في الوقت الذي يغض فيه العرب الطرف عن التطرف والإرهاب الصهيوني في فلسطين، ربطوا خلال اليومين الماضيين اسم حزب الله بالإرهاب في اجتماع وزراء خارجية دول الجامعة العربية في القاهرة 10 يناير الحالي، مما أثار كثيرًا من التساؤلات حول المعايير التي يجب توافرها في الدولة أو الحزب أو الشخص ليتسم بهذه الصفة، وكيف بدأ الحديث عن إرهاب الكيان الصهيوني يخفت ويضعف على حساب ما تسميه السعودية بالخطر الإيراني؟ وأدان البيان الختامي للاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، خاصة سورياولبنان والعراق واليمن، وصدر البيان بإجماع الدول العربية، وامتنعت لبنان على الموافقة بسبب الإشارة إلى حزب الله وربطه بالمنظمات الإرهابية، كما كان للعراق عدة ملاحظات، ولكنه تجاوز عنها. دوافع الربط.. سعودية وفي ظل غياب المعايير الدولية لتعريف واضح لمفهوم الإرهاب، صار من الضروري البحث عن دوافع المملكة في تبرير هذا الربط، فإذا كان حزب الله إرهابيًّا لدعمه الرئيس السوري بشار الأسد، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية مؤخرًا، فهذا موقف سياسي بحت، خاصة أن علاقات حزب الله وسوريا ليست وليدة اللحظة، كما هي علاقات سوريا بروسيا التي تمتد لعدة عقود، فالسعودية نفسها تدعم الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي في اليمن وبالقوة العسكرية، رغم أنه لا يحظى بتوافق شعبي ولا يلتف حوله كل اليمنيين، كما أنها تدعم الرئيس اليمني المعزول علي صالح قبل أن تتغير المصالح بينهما. وتطابق موقف مصر بالإمارات، في أن مصير الأسد يحدده الشعب السوري في دلالة واضحة بأن الأسد لو حظي بدعم شعبي فمن الممكن أن يستمر في الحكم، فدعم نظام من عدمه لا يمكن اعتباره إرهابًا، طالما أن هذا النظام ليس الكيان الصهيوني. واعتبار حزب الله إرهابيًّا لقتاله ما تسميه السعودية «المعارضة المعتدلة» سيؤدي بالضرورة إلى ازدياد نفوذ داعش في المنطقة والتشكيك بأهمية الصراع الشعبي ضد هذه الجماعات الإرهابية، ومصر أحد أعضاء التحالف العربي والإسلامي الآن في المرحلة الرئيسة الثانية من عملية «حق الشهيد»الموجهة لداعش وأخواتها تؤكد وجوب محاربة هؤلاء المتطرفين الذين يشكلون خطرًا حقيقيًّا. الخلافات طبيعية الخلاف بين السعودية وإيران أو غيرها من الدول العربية والإسلامية طبيعي، لكن تصعيد هذا الخلاف ينحي الخلاف الحقيقي مع العدو الصهيوني جانبًا، خاصة أن مخططات العدو تسعى للنيل من الجيوش العربية واحدًا تلو الآخر، ويمكن استثمار عداء إيران كدولة مدرجة في منظمة التعاون الإسلامي للكيان الصهيوني في خدمة المصالح العربية، كما فعلت حماس التي مكنها الدعم الإيراني من تطوير قوتها الصاروخية لتحقق توازنا أرعب إسرائيل. الصراع يستنزف العرب العدو الصهيوني يسعى لاستنزاف طاقة العرب والمسلمين، من خلال إلهائهم بصراعات فيما بينهم، خاصة أن مراقبين ألمحوا إلى أن التحالف الإسلامي العسكري أصبح يشكل بعدًا طائفيًّا، حيث وصفه البعض ب«الناتو السُني» لأنه استثنى عدة دول تندرج في منظمة التعاون الإسلامي كإيران والعراق وسوريا من هذا التحالف، وقال المراقبون وقتها: قد يكون لهذا التحالف غايات أخرى غير مكافحة الإرهاب، وربط حزب الله بالإرهاب في حد ذاته شكل تصعيدًا خطيرًا بالمنطقة، وبتتبع للتحركات السعودية نجدها تمشي في هذا المسار، فبعد إغلاق قنوات حزب الله كقناة المنار والميادين على العربسات وجدناها تربطه بالإرهاب، ومن ثم تأتي خطوة مواجهته عسكريًّا فيما بعد. تطابقت مواقف بعض الدول العربية مع بعض الدول التي اعتبرت حزب الله إرهابيًّا، حيث يأتي في مقدمتها الكيان الصهيوني، فإسرائيل تعتبر الحزب بالكامل منظمة إرهابية، وكذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا وفرنسا، على خلفية صراعه مع العدو الصهيوني. تبعتهم في ذلك البحرين حين أعلنت 20 ديسمبر 2015 أنها ستتخذ تدابير أمنية وقانونية حازمة ضد كل من يتعامل بأي شكل من الأشكال مع المنظمات أو الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، وكذلك الحال بالنسبة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يعتبر الحزب بالكامل منظمة إرهابية، مما يؤكد أن كل هذه المواقف تخدم مصالح الكيان الصهيوني.