- أنا عشت حياتي كلها تاجر كيوف، ابتديتها بالشاي والبن والدخان، الكيف شهوة، والشهوة هي اللي بتشد القرش من جيوب الناس - انت شيطان - الناس هم اللي مغفلين، وفي شهوتهم غرقانين، واللي يقف ع البر ما يغرقش.. احنا ماضربناش حد على إيده.. اللي بيحبنا هو اللي بيرمي روحه في حضننا. - زمان كنت بغش الشاي بنشارة خشب وابيعه في بواكي شكلها حلو، مكتوب عليها شاي «أبو الأصول».. كسبت والماركة بقالها اسم وسمعت.. وفجأة النشارة غليت والنجارين اتملعنوا.. عبينا الشاي من غير نشارة.. تعرف حصل إيه؟ اتخرب بيتي وفلست.. الزباين طفشت وقالوا عليا غشيت الشاي.. مش باقولك مغفلين! - هم مش مغفلين.. اللي زيك اللي فسدوا ذوقهم.. عودتوهم على الوحش لغاية ما نسيوا طعم الحلو. مشهد من فيلم «الكيف» بين عمالقة الفن جميل راتب، ويحيى الفخراني، إنتاج عام 1985، سيظل خالدًا في تاريخ السينما المصرية؛ لأنه أصبح في الفترة الأخيرة معبرًا عن واقعنا المصري بشكل كبير، خاصة عن مستوى التدهور الذي تشهده السينما المصرية، وجاءت جملة الفنان «يحيى الفخراني» حينما قال: «الناس اتعودت على الوحش لغاية ما نسيوا طعم الحلو» ملخصة لما آلت إليه السينما الآن، بظهور أفلام «عبده موته، قلب الأسد، وشارع الهرم» وغيرها الكثير من الأفلام التي أفسدت الذوق العام عند المصريين، فقد كانت السينما المصرية تحتل المرتبة الثانية بين سينيمات العالم، ومرت بعصر ذهبي، فقد بدأت صناعة السينما في مصر قبل 118 عامًا، وكانت عبارة عن أفلام متنوعة بين استعراضية وغنائية ورومانسية، بالإضافة إلى الأفلام التي ناقشت قضايا اجتماعية حقيقية، وكانت هناك أيضًا تجارب ناجحه جدًّا بالنسبة لأفلام الرعب مثل أفلام «المنزل رقم 13، ريا وسكينة». فيما ظهرت المرأة أيضًا متمردة وساعية للحصول على حقوقها وانتزاعها مثل فيلم «الأستاذة فاطمة» للفنانة الكبيرة الراحلة فاتن حمامة، التي أدت دور المحامية التى عارضت المجتمع وأثبت أن المرأة قادرة على العمل وتأتي بحقوق الضعفاء أكثر من الرجل. ظلت السينما المصرية محتفظة بمكانتها الرائدة على مستوى العالم لعقود طويلة، وقدمت العديد من الأفلام الرائعة، إلى أن جاءت مرحلة تأميم دور العرض في الستينيات، الخطوة التي أدت إلى هروب صناع السينما إلى لبنان وسوريا ومن هنا بدأ انخفاض مستوى السينما. في السبعينيات بدأت المشاهد الساخنة في الانتشار بين الأفلام التي غلب عليها الطابع الرومانسي إلى أن وصلت هذه المشاهد إلى مراحل أكثر إثارة، فيما أصبحت السينما المصرية في الثمانينيات عاجزة عن تحويل نصر أكتوبر إلى عمل فني ضخم، وانتشرت أفلام المقاولات المعتمدة على الإغراء أكثر من قصة الفيلم ذاتها، إلى أن جاءت الأفلام السياسية، ومن أبرز نجوم هذه المرحلة كانت «نادية الجندي، نبيلة عبيد، سهير رمزي، ومديحة كامل». مع بداية التسعينيات غلب الطابع المادي البحت على السينما حتى انتشر عدد من المنتجين الجدد، الذين يبحثون على الربح فقط، دون النظر إلى الرسالة أو الهدف من وراء هذا العمل، وأصبح محتوى معظم الأفلام ضعيفًا ولا يتناسب مع جميع فئات المجتمع، وغلبت مقولة «الجمهور عايز كده» على لسان معظم المنتجين، وامتد هذا إلى الألفينات حتى وصلت السينما إلى انتكاسة حقيقة أصبحت تمر بها الآن، خاصة بعد ثورات الربيع العربي وظهور أبطال أفلام ومنتجين ليس لهم أي علاقة بالفن من قريب أو من بعيد، وأصبحت المادة هي كل شيء. فيما أصبح دعم صناعة السينما هو الحل الآن، مثلما يحدث في الكثير من دول العالم ومنها دول متقدمة مثل فرنسا، التي تفرض ضرائب على الأعمال الأجنبية المعروضة لصالح دعم السينما المحلية، كذلك التعامل مع السينما باعتبارها فنًّا راقيًا وليس باعتبارها مشاهد مثيرة ونساءً عاريات، وهي الفكرة السائدة لدى الشباب، باعتبار المجتمعات العربية ذكورية لا يشعر أفرادها بأن المرأة هي الأم والأخت والزوجة، وأن السينما ليست وسيلة إثارة.