطبيع مع إسرائيل علي جنبات عدة أبرزها العرض غير المسبوق الذي قدمه المايسترو النمساوي الإسرائيلي دانيال بارنبويم في دار الأوبرا وحمل العديد من الأبعاد منها أن الأمر يتعلق بمنافسة مصر علي منصب مدير اليونسكو بعد أن شن اليهود حملة شرسة علي فاروق حسني المرشح المصري، لكن هو نفسه نفي ذلك ورفض الخوض في السياسة وكان لفنه أبلغ الأثر في نسيان محبيه للسياسة وجدلها، فيما لم يكن هذا إلا جدلا علي جانب واحد، وزاد في سياق متصل بعد أن تم الكشف عن زيارة السفير الإسرائيلي بالقاهرة المنتهية ولايته شالوم كوهين لمؤسسة الأهرام وطال النقاش السياسي حولها، حتي نسي الجميع الأمر في ظل تلاحق الأحداث لدرجة أنها لم تذكر في المعركة الساخنة التي شهدتها نقابة الصحفيين علي منصب النقيب مع انقضاء العام.
وصول المتطاول
لكن وصول المتطاول أفيجدور ليبرمان لوزارة الخارجية الإسرائيلية كان مجددا للحديث عن العلاقات المصرية -الإسرائيلية خاصة بعد أن أصرت مصر علي موقفها من مقاطعة هذا المهدد بضرب السد والمتطاول علي رموز مصرية، لدرجة أن فرنسا اضطرت لعدم تنظيم اجتماعات أورومتوسطية لرفض مصر حضور ليبرمان لها، ويحاول الإسرائيليون ما بين الحين والآخر ادعاء أن المصريين تراجعوا عن موقفهم تجاه ليبرمان، لكن دون فائدة!
وعن الملف الأمريكي، شهد هذا العام الحاسم سخونة كبيرة في العلاقات المصرية - الأمريكية بعد سقوط إدارة جورج بوش، فعاد الرئيس إلي واشنطن بعد أن كان قد قاطعها اعتراضا علي سياسات بوش التي كانت موالية بصورة صارخة إلي إسرائيل وضد العرب والمصالح المصرية في ملفات عديدة، وبالتالي صعدت قضية العلاقات بين القاهرة وواشنطن طيلة العام المنتهي إلي السطح بأبعادها المختلفة رغم أنها لاتزال تشهد تعقيدات كثيرة وزادت أكثر بعد أن كان المصريون يأملون خيرا في أوباما وصدموا في مواقفه التي كانت ضد كلامه الذي قاله في خطابه الشهير بالقاهرة وحتي أنقرة، حيث يقود حربا جديدة في أفغانستان لأنه لا يمكن أن تخرج أمريكا من حرب خاسرة، وغير كل مواقفه من السلام وإسرائيل علي العكس تماما وليس لضغوط اللوبي الصهيوني شأن كبير، بل إنها المصلحة الأمريكية التي تتقاطع مع إسرائيل بشكل يكاد يتطابق، ووسط كل هذه التعقيدات كانت تنمو العلاقات المصرية - الأمريكية لتعود إلي مستواها قبل بوش الذي هاجمه الرئيس مبارك، خلال حواراته العام المنتهي اعتراضا علي مساندته العمياء لإسرائيل وتنفيذ أجندة ضد المصالح العربية، وكان التطور يحمل شعار المصالح رغم الخلافات المستمرة، والتي وصلت إلي الملف النووي، إلي أن أرسلت مصر رسائل قوية لعدم المساس بهذا الملف وعدم قبول أي تدخلات أو ضغوطات فيه.
وبعيدا عن ذلك، اختلف معي البعض أو اتفق، فهناك ربط ما بين الأحداث المتسارعة في المنطقة حولنا، والتحركات الإخوانية الداخلية والتي صعدت بالجماعة المحظورة إلي صدر الأخبار مع نهاية العام، خاصة أنه من القراءة الأولي للأحداث سيربط البعض بين النشاطات المريبة التي قامت بها الجماعة كمساندة لحماس الإخوانية ضد المصالح المصرية، خاصة أن قيادات كانت تراقب عن كثب الانقلاب الكبير الذي شهدته الجماعة علي معسكر مهدي عاكف ليختفي عن الأنظار في مواقع شرفية وفخرية، هو ومحمد حبيب النائب الأول الذي استبعد ومعه عبدالمنعم أبو الفتوح من التشكيلة الجديدة لمكتب الإرشاد، والمعركة محصورة بين محمود عزت ومحمد بديع علي كرسي المرشد الجديد، وغازل الانقلابيون الإخوان خيرت الشاطر في سجنه بضمه إلي المكتب الإرشادي، بل زاروه احتفالا بذلك .
الجماعة الدامية
ولا أحد يعرف كيف يتم كل هذا الجدل والتحركات التنظيمية في جماعة محظورة أمام عيون الجميع رغم أنه قانونا يجب أن يتم وقفها تماما، بل إلقاء القبض علي كل هذه القيادات التي تجاهر بمخالفة القانون، فهل نحن دولة قانون فعلا أم ماذا ؟!.. والسؤال المحير: كيف نلقي القبض علي عناصر من الإخوان بين الحين والآخر في القاهرة والمحافظات بتهمة الانتماء إلي جماعة محظورة وتكدير الأمن، ونترك رءوس الأفاعي؟.. هل هؤلاء لا يكدرون الأمن ليس في مصر فقط، بل في العالم كله من خلال رئاستهم للتنظيم العالمي؟!.. من المفروض أن تكون هناك مواجهة لهؤلاء، كيف أصدق نظاما يرفض أن يتصدي لمن يخالف القانون، ثم يقول إننا دولة سيادة وإعلاء القانون؟! عفوا لسنا كذلك بالمرة مادمتم تتركون الإخوان أحرارا، يثيرون الجدل حول مرشدهم ومكتبهم وكل تشكيلاتهم التنظيمية وكأنهم حزب شرعي، هل تتذكرون التعديلات الدستورية الأخيرة ماذا تقول؟ وإلي ماذا تدعو؟! أشك بالتأكيد، فالواقع يؤكد ذلك.
وإجمالا فإن الانفجار الإخواني التاريخي تولد نتيجة عدم وجود أي أنوع من الديمقراطية في هذه الجماعة العنيفة التي أكدت أنها ليست سياسية، بل دموية، فالجناح القطبي لا يقبل أي اًندماج مع المجتمع، وكان رفضه شديد الألم بالطرد التام لكل من يرفضهم والقفز علي السلطة، وهناك شكوك حول مصير المستبعدين بعد أن ضحوا بهم رغم أن عيد الأضحي مر وفات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.