مع تزايد انتصارات الجيش السوري ونجاحه في استعادة العديد من المناطق الخاضعة للمعارضة المسلحة، وفي الوقت الذي أكد فيه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ضعف فرص السلام في الملف السوري، أطل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بتصريحات يقول فيها: «نحن أقرب إلى وقف إطلاق النار في سوريا من أي وقتٍ مضى»، خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع نظيره الأردني، ناصر جودة، بالعاصمة الأردنية أمس. الموقف الأمريكي والحديث عن اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في سوريا، كان بالتنسيق مع الجانب الروسي، حيث أعلنت الخارجية الروسية، أمس، أن وزيرها سيرجي لافروف، ونظيره الأمريكي جون كيري، أتما خلال مكالمة هاتفية الاتفاق على معايير نظام وقف إطلاق النار في سوريا، مشيرةً إلى أن تقريرا بهذا الخصوص سيقدم للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما. التوصل المبدئي لمشروع وقف إطلاق النار في سوريا جاء كمحاولة لإحياء التعاون العملي بين البلدين والذي تعرض لكثير من التوتر، خاصةً بعد تصريحات كيري بأن الهدنة ستكون المحاولة الأخيرة، وحال فشلها ستكون الحلول العسكرية هي البديل، في إشارة واضحة إلى الخطة "ب"، بالإضافة لتلويح بعض الدول الإقليمية بالتدخل البري في سوريا. خطوة الهدنة جاءت على خلفية قرارات 12 فبراير المعتمدة في ميونيخ بشأن تسهيل الوضع الإنساني والاتفاق على طرق وقف الأعمال العدائية في سوريا، باستثناء مكافحة الجماعات الإرهابية، حيث بحث لافروف وكيري آلية وشروط الهدنة في سوريا، وجرى الاتفاق بينهما في 21 فبراير بالعاصمة جنيف، على مشروع وثيقة لوقف العنف في سوريا تستثني "داعش" و"جبهة النصرة"، وشكلت الأخيرة في وقت من الأوقات عثرة كادت تعيق إكمال الاتفاق، فالمعارضة السورية طالبت بوقف استهداف جبهة النصرة، بذريعة أنها متداخلة جغرافيا مع الفصائل المعارضة الأخرى، إلا أن هذه المطالبة لم تمنع روسياوالولاياتالمتحدة من إدراج جبهة النصرة ضمن قائمة الإرهاب. وأوضح كيري أن أي اتفاق سيستغرق بضعة أيام، فيما يتشاور الجانبان مع دول أخرى ومع المعارضة السورية، وأضاف أنه ينبغي على روسيا الحديث مع الحكومة السورية وإيران، ويتعين أن تتناقش الولاياتالمتحدة مع المعارضة السورية وشركائها، مضيفا أنه لا يتوقع تغيرًا وشيكًا في القتال على الأرض. موقف الحكومة السورية من وقف إطلاق النار أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة "البايس" الإسبانية 20 فبراير، استعداد حكومته لوقف إطلاق النار بشرط عدم استغلاله من قبل الإرهابيين، كما أبدى الأسد تحفظه بالأساس على استعمال عبارة وقف إطلاق النار، لأن وقف إطلاق النار يحدث بين جيشين أو بلدين متحاربين، لا بين دولة وجماعات في الداخل تحمل السلاح ضد الدولة، واستخدم الأسد عبارة "وقف للعمليات" كبديل عنها. وتابع أن المسألة تتعلق أولاً بوقف النار، لكن هناك عوامل أخرى مكملة وأكثر أهمية، مثل منع الإرهابيين من استخدام وقف العمليات من أجل تحسين موقعهم، كما طالب الرئيس الأسد بمنع الدول خاصة، تركيا من إرسال الإرهابيين إلى سوريا أو تقديم أي نوع من الدعم اللوجستي لهم خلال وقف العمليات العسكرية، مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن الذي يتعلق بهذه النقطة لم ينفذ. وأضاف الأسد أن هناك 80 دولة تدعم الإرهابيين بطرق مختلفة، فبعضها يدعمهم مباشرة بالمال أو بالدعم اللوجستي أو بالسلاح أو بالمقاتلين، وبعضها الآخر يقدم لهم الدعم السياسي في مختلف المحافل الدولية، وركز الأسد على ضرورة توفر جميع الشروط اللازمة لنجاح وقف إطلاق النار، وإلا ستحدث الهدنة أثرا عكسيا، وستؤدي إلى المزيد من الفوضى في سوريا، ما قد يفضي إلى تقسيم البلاد بحكم الأمر الواقع. موقف المعارضة السورية وقالت المعارضة السورية يوم 20 فبراير، إنها توافق بشكل مبدئي على إمكانية هدنة مؤقتة بشرط وجود ضمانات على أن النظام السوري وروسيا، سيوقفون إطلاق النار. موافقة المعارضة جاءت بعد اجتماع منسق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، مع قادة فصائل الجيش الحر، التي اجتمعت بدورها مع الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري المعارض، والسفير الأمريكي بسوريا، مايكل راتني. وترددت أنباء عن المعارضة أن مدة الهدنة 3 أسابيع مشروطة، وستعنى بإيصال المساعدات الإنسانية ووقف الحصار. ويرى مراقبون أن إعلان الرئيس بشار الأسد، وهيئة المعارضة السورية العليا، القبول بهدنة عسكرية يعد تطورا مهما على صعيد الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وخطوة أولى في مسار التسوية السياسية، لكنها قد تخلق نوعا جديدا من الصراع قبيل انطلاق أي عملية سياسية للتفاوض.