لم تقتصر تربية الأسماك في مصر على المزارع أو الأقفاص، وإنما هناك طريقة ثالثة وهي حقول الأرز، التي تستخدم في تربية النوع الشعبي «البلطي»، حيث بدأ هذا النوع بشكل تقليدي بدخول زريعة الأسماك مع مياه الري في الحقول، وبدأ هذا النوع بشكل تقليدي دخول ذريعة الأسماك مع مياه الري إلى الحقول، وكانت أول تجربة عام 1954 للاستفادة من فترة تواجد المياه في الحقول بشكل مستمر، لمدة تقارب الثلاثة أشهر. من جانبها قالت الدكتورة أماني إسماعيل، أستاذ الاقتصاد والعلوم البيئية بجامعة عين شمس: هذا النظام في تربية الأسماك لا يعتمد على أصناف البلطي فقط، بل يشمل تربية أسماك المبروك أيضًا؛ لكونها ذات معدل نمو سريع خلال فترة زراعة الأرز القصيرة، لافتة إلى أن زراعة الأسماك بحقول الأرز تساهم في القضاء على ظاهرة الريم والديدان الحمراء، وزيادة التهوية نتيجة لحركة الأسماك، ورفع خصوبة التربة بمخلفات الأسماك العضوية، الأمر الذي يعمل على زيادة إنتاجية الفدان من محصول الأرز. وأوضحت الدكتورة أماني أن هناك بعض المشكلات التي تواجه الاستزراع السمكي بحقول الأرز؛ كعدم وجود حقول إرشادية لتكون نموذجًا يسترشد بها المزارع لرفع وعيه، بجانب عدم توفر الزريعة بالأعداد الكافية لقلة المفرخات ومحدودية إنتاجها، مما يؤدي إلى انخفاض أعداد الزريعة المسلَّمة فعليًّا، حيث يتم توزيع أكياس الزريعة محتوية على أعداد أقل من المفروض تسليمها، دون تعريف المزارعين بذلك مما يقلل من ثقتهم في المشروع، بخلاف فقد إصبعيات الأسماك بسبب نقلها لمسافات طويلة، وتفريغها في الحقل بطريقة خاطئة، مما يؤدي إلى فقدها في مياه الصرف أو خروجها من مصدر الري، وكذلك تسرب بعض الأسماك المفترسة التي تتغذى على تلك الإصبعيات. وتابعت: تلوث مياه الري بالمبيدات له تأثير سلبي على تربية الأسماك بهذه الطريقة؛ نتيجة رش الأرز أو المحاصيل المجاورة بالمبيدات، حيث يوافق موسم تربية الأسماك في حقول الأرز موسم مكافحة دودة ورق القطن، ويتسبب عنه فقد نسبة كبيرة من الإصبعيات تختلف باختلاف درجة التلوث. وقال الدكتور أحمد عبد المنعم المزين، مدير عام بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية: تربية الأسماك بحقول الأرز إحدى أفضل الطرق العلمية لتفعيل استخدام الأرض الزراعية، خاصة في الدول الفقيرة، حيث تسهم في حل مشكلة النقص الحادث في إنتاج البروتين الحيواني وبأسعار رخيصة، وتعتبر تربية الأسماك بهذا الأسلوب طريقة قديمة ويرجع العمل بها بالتزامن مع بداية زراعة الأرز في مصر، والتي تتميز بالمساحات الكبيرة، مما يعظم من قيمة الإنتاج السمكي، خاصة أن تلك المزارع تكون عادة بعيدة عن البحار والبحيرات ومراكز الصيد، ومن هذه الأنواع المستزرعة بمنطقة الشرق الأوسط، السمك المبروك، والبلطي ويتم زراعة القراميط في الولاياتالمتحدة. وأوضح المزين أن لتربية الأسماك بحقول الأرز مميزات عديدة وتبادل منافع بين المحصولين، حيث تتغذى الأسماك المستزرعة على بعض الحشرات والطحالب والديدان الضارة بمحصول الأرز، كما أنها تساهم في القضاء على ظاهرة الريم في حقول الأرز التي تؤثر سلبًا علي إنتاجية الأرز؛ لأنها تعمل على عدم نفاذ الهواء إلى البادرات النباتات الصغيرة، كما أن فضلات الأسماك تعد من الأسمدة العضوية التي تعمل على تحسين خواص التربة، مما يزيد إنتاجية الفدان من الأرز بنسبة تتراوح بين 10 12% للفدان، مما يترتب عليه زيادة العائد النقدي للمزارع بزيادة محصول الأرز والأسماك معًا. وأشار الدكتور أحمد إلى أن تربية الأسماك بهذه الطريقة تنتابها العديد من العيوب كارتفاع نسبة الفقد في المنتج من السمك، حيث يتراوح ما بين 40 60% للإصبعيات، و20 30% لسمك المائدة؛ بسبب الحيوانات المفترسة أو الطيور كأبي قردان، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، خاصة في حالات الماء الضحل الذي يتسم بقلة الأكسجين الذائب، كما أن الأسماك في بعض مراحل نموها، يحتاج إلى ماء عميق لا يتحمله الأرز ويضر بإنتاجية المحصول، كما أن وجود أسماك في حقول الأرز يمنع استخدام الوسائل الزراعية الحديثة من مكينة وأسمدة كيماوية ومبيدات حشرية، ويمكن التغلب على هذه العيوب بالزراعة المتناوبة بين السمك والأرز.