قرار صدر في مثل هذا اليوم قصم ظهر الشعب الفلسطيني، أضاع قسم كبير من الأرض وانتزعها من أصحابها الشرعيين ومنحها لعصابات الصهيونية القادمين من شتى بقاع العالم، في يوم 29 نوفمبر من عام 1947، خرجت الجمعية العامة التابعة لمنظمة الأممالمتحدة بقرار ظالم أعلنت فيه، تقسيم دولة فلسطين إلى ثلاثة أجزاء عربية ويهودية، مع وضع القدس تحت الوصاية الدولية، وذلك تنفيذا لوعد بلفور المشئوم الظالم الذي منح اليهود كيانا مصطنعا ظلما وزورا في أرض ليست لهم ولا من حقهم أن يسكنوا فيها تاريخيا أو جغرافيا. خديعة مارستها بريطانيا العظمى في ذلك الوقت، عندما ارتأت أنه لابد من التخلص من اليهود ومشاكلهم، فقذفوا بهم إلى فلسطين لجعلهم شوكة في حلق الأمة العربية وسرطانا ينتشر ويتفشى في منطقة الشرق الأوسط، وليكون الكيان الصهيوني العصا التي تضرب كل من يعترض مصالح الغرب وأمريكا في المنطقة، لكن مع مرور الزمن أصبحت الصورة عكسية وصاروا هم العصا التي تضرب لصالح كيان الاحتلال. يؤكد الباحثون أن السبب الأول وراء تقسيم فلسطين هو بريطانيا، حيث أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية حاولت أمريكا أن ترث بريطانياوفرنسا في مستعمراتهما، ولأن أمريكا حافظت على اقتصادها وقوتها العسكرية في هذه الحرب في مقابل ضعف بريطانياوفرنسا، فإن الصهيونية نقلت ثقلها من لندن إلى واشنطن وحثت أمريكا الخطى باتجاه وراثة مستعمرات فرنساوبريطانيا، وكانت فلسطين ضمن هذه المستعمرات ما جعل وزير الخارجية البريطاني إيرنست بيفن يعطل تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين. عمدت العصابات الصهيونية لاستهداف البريطانيين في فلسطين إلى أن نصح خبراء الخارجية البريطانية بطرح القضية على الأممالمتحدة التي صوت أعضاءها بتنفيذ القرار، إلا أنه لم يمر أكثر من أشهر قليلة حتى ظهر التهجير المنهجي للفلسطينيين واصطنع ما سمي باللجوء وأخذ الكيان المحتل بالتوسع تدريجيا ليستولي في النهاية على كامل فلسطين التاريخية وفق مخطط استعماري مدروس وبحماية دولية مباشرة من خلال الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الأمريكي والغربي اللا محدود للكيان المحتل. يرى الكاتب الفلسطيني "كمال زكارنة" أن الغرب أوقع الفلسطينيين والعرب في مصيدة الخداع والكذب عندما أوهموهم بأن المهجرين من أبناء الشعب الفلسطيني سوف يعودون إلى وطنهم في وقت قريب، لكن مضى ذلك الوقت وأسست لهم المخيمات في الشتات وأصبح الرهان على أن جيل النكبة سوف يموت وأن الأجيال القادمة سوف تنسى فلسطين والقضية بكل تفاصيلها، مؤكدًا أنه نتج عن هذا حالة غريبة وفريدة من النفاق العالمي تحظى بإجماع دولي على اغتصاب وطن من أهله الشرعيين ومنحه لآخرين لا علاقة لهم به، بل هم من عالم آخر اتوا قطعانا متطرفة وأقاموا كيانا احتلاليا على جماجم شهداء شعب دافع عن وطنه بإمكاناته المحدودة جدا. وأكد "زكارنة" أن جعل هذا اليوم هو يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني لإرضائه عاطفيا، بعدما سلبوا أرضه وهجروه منها ومنحوها لليهود، الآن يقدمون للشعب الفلسطيني علب سردين وسمنة وزيتا وطحينا وقرارات لا تنفذ ولا تعدو كونها ثرثرة في الهواء مكنت الاحتلال من بناء قوته العسكرية والاقتصادية في فلسطين. وكان قرار التقسيم نص على الآتي: إن الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة، بعد أن عقدت دورة خاصة بناء على طلب الدولة المنتدبة- بريطانيا- للبحث في تشكيل وتحديد صلاحية لجنة خاصة يعهد إليها بتحضير اقتراح للنظر في مسألة حكومة فلسطين المستقلة في دورتها الثانية، وبعد أن شكلت لجنة خاصة أناطت بها مهمة إجراء تحقيق حول جميع المسائل المتعلقة بمشكلة فلسطين وتحضير مقترحات بغية حل هذه المشكلة، وبعد أن تلقت وبحثت تقرير اللجنة الخاصة "مستند رقم 364/أ" الذي يتضمن توصيات عدة قدمتها اللجنة بعد الموافقة عليها بالإجماع، ومشروع تقسيم اتحاد اقتصادي وافقت عليه أغلبية اللجنة، تعتبر أن الحالة الحاضرة في فلسطين من شأنها إيقاع الضرر بالمصلحة العامة والعلاقات الودية بين الأمم، وتحيط علماً بتصريح الدولة المنتدبة الذي أعلنت بموجبه أنها تنوي الجلاء عن فلسطين في أول أغسطس سنة 1948، وتوصي المملكة المتحدة، بصفتها الدولة المنتدبة على فلسطين وجميع أعضاء الأممالمتحدة بالموافقة وتنفيذ مشروع التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي لحكومة فلسطين. رغم أن نسبة عدد السكان اليهود كانت 33% من إجمالي السكان، وكانوا لا يملكون سوى 7% من الأرض، إلا أن القرار أعطاهم دولة تمثل 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية، في حين منح العرب الذين كانوا يملكون غالبية الأراضي، وتمثل نسبتهم السكانية 67% ما نسبته 43.5% من الأراضي. رفضت الدول العربية القرار بشكل كامل، ورغم ذلك، فإنه لم يطبق على أرض الواقع، حيث سيطرت إسرائيل عام 1948 على غالبية أراضي فلسطين، وفي عام 1948 خرجت بريطانيا من فلسطين، واستولت "منظمات صهيونية مسلحة" على أراض فلسطينية أقاموا عليها كيان إسرائيل، وسمي هذا اليوم ب"النكبة". وقعت ثلاثة أرباع فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية ووقع قطاع غزة تحت السلطة المصرية، وفي الرابع من يونيو 1967، احتلت إسرائيل، الضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية، وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية. صدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 242 في نوفمبر عام 1967 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في يونيو عام 1967، وبعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، خضعت بعض المناطق في الأراضي الفلسطينية لحكم ذاتي سيطرة السلطة الفلسطينية. وفي ظل انهيار المفاوضات السياسية مع إسرائيل، لجأ الفلسطينيون في نهاية عام 2014، إلى المجتمع الدولي، مطالبين إيّاه، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، كما طالبوا بالانضمام إلى المؤسسات والمعاهدات الدولية، كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت في 29 نوفمبر 2012، خلال اجتماعها ال 67، لصالح قرار منح فلسطين صفة دولة غير عضو "مراقب" في الأممالمتحدة؛ ولكن الاتحاد الأوروبي ومعظم دوله الأعضاء لم تعترف بها رسمياً.