أب يقف على بوابة المستشفى يتوسل للحارس لكي يسمح له بالمرور وإلحاق مولوده بحضانة المستشفى، في الوقت نفسه تطالعنا الصحف يوميًا بالنداءات للمسؤولين ولأصحاب القلوب الرحيمة للتدخل وإنهاء أزمة الحضانات والأطفال «المبتسرون». وكشفت تقارير منظمة الصحة العالمية أن 9% من المواليد مبتسرون، بينما ترتفع النسبة في مصر لتصل إلى ما يقرب من 19% وهي مقاربة من إحصائيان إنجلترا بواقع طفل لكل 400 مولود وأنه خلال 2014 ولد فى مصر 3 مليون و600 ألف مولود واحتاج ذلك 6 آلاف و500 حضانة. في مستشفى الجامعة بمدينة طنطا، امتلأت الحضانات عن آخرها بالأطفال حديثي الولادة، ووقف الأب يتابع طفلته في لهفة من خلال الحاجز الزجاجي المحيط بالحضانة راح يداعبها في حنان وهى بالطبع لا تشعر به، وضعت طفلته بالحضانة منذ ثلاثة أيام لان وزنها عند الولادة كان اقل من كيلو جرام مع ارتفاع نسبة الصفراء. قال محمود عبد السلام، 45 سنة والد الطفلة، تزوجت منذ عشر سنوات وأخذت احلم بطفل يحمل اسمى لكن مشيئة الله أثمرت ميلاد هند بعد أن تجاوزت الأم الخامسة والثلاثين، وحذرنا الأطباء من الحمل في هذا السن، ولكنها كانت فرصتنا الأخيرة ثم نظر الى فى رجاء قائلا تفتكر "هتعيش " شاكيا من أزمة نقص الحضانات واطقم التمريض الخاصة بهؤلاء الاطفال بالمحافظة. اشتد الصمت بى الى ان وقفت بجوارى سيدة عجوز تتابع حفيدها بعين دامعة وقلب كسير ابنتها طريحة الفراش بغرفة الانعاش وها هو طفلها المسكين يرقد بين الحياة والموت بالحضانة حالته حرجة يعانى من صعوبة فى التنفس لعدم نضج الرئة وقلة الموارد البروتينية والدهنية التى تساعد على الحفاظ على مرونة الرئة "وصف الحالة من خلال التقرير الطبى ". فى الركن الآخر جلس على مقاعد الانتظار شاب فى الثلاثين من عمره، شارد النظر والفكر، هو مهندس بإحدى شركات المقاولات، تزوج منذ عام بابنة عمه المريضه بالسكر والضغط وكان هذا المرض مفاجأة للجميع اكتشفوها اثناء الولادة التى تمت فى الشهر السابع لمولود وزنه اكثر من 3 كيلو جرام ويعانى من عدم نضج بالجهاز المركزى للتحكم فى التنفس بالمخ فتم وضعه فى الحضانة من اجل العلاج. قطع الصمت المحيط بالحضانات صوت الطبيب المباشر واخذ ينادى باعلى صوته على طاقم التمريض المسؤل عن الحضانة كانت الساعة قاربت الثالثة ظهرا موعد تغيير النوبتجية، الطبيب يبحث عن العاملين فى التمريض ما يقرب من نصف ساعة لكن دون جدوى واضطر الطبيب للقيام بنفسه بضبط درجة حرارة الحضانات وضبط نسب الاكسجين لكل طفل على حدة، دفعنى الفضول للتعرف على سر غضب واضطراب الطبيب فعرفت الامر من خلال المذكرة المحررة من قبل الطبيب لإدارة المستشفى لمعاقبة مسؤلى التمريض، بعد ملاحظة الطبيب اثناء مروره ازدياد لون اربعة اطفال زرقة مع هبوط شديد بالقلب والدورة الدموية وصعوبة التنفس، وعندما اقترب الطبيب لمعرفة الاسباب التى ادت للتدهور السريع اكتشف ان مسؤلى التمريض اهملوا فى ضبط درجة رطوبة الحضانة ولم يتم استعمال الاكسجين بالنسب المدونة بالبطاقة المرفقة بالحضانة طبقا لتعليمات الطبيب، الامر الزى كان سيترتب عليه وفاة الاطفال الاربعة بسبب الاهمال الجسيم. بينما قال احمد سمير، موظف ان "مولودة أخته كانت مريضة وفى غيبوبة سكر ومش لاقيه حضانة، وهلكنا بحثًا عن سرير متاح، كان كلها مشغولة بحالات اخرى وبصراحة لولا الواسطة لم نكن نستطيع الحاقها بغرفة الحضانة ". وقال اشرف نبيل، محاسب انه ذهب بمولوده الى حضانة مستشفى كفر الزيات العام الا ان المسؤلين ابلغوه انها معطلة ولكن همس لى احد الاطباء قائلا ان الحضانة سليمة تماما ولكن كسل الاطباء وطاقم التمريض الخاص بها هو السبب وراء رفض الحالات الواردة و تحويلها الى مستشفيات اخرى فى ذات السياق اتهم أهالي أطفال مبتسرون مسؤلى احدى المستشفيات الخاصة بطنطا بالإهمال في علاج أطفالهم داخل الحضانة ما أسفر عن تدهور حالتهم الصحية وإصابتهم بميكروب في الدم أدى إلى وفاتهم وتحرير شكوى بنقابة الأطباء بالغربية تحمل رقم 223 طالب الاهالى من خلالها بالقصاص وغلق حضانة المستشفى نهائيا وأوضح الدكتور وليد الشيتانى، استشارى النساء والتوليد بمستشفى طنطا الجامعي، أن المبتسر هو مولود ناقص الوزن او ناقص النمو أو الاثنين معًا؛ لأسباب بيئية وهى انخفاض المستوى الاجتماعى والاقتصادى والصحى والغذاء غير الكافى للأم. أما الدكتور أحمد غنيم، مدير الإدارة الصحية بمدينة بسيون فلا يرى أن هناك زيادة في عدد المواليد المبتسرين نتيجة للوعي الصحي الذي ارتفع لتقدم الطب والخدمات الصحية، لافتًا إلى أن تكاليف الحضانات مرتفعة جدًّا، فعلى سبيل المثال هناك بعض الأدوية المخصصة لهؤلاء الأطفال، التي تعمل على تمدد الشعب الهوائية حتى يستطيع الطفل التنفس بسهولة هذا العقار الانبول الواحد منه يصل ثمنه إلى 1800 جنيه ونحن في المستشفى تفاوضنا مع الشركة المنتجة للعقار إلى أن وصل إلى 800 جنيه نحن نحتاج على الأقل إلى 100 انبول في الشهر فماذا نفعل؟ وأشار إلى أن وزارة التخطيط والمالية تمنحنا ميزانية ضعيفة جدًّا من الباب الثاني الخاص بالأدوية والمستلزمات الطبية ومن المفترض أن تكفينا تلك الميزانية احتياجاتنا حتى نهاية العام، لكن في الواقع لا تكفي إلَّا ستة أشهر فقط فاضطررنا أن ننفق نسبة 40% من صندوق المرضى الذي توضع فيه قيمة تذاكر الدخول ومصاريف القسم الاقتصادي على الحضانات لتحسين أدائها وتغطية تكاليفها المرتفعة، مما يعتبر مسكنًا قصير المفعول.