تجاهل النقابة ووزارة الثقافة أضر بالفن.. والمبدعون يعانون من الإهمال والتهميش الأعمال التشكيلية ليست بعيدة عن أزمات الوطن الفن التشكيلي مرآة المجتمع ويرتقي بالجمال والحس تخاذل «التعليم والثقافة» أحدث فجوة كبيرة بين القيم الجمالية والجمهور معظم الفنانين لا يجدون قوت يومهم وغير قادرين على الاستمرار فى إنتاجهم «جراد العولمة».. أهم أعمالي الفنية يعد الفن التشكيلي أبو الحضارة المصرية، فقد عرف المصريون الإبداع الفني منذ آلاف السنين، ومازالت لوحاتهم تبهر العالم، إلا أن الواقع الحالي يؤكد وجود تجاهل تام من قبل مؤسسات الدولة له، وأن الحركة الفنية التشكيلية تعاني من مشاكل عديدة. من جانبها، التقت «البديل» التقت بالفنان التشكيلي كمال حسن قنديل، الذي يشغل منصب مدير قصر ثقافة غزل المحلة، وشارك فى أكثر من 350 معرضا تشكيليا خاصا وجماعيا بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وقطاع الفنون التشكيلية، على المستويين المحلي والقومي، كما شارك في بينالى بورسعيد، ودار الأوبرا المصرية، وآتيليه القاهرة، ومعهد جوته الألماني، وجمعية محبي الفنون الجميلة، وأكاديمية الفنون، والمركز الثقافى بمركز محمود مختار ومتحف أحمد شوقى ومركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية وحصل على العديد من الجوائز.. فإلى نص الحوار.. هل يجد الفن التشكيلي في مصر رعاية حقيقية؟ للأسف، جميع مؤسسات الدولة ثقافية أو غيرها، دائمًا فى عقد اجتماعات مستمرة لمناقشة مشاكل الفن والممثلين، دون أن يأتى أي ذكر للفن التشكيلي الذي يعتبر أبو الحضارة المصرية، والمضحك أن المؤتمرات تتطرق لمحاور عديدة، مثل مشاكل القرصنة، وحقوق الملكية الفكرية، وصناعة الدراما التليفزيونية وإعادة أصول السينما، دون أن يذكروا حقوق الفنان التشكيلى مرة واحدة، وكأنهم لا يعترفون به، حتى أصبح الفن التشكيلى في مصر، الأقل أهمية بالنسبة للسينما والمسرح والموسيقى، ولا أعرف سببًا لتجاهل مؤسسات الدولة لقطاع مهم من الفن يعانى من الإهمال والتهميش، فهل انتهت مشاكل وتحديات هذا الفن فى عصرنا الحالي؟!. ما القضايا التى يناقشها الفن التشكيلي الآن؟ الفنان التشكيلى هو إنسان شفاف جدا، يتأثر بما حوله، ويرى الأشياء بخلاف الآخر، ويعيد صياغة ما اختزنه فى الذاكرة، متأثرًا بثقافته ومعارفه، على لوحته فى صياغة جديدة، تكون نتاج ذلك، فهو يراقب كل ما يحيط به من أحداث وانفعالات، وبعد ذلك ينفعل بها فى أعماله الفنية، مستخدماً خامات متعددة لإخراج عمله الفنى الإبداعي. فالمجتمع المصري خاصة بعد ثورتين، يعانى من أزمات اقتصادية وأخلاقية، والفنان ليس بعيدا عن هذه الأزمات، فو يتأثر بها ويعبر عنها في بعض أعماله الفنية، معالجا لها من وجهة نظره، أو يقوم بطرح المشكلة ويترك الحل لمتلقى هذا العمل التشكيلي، لأن الفنان التشكيلى ليس بعيدا عن الأزمات السياسية والاقتصادية والسياسية والظواهر العالمية، فيقوم برصدها والتعبير عنها فى لوحاته سواء بالمباشرة أو بأسلوب تشكيلي، متأثرا بمدرسته الفنية أو بأسلوب مبتكر يكون خاصاً به. حدثنا عن أهمية الفن التشكيلي فى خدمة المجتمع؟ الفن التشكيلي مرآة المجتمع، ويرتقي بالجمال والحس بين الأفراد، فهناك مايسمى بالثقافة الفنية والتربية، وكيف نربي جيلا لديه تذوق فني وإحساس بالقيم الجمالية، فنجد فى مجتمعنا إن هذه القيم قلت كثيرا، وحدثت فجوة كبيرة بين القيم الجمالية والجمهور؛ نتيجة تخاذل وزارة التربية والتعليم فى مصر وتهميشها لمجموعة الأنشطة المدرسية، سواء فى المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية، مثل حصة التربية الفنية وعدم قدرة مدرس التربية الفنية على عملية الإبداع داخل الفصل، فكان المنتج البشري غير قادر على قراءة لوحة تشكيلية وفقده الإحساس بالجمال ويتبع ذلك باقي الأنشطة مثل الموسيقى والتربية الرياضية والتربية الزراعية، وأيضا تخاذل قصور الثقافة فى عدم وجود الكوادر الصالحة للعمل فيها، بجانب النقص الشديد فى الإمكانيات، الفن له أهمية كبيرة فى المجتمع؛ من رفع الذوق العام والإحساس بالجمال وتجميل الأماكن العامة والميادين وتصميم وتجميل الكتب المدرسية حتى تكون جاذبة للطلاب وحتى داخل المنزل فى عملية الإحساس بالجمال وترتيب الأثاث وألوان للمكان الذى نعيش فيه. ماذا عن تجاهل الدولة للفنانين التشكيليين فى المحافظة وعدم تلبية طلباتهم بشكل عام؟ المشكلة كبيرة وتراكمية منذ وقت طويل، ويرجع ذلك لعدم قيام نقابة التشكيليين ووزارة الثقافة، خاصة قطاع الفنون التشكيلية، بدورهم المنوط فى رعاية الفنانين وتلبية مطالبهم من من اقتناء أعمالهم الفنية حتى يستطيعوا أن يستمروا فى إبداعاتهم الفنية، فمعظم الفنانين غير قادرين على الاستمرار فى إنتاجهم، حيث لا يجدون قوت يومهم والصرف على فنهم بسبب ارتفاع أسعار الخامات والألوان والأقمشة والأخشاب لإنتاجهم، وهذا دور الدولة فى مساندتهم، وأيضا عدم وجود أماكن كافية ومجانية لعرض أعمالهم وتسويقها، ما يؤدى إلى توقف الكثير من الفنانين عن الإبداع؛ لأنهم مهمومون بلقمة العيش لأسرهم، على المحافظ مساعدة الفنانين التشكيلين فى ترغيب رجال الأعمال على شراء وإقتناء أعمالهم حتى يستطيعوا الاستمرار فى إبداعاتهم التشكيلية والاستفادة منها فى تجميل المدن بشتى المناحي. ماذا عن قصر الثقافة الموجود داخل شركة مصر للغزل والنسيج وتتولى إدارته؟ هناك برتوكول بين الهيئة العامة لقصور الثقافة وشركة مصر لوجود القصر بداخلها، وكان سابقا تُوضع إمكانيات الشركة لخدمة العملية الثقافية وبالتحديد فى عهد مفوضها العام المهندس معتز عبد المقصود، أما الآن، فنعانى من عدم تعاون إدارة الشركة فى دعمنا خاصة حينما نحتاج مسرح الغزل لإقامة فعاليات فنية وثقافية نجد إعاقات إدارية، خاصة من رئيس القطاعات الإدارية والمسؤول عن النشاط الفني، ويطلب مني كمدير قصر ثقافة غزل المحلة بالصرف المالى على فرقته النحاسية وبطولة الشركات كل عام، رغم أنى لا أملك هذا، وأرسلت خطاباً بهذا الخصوص ولم تلتفت له الإدارة الثقافية التى أتبع لها. وكان القصر متواجدا فى قاعة كبيرة، وأجبرونا على النقل منها بحجة إقامة معرض للملابس بها، وهى الآن مغلقة منذ أربع سنوات، والقصر موجود فى حجرتين ضغيرتين لاتكفى لجميع الأنشطة الموجودة لدينا، رغم أن القصر أُقيم خصيصا لخدمة العاملين بالشركة. ووضعنا لافتة مكتوب عليها اسم القصر حتى تكون إشارة لمعرفته أثناء مرور العمال والموظفين، لكن للأسف أزالوها ومنعونا من تعليق أى إعلان أو لافتة عليها اسم القصر على البوابة المؤدية للقصر، وأناشد المفوض العام ورئيس القطاعات الإدارية بالشركة على التعاون معنا ومساندة القصر فى جميع فعالياته الثقافية والفنية التى تعود أولا على العاملين بشركة الغزل بل يتعدى هذا الدور إلى مدينة المحلة ومحافظات مصر؛ خاصة أن قصر ثقافة غزل المحلة يمتلك العديد من الأنشطة المكثفة، مثل الفنون التشكيلية والحرف البيئية، ومكتبة ونادى ومرسم الطفل، والمكتبة العامة التى تضم أعدادا ضخمة من أمهات الكتب، والثقافة العمالية، ونادى الأدب، الذى يضم نخبة كبيرة من أدباء وشعراء كبار، ونادى الإبداع الذى يهتم بالموهوبين من فئة الشباب فى شتى مجالات الإبداع، والثقافة العامة والمحاضرات والندوات المهتمة بالشأن الثقافى، بالإضافة إلى خمس فرق فنية تجوب بعروضها شتى محافظات مصر. كما تمثل شركة الغزل فى اتحاد الشركات «فرقة الموسيقى العربية، وفرقة الإنشاد الدينى، وفرقة الفنون الشعبية، وفرقة هتاف الصامتين لذوى الاحتياجات الخاصة، وفريق المسرح»، كل هذا موجود بالفعل فى قصر ثقافة غزل المحلة. بماذا تنصح الموهوبين الشباب ؟ أن من يمتلك منهم موهبة إبداعية ويمارسها حتى لو فى أضيق الظروف، يكون عنده التحدي لمواصلة إبداعه، سواء فى الفن التشكيلي أو الموسيقى والغناء أو المسرح أو الأدب والشعر، وأن يثقف نفسه دائماً بالتواجد فى قصور الثقافة أو مراكز الشباب ويمارس موهبته، ويتواصل مع هم سبقوه فى مجال إبداعه، ويُلم بما هو جديد، ويكون لديه التحدى لمواصلة إبداعه، وقصر ثقافة غزل المحلة يفتح زراعيه لكل الموهوبين على اختلاف أعمارهم. ما أهم أعمالك الفنية؟ كل أعمالي التشكيلية جزء مني، لكن سوف أختار بعض من أعمالي الأخيرة التى كانت فى معرض بعنوان «جراد العولمة» الذى ضم 30 لوحة تتحدث عن ظاهرة العولمة وتداعياتها على دول العالم الثالث وعملية الغزو الثقافي والمعلوماتي ذي الاتجاه الواحد الذى أدى إلى عملية تغير الاتجاه لهذه المنطقة التى نعيش فيها، وجعلها من دول منتجة إلى دول مستهلكة، وتوقيف العقلية الإبداعية من خلال الغزو الإعلامي الموجه.