ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    شوقي حامد يكتب: غياب العدالة    وجوه بائسة وغيبوبة من الصدمة، شاهد ما حدث في لقاء محافظ الدقهلية أصحاب محال "سوق الخواجات"    آداب سماع القرآن الكريم.. الأزهر للفتوي يوضح    ما حكم إخراج الزكاة لتوفير فرص العمل للشباب.. الإفتاء تجيب    الحصر العددي لانتخابات الإعادة في الدائرة الثالثة بأسيوط    مسيرات مجهولة تثير الرعب قرب طائرة زيلينسكي أثناء زيارته أيرلندا (فيديو)    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    عصام عطية يكتب: الأ سطورة    وزير الأوقاف ينعي شقيق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم    الأنبا رافائيل يدشن مذبح «أبي سيفين» بكنيسة «العذراء» بالفجالة    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    عاجل- أكسيوس: ترامب يعتزم إعلان الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق غزة قبل أعياد الميلاد    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    "الأوقاف" تكشف تفاصيل إعادة النظر في عدالة القيم الإيجارية للممتلكات التابعة لها    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    تفوق للمستقلين، إعلان نتائج الحصر العددي للأصوات في الدائرة الثانية بالفيوم    قفزة عشرينية ل الحضري، منتخب مصر يخوض مرانه الأساسي استعدادا لمواجهة الإمارات في كأس العرب (صور)    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    البابا تواضروس الثاني يشهد تخريج دفعة جديدة من معهد المشورة بالمعادي    محطة شرق قنا تدخل الخدمة بجهد 500 ك.ف    وزير الكهرباء: رفع كفاءة الطاقة مفتاح تسريع مسار الاستدامة ودعم الاقتصاد الوطني    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    إعلان القاهرة الوزاري 2025.. خريطة طريق متوسطية لحماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الأزرق    غرفة التطوير العقاري: الملكية الجزئية استثمار جديد يخدم محدودي ومتوسطي الدخل    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    انقطاع المياه عن مركز ومدينة فوه اليوم لمدة 12 ساعة    اختتام البرنامج التدريبي الوطني لإعداد الدليل الرقابي لتقرير تحليل الأمان بالمنشآت الإشعاعية    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين "الرايخستاج" ومجلس النواب
نشر في البديل يوم 23 - 01 - 2016

عُقدت الجلسة الإفتتاحية للبرلمان الألماني "الرايخستاج" عام 1933 في دار أوبرا كرول، بعد أن دمر حريق مبنى الرايخستاج. كان النواب الشيوعيون قد أعتقلوا إثر مزاعم بتورط حزبهم في إحراق مبنى الرايخستاج، وأحتجز أيضًا عدد قليل من الاشتراكيين، وألقى القبض على أحدهم لدى دخوله المبنى. واصطف أفراد كتيبة العاصفة النازية وراء الإشتراكيين وسدوا مخارج المبنى.
كان هُناك موضوع واحد فقط مطروح أمام الرايخستاج: تمرير "قانون تمكين". يمنح هذا القانون المستشار الألمانى هتلر سلطة إصدار قوانين دون موافقة البرلمان. حتى إذا كانت قوانين تُخالف الدستور، ولما كان القانون يستلزم تعديلًا للدستور، كان ذلك يتطلب موافقة أغلبية الثلثين، ومن ثم كان النازيون بحاجة إلى دعم المحافظين.
حوى الخطاب الذى ألقاه "هتلر" لطرح القانون المقترح تطمينات للمحافظين بأن تمريره لن يهدد وجود البرلمان ولا منصب مثلهم الأعلى "الرئيس هيندنبورج" ما جعل أن يصوت المحافظون لمصلحة قانون التمكين.
قرأ هتلر إعلانه في تجهُّم حاد ورباطة جأش استثنائية، لم يتجلَّ انفعاله المعروف عنه إلا عند دعوته لإعدام مدبر حريق الرايخستاج على رؤوس الأشهاد، ووعيده الشرس للاشتراكيين. وفي نهاية كلمته هدر النواب النازيون بصوت مدوّ "المانيا فوق الجميع" ردًا على هتلر.
احتج الاشتراكي أوتو فيلز بشجاعة مستندًا إلى "مباديء الإنسانية والعدالة والحرية والاشتراكية". لكن السفير الفرنسي يتذكر أنه تحدث بنبرة أشبه بصياح طفل مضروب. واختتم فيلز الذي غص الانفعال صوته كلمته بالإعراب عن أطيب أمنياته لأولئك الذين تحفل بهم السجون ومعسكرات الاعتقال.
رد عليه هتلر، الذي كان يدون الملاحظات في عصبية محمومة، منفعلًا ومتهمًا الاشتراكيين بأنهم قد عذبوا النازيين طوال 14 عامًا. في الواقع، لم يكن النازيون يعاقبون على أنشطتهم غير المشروعة -في حال عقابهم من الأساس- إلا بأخف العقوبات. قوبل رد هتلر بصيحات استهجان من الاشتراكيين، لكن من ورائهم كان هسيس أفراد "كتيبة العاصفة" يتردد "سوف تعدمون شنقًا اليوم".
وافق البرلمان على قانون التمكين بأغلبية 444 صوتًا مؤيدًا مقابل 94 صوتًا معارضًا من الاشتراكيين. الأمر الذي أطاح بسيادة القانون، وأرسى الأساس لنوع جديد من السلطة القائمة في المقام الأول على إرادة الفوهرر. عمليًا، منح هذا القانون النازيين الحق في اتخاذ ما يرونه مناسبًا، ما يحقق "المصالح العليا للشعب الألماني" ضد أي شخص يعتبرونه عدوًا للرايخ؛ وكان الاشتراكيون أول الضحايا. "من الفاشية كيفن باسمور".
انتهى المشهد داخل البرلمان الألماني، وانتهى هتلر وأسطورته، وبقيت أفعال النازيين داخل البرلمان، تسطرها كتب التاريخ، وتدرس في كتب العلوم السياسية رغم مرور العقود لكنها تكشف معها كافة الطرق التي إستخدمها هتلر وبرلمانه وإعلامه في شحذ الهمم والسيطرة على عقول الجماهير.
حتى أطلت علينا مشاهد البرلمان المصري في عام 2016 لتبرز لنا نوعًا جديدًا من الهزلية الساخرة داخل مجلس لا يرتقي أن يطلق عليه مجلسًا للنواب. مشاهد البرلمان في بداية دورته عكست حجم اللامنطق الذي تعيشه البلاد، ويرعاه النظام.
مشاهد فجة ومضحكة لمجلس مرر مئات القوانين في ساعات معدودة، مجلس تخللت جلساته مساخر وهزليات لو دونت في مضبطته لخرج علينا التاريخ متهمًا الشعب بأكمله بالجنون وربما بالجهل، مجلس خلى حتى من المعارضة الصورية.
تساءلت لبرهة ماذا لو كان هتلر يحضر جلسة من جلسات الرايخستاج، وشاهد نائب من هؤلاء النواب النازيين وهو "يحلف بالطلاق" بعدم القسم على الدستور لأنه لا يعترف ببعض مواده، ويلتف حوله زملائه النازيين وهم يُحاولون إثنائه على عدم القسم.
أو أن يراهم يوافقون على قانون تفعيل التوقيت الصيفي، وإلغائه في ذات الجلسة.. قبل أن يستجمع رئيس البرلمان رباطة جأشه وهو يخاطب النواب "أرجو البقاء وإلتزام الهدوء، إنتوا بتتغدوا وتمشوا" !
نعم برغم المجازر التي ارتكبها بعض الطغاة على مدار التاريخ، وبحور الدم التي لوثت أياديهم نتيجة استبدادهم وبطشهم ضد شعوبهم، إلا أن هؤلاء الطغاة عندما تسمع لأحدهم خطابًا وبرغم كرهك البين له، رغمًا عنك ستشعر بالهيبة لشحذه الهمم بطريقة تثير الإعجاب، ولخطبه المفوهة وكلماته المنمقة.
لم نجد أحدهم وهو يخطب خطبة تافهة فقالوا "خطاب تاريخي" وإذا هدر بأوامر لا معنى لها صاحوا بصوت كهزيم الرعد "توجهات سامية"، وإذا تعطلت المرافق من مواصلات وكهرباء وماء وصرف صحي، صاحت الأبواق "نعمل بناء على توجيهات".
لم يكن هناك برلمان مهمته "سلق" القوانين وتمريرها والموافقة عليها في أيام معدودة. نعم كان هناك توازنات ومؤامات وتنازلات من قِبل الأغلبية، والأدهى من ذلك أن هذه الأغلبية عندما تريد تمرير قانون ما، فإنها كانت تحتاج في البداية إلى تطمينات لباقي القوى السياسية، وعندما تتمكن تمارس سطوتها والتنكيل بالمعارضين لهذه القوانين.
حتى في أعتى النُظم الديكتاتورية وأكثرها فاشية، كان هناك تناحر وصراع بين قوتين أحدهما ممسك ومهيمن بمقاليد الحُكم، والآخر معارض له. لم يكن هناك برلمان مهمته "سلق" القوانين وتمريرها والموافقة عليها في أيام معدودة.
كانت هناك توازنات ومؤامات وتنازلات من قِبل الأغلبية، والأدهى من ذلك أن هذه الأغلبية عندما تريد تمرير قانون ما، فإنها تحتاج في البداية إلى تطمينات لباقي القوى السياسية، وعندما تتمكن تمارس سطوتها والتنكيل بالمعارضين لهذه القوانين.
لو علم هتلر ما ستؤول إليه الأنظمة الفاشية بعد موته لخرج من تربته وانتحر مرة قبل أن يرى كل هذه المساخر التى حطمت هيبة المستبدين القدامى، وجعلت من المستبدين الجُدد مادة خصبة للسخرية.
#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.