سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    أسعار البيض في الأقصر اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    تعرف على أسعار الدولار في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    إصابات بصفوف جيش كوريا الشمالية بعد انفجار لغم قرب الحدود مع الجنوب    في اليوم ال256 من العدوان.. 17 شهيدا فى قصف للاحتلال وسط وجنوب غزة    غانتس: ملتزمون بإزالة التهديد الذي يشكله حزب الله على مواطني شمال إسرائيل    حرب جوية.. روسيا وأوكرانيا تتبادلان الهجوم بالطائرات المسيرة    بيان رسمي.. الاتحاد الفرنسي يوضح إصابة مبابي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17- 6- 2024 والقنوات الناقلة    ثالث أيام عيد الأضحى.. انخفاض طفيف في درجات الحرارة بالأقصر    أخبار مصر: جريمة تهز العراق ضحاياها مصريون، آل الشيخ يحرج عمرو أديب بسب الأهلي، مفاجأة في وفاة طيار مصري وسقوط أسانسير بركابه بالجيزة    ولاد رزق 3 يحقق أكثر من 22 مليون جنيه أمس    ممارسة التدريبات في المساء أفضل من أجل خفض معدلات السكر في الدم    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    أزمة قلبية أم الورم الأصفر، طبيب يكشف سبب وفاة الطيار المصري على متن الرحلة    علامات تدل على ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.. تعرف عليها    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    نائب أمير مكة يسلم كسوة الكعبة لسدنة بيت الله الحرام    اندلاع حريق داخل حضانة أطفال في المنيا    مسؤول إسرائيلي يعلق على مصير عشرات الرهائن في غزة    ولي العهد السعودي يؤكد ضرورة الوقف الفوري للاعتداء بغزة    ليبيا تعيد 7100 مهاجر قسرا وتسجل 282 حالة وفاة في البحر المتوسط    ضحايا الحر.. غرق شخصين في مياه النيل بمنشأة القناطر    جوتيريش يدعو دول العالم إلى سرعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    عبدالحليم قنديل: طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    «لازم تعاد».. سمير عثمان يكشف مفاجأة بشأن ضربة جزاء الزمالك أمام المصري البورسعيدي    إسعاد يونس: عادل إمام أسطورة خاطب المواطن الكادح.. وأفلامه مميزة    إيهاب فهمي: بحب أفطر رقاق وفتة بعد صلاة العيد وذبح الأضحية    مفتي الجمهورية: نثمن جهود السعودية لتيسير مناسك الحج    عارفة عبد الرسول تكشف سرقة سيدة لحوما ب2600.. وتعليق صادم من سلوى محمد علي    رونالدو يبدأ الحلم البرتغالي.. وجورجيا تستعد لمشاركة تاريخية في يورو 2024    ملف مصراوي.. أزمة ركلة جزاء زيزو.. قرار فيفا لصالح الزمالك.. وحكام الأهلي والاتحاد    هيئة البث الإسرائيلية: الجيش والمخابرات كانا على علم بخطة حماس قبل 3 أسابيع من هجوم 7 أكتوبر    افتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ بمستشفيات جامعة عين شمس.. 25 يونيو    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    محافظ المنيا: حملات مستمرة على مجازر خلال أيام عيد الأضحى    تعرف على حدود التحويلات عبر تطبيق انستاباي خلال إجازة العيد    مقتل عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    8 أعراض تظهر على الحجاج بعد أداء المناسك لا تقلق منها    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    الزمالك يهدد بمنتهى القوة.. ماهو أول رد فعل بعد بيان حسين لبيب؟    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    معركة حسمها إيفان.. حكم الفيديو أنقذنا.. تعليقات الصحف السلوفاكية بعد الفوز على بلجيكا    ثبات سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل المشكلة في الشعب؟
نشر في البديل يوم 17 - 01 - 2016

الاستبداد عدو الشعب، ولا يعيش دون الترويج بأن المشكلة في الشعب، وأن الحكام سيأخذون بيد الشعب ويعملون على تحديثه وإخراجه من مشكلاته وتحقيق مصالحه. هذه حقيقة تاريخية تكررت عبر حقب زمنية مختلفة.
وفي مصر، وبرغم تحكم قوى الثورة المضادة، إلا أن النظام يعيش حالة من الخوف الدائم من الشعب وخاصة كلما اقترب يوم 25 يناير. حالة الخوف سببها الوحيد أن النظام يعرف جيدا أن الشعب أقوى منه، وأنه متى أدرك الشعب قوته لن يستمر النظام طويلا.
ويعرف أي قارئ لتاريخ نظم الاستبداد أن هذه النظم تحتاج إلى ترويج عدة مغالطات حتى يمكنها حجب هذه الحقيقة وبالتالي الاستمرار في الحكم.
أولا: تعمل نظم الاستبداد على إيجاد عدو لتخويف الشعب منه وتبرير الحكم المطلق والأحكام الاستثنائية وتدخل الأجهزة الأمنية في السياسة والمجتمع، وهذه سياسة قديمة قدم الاستبداد. فالحاكم غير الشرعي الذي جاء بالقهر ويتجاوز وظيفته الأصلية في "الحكم بما يحقق المصلحة العامة"، لا يمكن له تبرير استبداده بالسلطة بدون زرع الخوف في قلوب الناس عبر الترويج لعدو داخلي أو خارجي.
حدث هذا على يد قوى الاستعمار الأوروبي تجاه حركات التحرر الوطني في العالم الثالث التي وصفت بالإرهاب والتخريب، ولا يزال يحدث مع وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب من قبل دولة الاحتلال ومن يتحالف معها. وحدث أيضا في أميركا اللاتينية تحت اسم محاربة "الإرهاب" والذي كان هناك حركات اليسار، وحدث في دولنا العربية في الخمسينيات والستينيات عندما تم الترويج أنه لا صوت يعلو فوق صوت معركة تحرير الأرض. ويحدث اليوم على يد الثورات المضادة ضد الشعوب العربية عبر ما يسمى الحرب على الإرهاب، ومساواة من يناضلون من أجل الحرية مع دعاة العنف والإرهاب.
ثانيا: يعمل المستبد على الترويج بأن هناك تعارضا بين الحرية والأمن، وأن الحريات ستؤدي للفوضى والحروب الأهلية، وأن الشعب يريد الأمن وليس الحرية.
والحقيقة هي أن المستبد هو الذي يمارس الإرهاب ضد شعبه؛ لأنه يقيم سلطة قهرية مطلقة، لا تنكل بخصومها وتسلب حريات الناس فقط وإنما تحجب عقولهم عن التفكير، وتزرع فيهم الأنانية والخوف والطاعة العمياء، وتعمق الانقسامات والتمييز والأحقاد في المجتمع. وعادة ما ينتج عن الاستبداد انهيار الأخلاق، والتخلي عن مقومات الهوية والثقافة وفساد التعليم، وشيوع الفساد والمحسوبية، وتخلف النظم السياسية والاجتماعية، ونهب الثروات وضياع فرص التنمية الحقيقية؛ والتبعية المذلة للخارج.. وعادة أيضا ما تنتهي هذه النظم بهزيمة عسكرية مذلة أو بعصيان مسلح أو بحرب أهلية أو بغزو خارجي.. إن الأمن الذي يحققه المستبد هو أمن النظام واستقرار امتيازاته وبقاء نمط الهيمنة القائم فقط.
ثالثا: يروج المستبد بأن الشعب غير ناضج لممارسة الديمقراطية والتمتع بالحرية، ويكون المطلوب والمقبول فقط من الشعب هو تأييد النظام المطلق وترك السياسة للنخب الحاكمة لتحتكرها إما بالوراثة أو بالقوة القهرية.
لكن الحقيقة هي إن تأجيل إقامة دولة الحريات والمؤسسات الديمقراطية حتى "ينضج" الشعب وترتفع ثقافته السياسية حجة تستخدم للالتفاف على مطالب الشعب في الحرية، والإبقاء على وصاية الحكام على الشعب والإبقاء على الامتيازات الخاصة.
ولا يمكن تصور أن نظام الحكم المستبد سيعمل على توعية الشعب ورفع ثقافته، فعلى العكس لا يحكم المستبد إلا الشعب المغيب، ولا يستمر إلا مع تغييب الوعي وتسطيح العقول وتخريب الجامعات والسيطرة على الإعلام.
بجانب أن تجارب الأمم الأخرى لا تؤيد فرضية الانتظار حتى ترتفع ثقافة الشعب ثم يحصل على حريته. صحيح أن أوروبا عرفت أفكار التنوير لكن المجتمعات هناك خاضت حروبا وصراعات دموية حتى تنتزع حريتها. ومع هذا ظلت الأفكار العنصرية وممارسات التمييز بين الناس سائدة في أوروبا وأمريكا حتي القرن العشرين عندما تم وبشكل تدريجي التخلي عن الكثير منها..
ولا تزال شعوب كثيرة بالعالم الثالث تعاني من مستويات متدنية من الوعي والجهل والفقر برغم أنها استطاعت بناء أنظمة حكم ديمقراطية. والحكومات الديمقراطية هناك تجتهد في بناء اقتصاديات هذه الدول، وحقق بعضها نجاحا ملفتا كتركيا والبرازيل والهند وغيرها.
رابعا: يروج المستبد أن الشعب مع النظام ومع من يحقق له الأمن والاستقرار، وأن الشعب لن يثور ضده، لكن الحقيقة هي أن كل النظم الشمولية والعسكرية تكتسب بعض الدعم من بعض الفئات في المجتمع إمّا طمعا وراء امتيازات ومكاسب مادية، أو نتيجة عمليات تضليل الشعوب عبر الإعلام، أو خوفا من القمع، أو نتيجة الترويج لمشروعات وهمية لتخدير الجماهير وبث أمل زائف في نفوسهم، أما الغالبية العظمى من الشعب فلا تكون مع النظام في واقع الأمر.
وفي مصر، هناك بالفعل ظهير شعبي لكنه لا يمثل عقبة أمام التغيير كما يتصور البعض، فهذا الظهير (أو ما تبقى منه بعد انكشاف الكثير من الحقائق جراء الفشل السياسي الواضح والمجاهرة بالجهل والفساد وبسبب التسريبات الإعلامية أيضا) يتكون من ثلاث فئات: فئة المنتفعين من الاستبداد من أنصار نظام مبارك ومن المنتفعين واللصوص الجدد، وفئة تضم بعض المنتمين لمؤسسات الدولة الذين نجح نظام مبارك في الهيمنة عليهم عبر أسلوب الزبائنية المعروف، وربط مصالحهم ببقاء النظام والفساد والاستثناءات، وفئة المغيبين الذين أثّرت فيهم وسائل الإعلام وآلة الدعاية ونشر الشائعات، فضلا عن بعض السياسيين والمثقفين الذين ظنوا فعلا بأنه يمكن الوصول إلى الديمقراطية عبر الاستقواء بالجيش وإقصاء الإسلاميين، ثم اكتشفوا متأخرا خطأ تصوراتهم وفداحة الثمن الذي يدفعه الجميع. والغالبية العظمى من هذا الظهير لم تعارض من قبل ولم تخرج في أي مظاهرة ضد مبارك، وبالتالي لا يجب التعويل عليهم، والتغيير القادم في واقع الأمر سيكون ضد مصالح هؤلاء فكيف ننتظر أن يتحرك هؤلاء مع الثورة، وعندما تحين لحظة التغيير الحقيقي لن تسمع لهؤلاء صوتا.
كما أنه ليس المطلوب أن يكون كل الشعب -أو غالبيته العظمى- مع التغيير ومع الثورة، فيكفي طليعة تحرك الأمور وتكتسب هي الأخرى تدريجيا ظهيرا شعبيا، فحركات التغيير والقوى التي تحرك الثورات تمثل عادة نسبة صغيرة من الشعب كما هو معروف.
إن أزمة مصر ومعظم الدول العربية العرب في الأساس هي أزمة مع النخب وثقافتها وليست مع الشعوب، فالنخب التقليدية هي التي تصدرت المشهد في أكثر من بلد عربي بدلا من إفساح المجال للشباب والطلائع التي حركت وقادت الحراك الشعبي، وهي التي صدّرت خلافاتها التاريخية وتناقضاتها الفكرية إلى الشعوب، وهي التي تصر على تحميل الشعوب كل الخطايا وتمارس كل أنواع الوصاية عليها، وهي التي ارتكبت الكثير من الأخطاء وفشلت في البناء والتأسيس.
وفي مصر تحديدا كشفت الثورة والثورة المضادة حجم الأزمة التي تعاني منها. لقد ترك لنا إرث مبارك نخبة مهترئة، بعضها مخترق من الأجهزة الأمنية وبعضها الآخر لا يقرأ ولا يفهم، ويتصدى للقضايا الكبرى بعقل ضيق الأفق وانتهازي، ويتخلي عن أبسط المبادئ في سبيل تحقيق مصالحه الخاصة.
ما بين الشعب والتغيير لوح زجاجي هش سيسقط قريبا، لكن لا يعرف أحد كيف ومتى سيسقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.