الجوجوبا هي إحدى الأشجار التي تمت زراعتها مؤخرًا في مصر، بعد نجاحها في المناطق الصحراوية؛ لانخفاض احتياجاتها المائية والسمادية وارتفاع حجم الطلب على الزيوت المستخرجة منها عالميًّا؛ لاستخدامها بديلاً عن الزيوت التقليدية في محركات السيارات؛ لارتفاع نسبة لزوجتها، إضافة إلى استخدامها في مستحضرات التجميل. يذكر أن مصر تمكنت من رفع حجم صادراتها من بذور وزيوت نبات الجوجوبا إلى 2 مليون دولار العام الحالي، محققة أعلى صادرات في إفريقيا والشرق الأوسط، وأصبحت المنافس الأول لإسرائيل في إنتاج بذور وزيوت هذا النبات. وقال الدكتور وليد فؤاد، الأستاذ بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، إن محدودية الموارد المائية في مصر والاعتماد على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه، وبعدما أثير عن مدى تأثر حصة مصر من مياه نهر النيل بعد الانتهاء من بناء سد النهضة الإثيوبي، وتماشيًا مع الرغبة في زيادة الرقعة الزراعية باستصلاح 4 ملايين فدان صحراوي؛ لتعويض ما فُقِدَ منها من خلال عمليات البناء العشوائي والمدمر للأراضي الزراعية في الوادي والدلتا، نشأت الحاجة لاستخدام انواع نباتية ذات عائد اقتصادي مرتفع واحتياجات مائية قليلة؛ لذا فإن نبات الجوجوبا يمثل الأمل في هذه المرحلة من تاريخ الزراعة المصرية، حيث إنه من أهم النباتات الصناعية الجديدة التي يهتم بها العالم، كما أنه المحصول الصناعي الجديد الذى يمكن أن يحدث طفرة كبيرة في الاقتصاد المصري، من خلال إقامة مصانع لعصر البذور بدلاً من تصديرها كمادة خام؛ لزيادة القيمة المضافة والعائد من تصديرها، لافتًا إلى أن الإسراع في دخول هذا المجال يمكن أن يضع مصر في مصاف الدول المتحكمة في سوق الجوجوبا وما يمثله ذلك من أهمية استراتيجية. وأوضح فؤاد أن الجوجوبا هي "الذهب الأخضر" والأمل في تنمية الصحراء؛ لأن طبيعتها تناسب الظروف الحارة في فصل الصيف والدافئة شتاء، كما تلائم طبيعة التربة الصحراوية، وتتحمل الملوحة والقلوية، واحتياجاتها للماء قليلة، وكذلك التسميد والخدمة، إضافة إلى أنها مقاومة للأمراض والحشرات، لافتًا إلى أن شجرة الجوجوبا تبدأ في الإثمار من العام الثالث، وتنتج بذورًا تحتوى على ما يقارب من 40% من وزنها زيتًا، يصنف على أنه شمع سائل وليس زيتًا؛ لعدم احتوائه على دهون، ويعتبر من أهم البدائل للزيوت المعدنية، حيث يستخدم حاليًّا على نطاق واسع في إنتاج الوقود الحيوي، ويصل سعر الطن من البذور إلى ما يزيد على الثلاثين ألف جنيه، وهو دخل جيد للمزارع؛ نظرًا للإقبال الشديد عليه عالميًّا، كما يستخدم في مجالات التجميل والطب والصيدلة، مشيرًا إلى أن العالم يتجه اليوم لاستخدام البدائل الطبيعية في كافة المجالات، كما أن المتخلف من عملية العصر يحتوى على مواد طبية وبروتين يصل الى 30%، ويستخدم في إنتاج أعلاف للماشية وأسمدة طبيعية. وأضاف أستاذ البساتين ميزة كبيرة، وهي أن أشجار الجوجوبا تنمو بكفاءة على مياه الصرف الصحي؛ وبذلك يمكن استغلال الأراضي المحيطة بمحطات معالجة مياه الصرف الصحي بإنشاء مزارع خاصة بتلك الأشجار. ومن جانبه قال الدكتور الموافي الغضبان، رئيس قسم بحوث النباتات الطبية والعطرية السابق، إن مصر تملك مقومات إنجاح زراعة الجوجوبا، كنوع التربة والمناخ المناسب لنموها، بجانب توافر الأيدي العاملة، مشيرًا إلى أن أفضل أنواع الزيوت من حيث المكونات الفعالة هي المستخرجة من بذور نبات الجوجوبا، وذلك من خلال دراسة تمت على البذور المزروعة في الأراضي المحتلة، وأيضًا الأمريكية والمكسيكية والبرازيلية والأرجنتينية، لافتًا إلى أن نوعية وكمية الزيوت المستخرجة من البذور المزروعة تحت ظروف الأراضي المصرية تعتبر الأفضل مقارنة بالبذور الأخرى العالمية، وذلك من خلال اتباع التوصيات الزراعية السليمة. وأكد الغضبان أن خصائص الجوجوبا تجعله من أهم النباتات الاستراتيجية الهامة عالميًّا في الوقت الراهن؛ نظرًا لارتفاع أسعاره بشكل مطرد وزيادة الطلب عليه؛ لاستخدامه في صناعة زيوت المحركات؛ لما يتمتع به من مواصفات فيزيقية كاللزوجة العالية وارتفاع درجة غليانه التي تصل إلى 398 درجة مئوية، وهذا ما جعله على رأس اهتمامات إسرائيل وتركيا وإيران وأمريكا وروسيا والصين لاستخدامه في محركات الصواريخ العابرات للقارات والصواريخ حاملات الرؤوس النووية والطائرات النفاثة؛ لما قد تبذله تلك المحركات من جهد وسرعة أداء يتطلبان نوعية زيوت تتحمل تلك الحرارة العالية، كما انه يطيل من عمر محركات السيارات، وظهر هذا جليًّا في بعض السيارات الأوربية التي يتم تغيير زيوت المحركات بها بعد 30-50 ألف كيلو متر، على غير المعتاد للزيوت المعدنية المشتقة من المواد البترولية. وأوضح الغضبان أن لزيوت الجوجوبا أهمية طبية؛ لتشابهها مع زيوت كبد الحوت؛ ولذا يدخل في العديد من الصناعات التجميلية والطبية الهامة والتي تنتجها شركات الأدوية والتجميل، ويعتبر الناتج الثانوي من عصر بذور الجوجوبا "الكُسْب" أحد المواد الهامة في صناعة الأعلاف، بعد التخلص من مادة السيموندسين السامة الموجودة في بذوره، والتي لا تخرج مع الزيت، بل تبقى في الكُسْب المتخلف بعد عصر البذور، ويمكن التخلص من تلك المادة باستخدام الحرارة والاستفادة بما يحتويه الكُسْب من بروتينات هامة، يمكن أن تخفض من استيراد مركزات البروتين اللازمة لنمو حيوانات التسمين.