بدء التحقيق في واقعة رفض طبيب الكشف على مريضة مُسنة بقنا    مصر تجني ثمار عقد من التنمية.. "حياة كريمة" و"بداية جديدة" يعززان العدالة الاجتماعية |إنفوجراف    مصر للطيران: 10 رحلات من جدة إلى القاهرة غدًا لعودة الحجاج    تفاصيل أعمال تصدي الوحدات المحلية بالدقهلية لمخالفات البناء خلال إجازة العيد    منذ بدء الحصاد.. صوامع وشون الشرقية تستقبل 592.9 ألف طن قمح من المزارعين    إسرائيل تعلن رسميا سيطرتها على سفينة «مادلين» المتجهة إلى غزة    تصعيد يعيد شبح الحرب الكبرى.. ماذا وراء السباق النووي البريطاني؟    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    «بشرة خير» للأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي بكأس العالم للأندية    مصرع الأم وإصابة الأب والاولاد في حادث انقلاب سيارة ملاكي بأكتوبر    اشتباكات نارية بقنا تنتهي بمصرع مجرمَين وضبط مخدرات ب62 مليون جنيه    إقامة عزاء للسائق البطل يوم الأربعاء وإعانة 50 ألف جنيه لأسرته    خروج مصابي حادث التسمم إثر تناول وجبة طعام بمطعم بالمنيا بعد تماثلهم للشفاء    أسماء مصطفى تكتب: بعثة حج القرعة رفعت شعار "حج بلا معاناة في رحلة الإيمان والتجرد"    140 حديقة تواصل استقبال المواطنين رابع أيام عيد الأضحى المبارك في أسوان    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    الحكومة تبحث إقرار زيادة جديدة في أسعار شرائح الكهرباء سبتمبر المقبل    والد إيلون ماسك يكشف ما حدث لابنه بسبب ترامب    "التعليم العالي" تعلن حصاد أداء الأنشطة الرياضية خلال العام المالي 2024 -2025    ريال مدريد يفكر في طلب ألونسو.. بعد كأس العالم للأندية    مراكز الشباب بالدقهلية تقدم الألعاب الترفيهية وعروض غنائية وسحرية فى رابع أيام العيد    طارق الشناوي: فيلم «ريستارت» رؤية ضعيفة وأداء غير متماسك    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    «تاريخ ساحر مليء بالأسرار».. إطلاق الفيديو الترويجي الأول للمتحف الكبير قبل الافتتاح الرسمي    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص 3.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة "فحص المقبلين على الزواج"    الصحة: فحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة "العناية بصحة الأم والجنين"    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    فيروس جديد يثير القلق.. شبيه ب"ميرس" المعروف بمعدل وفيات يصل إلى الثلث    بسبب أزمة الحريديم.. حزب "شاس" يلوح بحل الكنيست    9 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    9 يونيو 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    بعد عودته من الحج.. أحمد سعد يشعل حفله في الساحل الشمالي (صور)    انخفاض التضخم في الصين للشهر الرابع على التوالي    عائلات أسرى إسرائيل تتظاهر للمطالبة بإعادة ذويهم وإنهاء الحرب: أعيدوهم جميعا واخرجوا من غزة    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    سعر الريال القطرى اليوم الإثنين 9-6-2025    مع بدء التصحيح.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الترم الثاني 2025 في القليوبية فور إعلانها    ليفاندوفسكي: لن ألعب لمنتخب بولندا تحت قيادة المدرب الحالي    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    صحة المنيا: 21 مصابًا ب"اشتباه تسمم" يغادرون المستشفى بعد تلقي الرعاية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    فضيلة الإمام الأكبر    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين "الرايخستاج" ومجلس النواب
نشر في البديل يوم 23 - 01 - 2016

عُقدت الجلسة الإفتتاحية للبرلمان الألماني "الرايخستاج" عام 1933 في دار أوبرا كرول، بعد أن دمر حريق مبنى الرايخستاج. كان النواب الشيوعيون قد أعتقلوا إثر مزاعم بتورط حزبهم في إحراق مبنى الرايخستاج، وأحتجز أيضًا عدد قليل من الاشتراكيين، وألقى القبض على أحدهم لدى دخوله المبنى. واصطف أفراد كتيبة العاصفة النازية وراء الإشتراكيين وسدوا مخارج المبنى.
كان هُناك موضوع واحد فقط مطروح أمام الرايخستاج: تمرير "قانون تمكين". يمنح هذا القانون المستشار الألمانى هتلر سلطة إصدار قوانين دون موافقة البرلمان. حتى إذا كانت قوانين تُخالف الدستور، ولما كان القانون يستلزم تعديلًا للدستور، كان ذلك يتطلب موافقة أغلبية الثلثين، ومن ثم كان النازيون بحاجة إلى دعم المحافظين.
حوى الخطاب الذى ألقاه "هتلر" لطرح القانون المقترح تطمينات للمحافظين بأن تمريره لن يهدد وجود البرلمان ولا منصب مثلهم الأعلى "الرئيس هيندنبورج" ما جعل أن يصوت المحافظون لمصلحة قانون التمكين.
قرأ هتلر إعلانه في تجهُّم حاد ورباطة جأش استثنائية، لم يتجلَّ انفعاله المعروف عنه إلا عند دعوته لإعدام مدبر حريق الرايخستاج على رؤوس الأشهاد، ووعيده الشرس للاشتراكيين. وفي نهاية كلمته هدر النواب النازيون بصوت مدوّ "المانيا فوق الجميع" ردًا على هتلر.
احتج الاشتراكي أوتو فيلز بشجاعة مستندًا إلى "مباديء الإنسانية والعدالة والحرية والاشتراكية". لكن السفير الفرنسي يتذكر أنه تحدث بنبرة أشبه بصياح طفل مضروب. واختتم فيلز الذي غص الانفعال صوته كلمته بالإعراب عن أطيب أمنياته لأولئك الذين تحفل بهم السجون ومعسكرات الاعتقال.
رد عليه هتلر، الذي كان يدون الملاحظات في عصبية محمومة، منفعلًا ومتهمًا الاشتراكيين بأنهم قد عذبوا النازيين طوال 14 عامًا. في الواقع، لم يكن النازيون يعاقبون على أنشطتهم غير المشروعة -في حال عقابهم من الأساس- إلا بأخف العقوبات. قوبل رد هتلر بصيحات استهجان من الاشتراكيين، لكن من ورائهم كان هسيس أفراد "كتيبة العاصفة" يتردد "سوف تعدمون شنقًا اليوم".
وافق البرلمان على قانون التمكين بأغلبية 444 صوتًا مؤيدًا مقابل 94 صوتًا معارضًا من الاشتراكيين. الأمر الذي أطاح بسيادة القانون، وأرسى الأساس لنوع جديد من السلطة القائمة في المقام الأول على إرادة الفوهرر. عمليًا، منح هذا القانون النازيين الحق في اتخاذ ما يرونه مناسبًا، ما يحقق "المصالح العليا للشعب الألماني" ضد أي شخص يعتبرونه عدوًا للرايخ؛ وكان الاشتراكيون أول الضحايا. "من الفاشية كيفن باسمور".
انتهى المشهد داخل البرلمان الألماني، وانتهى هتلر وأسطورته، وبقيت أفعال النازيين داخل البرلمان، تسطرها كتب التاريخ، وتدرس في كتب العلوم السياسية رغم مرور العقود لكنها تكشف معها كافة الطرق التي إستخدمها هتلر وبرلمانه وإعلامه في شحذ الهمم والسيطرة على عقول الجماهير.
حتى أطلت علينا مشاهد البرلمان المصري في عام 2016 لتبرز لنا نوعًا جديدًا من الهزلية الساخرة داخل مجلس لا يرتقي أن يطلق عليه مجلسًا للنواب. مشاهد البرلمان في بداية دورته عكست حجم اللامنطق الذي تعيشه البلاد، ويرعاه النظام.
مشاهد فجة ومضحكة لمجلس مرر مئات القوانين في ساعات معدودة، مجلس تخللت جلساته مساخر وهزليات لو دونت في مضبطته لخرج علينا التاريخ متهمًا الشعب بأكمله بالجنون وربما بالجهل، مجلس خلى حتى من المعارضة الصورية.
تساءلت لبرهة ماذا لو كان هتلر يحضر جلسة من جلسات الرايخستاج، وشاهد نائب من هؤلاء النواب النازيين وهو "يحلف بالطلاق" بعدم القسم على الدستور لأنه لا يعترف ببعض مواده، ويلتف حوله زملائه النازيين وهم يُحاولون إثنائه على عدم القسم.
أو أن يراهم يوافقون على قانون تفعيل التوقيت الصيفي، وإلغائه في ذات الجلسة.. قبل أن يستجمع رئيس البرلمان رباطة جأشه وهو يخاطب النواب "أرجو البقاء وإلتزام الهدوء، إنتوا بتتغدوا وتمشوا" !
نعم برغم المجازر التي ارتكبها بعض الطغاة على مدار التاريخ، وبحور الدم التي لوثت أياديهم نتيجة استبدادهم وبطشهم ضد شعوبهم، إلا أن هؤلاء الطغاة عندما تسمع لأحدهم خطابًا وبرغم كرهك البين له، رغمًا عنك ستشعر بالهيبة لشحذه الهمم بطريقة تثير الإعجاب، ولخطبه المفوهة وكلماته المنمقة.
لم نجد أحدهم وهو يخطب خطبة تافهة فقالوا "خطاب تاريخي" وإذا هدر بأوامر لا معنى لها صاحوا بصوت كهزيم الرعد "توجهات سامية"، وإذا تعطلت المرافق من مواصلات وكهرباء وماء وصرف صحي، صاحت الأبواق "نعمل بناء على توجيهات".
لم يكن هناك برلمان مهمته "سلق" القوانين وتمريرها والموافقة عليها في أيام معدودة. نعم كان هناك توازنات ومؤامات وتنازلات من قِبل الأغلبية، والأدهى من ذلك أن هذه الأغلبية عندما تريد تمرير قانون ما، فإنها كانت تحتاج في البداية إلى تطمينات لباقي القوى السياسية، وعندما تتمكن تمارس سطوتها والتنكيل بالمعارضين لهذه القوانين.
حتى في أعتى النُظم الديكتاتورية وأكثرها فاشية، كان هناك تناحر وصراع بين قوتين أحدهما ممسك ومهيمن بمقاليد الحُكم، والآخر معارض له. لم يكن هناك برلمان مهمته "سلق" القوانين وتمريرها والموافقة عليها في أيام معدودة.
كانت هناك توازنات ومؤامات وتنازلات من قِبل الأغلبية، والأدهى من ذلك أن هذه الأغلبية عندما تريد تمرير قانون ما، فإنها تحتاج في البداية إلى تطمينات لباقي القوى السياسية، وعندما تتمكن تمارس سطوتها والتنكيل بالمعارضين لهذه القوانين.
لو علم هتلر ما ستؤول إليه الأنظمة الفاشية بعد موته لخرج من تربته وانتحر مرة قبل أن يرى كل هذه المساخر التى حطمت هيبة المستبدين القدامى، وجعلت من المستبدين الجُدد مادة خصبة للسخرية.
#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.