بعد تعرض لبنان إلى سلسلة عمليات إرهابية راح ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء، وبعد أن انتشرت التظاهرات والاحتجاجات المعارضة لسياسة الحكومة والمنددة بسوء وضعف الأداء في الشوارع اللبنانية، بدأت القوى السياسية اللبنانية تدرك جيدًا أن هذا البلد بات يحتاج إلى حل فعلي، وهو ما دفع البعض منهم إلى التنازل عن التعنت في سبيل إيجاد حل يحقق الاستقرار في البلاد، من هنا انطلق حراك سياسي جديد في لبنان لحل أزمة الفراغ الرئاسي الذي يدخل شهره التاسع عشر من دون أن يتمكن أي فريق سياسي من تأمين الأصوات النيابية الكافية لإيصال مرشحه إلى سدة الرئاسة. اللقاءات المكثفة التي أجراها رئيس تيار "المستقبل" ورئيس الحكومة الأسبق "سعد الحريري" خرقت صمت المشهد السياسي ورتابته، حيث بدأت الأحاديث تتزايد عن جنوح تيار المستقبل ورئيسه في اتجاه ترشيح أحد حلفاء المقاومة ورئيس تيار المردة النائب "سليمان فرنجية" لرئاسة الجمهورية، خاصة أن القوى السياسية والحزبية أجمعت على أن اللقاء الذي دار بين "الحريري" و"فرنجية" تطرق لحل أزمة ملف الرئاسة اللبنانية الذى بات مزعجًا، ومحاولة بحث آلية خروج البلاد من المأزق الحالى ومساعدة حكومة "تمام سلام" فى القيام بدورها نحو التنمية وحل المشكلات العالقة. الحديث يدور حول ترشيح "فرنجية" الذي تتوافق عليه معظم القوى السياسية والحزبية رئيسًا للجمهورية، فيما سيكون "الحريري" المدعوم من السعودية رئيسًا للحكومة، ويعد رئيس حزب المردة "سليمان فرنجية" أحد أكثر الخيارات التي تتوافق عليها القوى السياسية، حيث يتوقع أن يعلن "سعد الحريري" في الأيام القليلة المقبلة ترشيح "فرنجية" لرئاسة الجمهورية، ووافق "وليد جنبلاط" على تأييد "فرنجية"، أما "نبيه بري" فهو الذي أشرف على الأمر منذ بدايته، في المقابل تأتي عدم الموافقة على انتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح "ميشال عون"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى رئيس القوات اللبنانية "سمير جعجع". من جانبه قال نائب رئيس مجلس النواب اللبنانى "فريد مكارى"، إن المرشح المتقدم على جميع المرشحين للرئاسة اللبنانية فى ملف الرئاسة هو رئيس تيار المردة "سليمان فرنجية"، معتبرًا أن "فرنجية" دائم التميز عن حلفائه، وأضاف: ولديه قناعاته التى يسير بها، ورأى "مكارى" أن رئيس "تكتل الإصلاح والتغيير" العماد "ميشال عون" اعتبر نفسه مرشحًا توافقيًا عكس "فرنجية" الذى يريد أن يكون رئيسًا وفاقيًا لجميع اللبنانيين. على الرغم من توافق معظم القوى السياسية حول "فرنجية" إلا أنه لاتزال هناك عواقب أمام انتخابه رئيسًا للجمهورية، حيث يتوقع أن يواجه "الحريري" صعوبة في إقناع حلفائه المسيحيين بترشيح "فرنجية"، ولعل الأصعب إقناع رئيس حزب القوات اللبنانية "سمير جعجع" بانتخاب خصمه التاريخي رئيسًا للجمهورية، والصعوبة ذاتها سيواجهها رئيس "المردة" في إقناع حليفه "ميشال عون" الذي كان يرى نفسه الرئيس القادم للبنان، وهو ما يعطي مؤشرات تدور حول تكوين "عون" و"جعجع" تحالف ثنائي لتعطيل تفاهم "الحريري – فرنجية". يتميز "سليمان فرنجية" بمواقفه المتميزة بالنسبة لملفى الانتخابات الرئاسية والنيابية، والتي قال إنها تتلخص فى أن مهمة المتحاورين البحث عن تسوية متكاملة وحل أزمة رئيس البلاد، ويمتلك "فرنجية" ميزة أنه حليف ل"قوى 8 آذار"، وانفتاحه على "تيار المستقبل" العمود الفقرى فى "قوى 14 آذار". أما بالنسبة لسوريا فمن المعروف أن "فرنجية" من أشد المقربين إلى الرئيس السوري "بشار الأسد"، وهو ما دفع البعض إلى التنبؤ بزيارة "فرنجية" لسوريا بعد تولية الحكم، ليكون أول رئيس لبناني يزور سوريا منذ عام 2005، وستعود العلاقة "السورية اللبنانية" إلى طبيعتها، بل ذهب البعض إلى التنبؤ بأن يكون هناك تنسيق أمني وعسكري واستخباري بين الجيشين اللبناني والسوري. في الوقت نفسه، فإن جرى تداول مؤشرات توحي بأن الموقف السعودي من ترشيح فرنجية "إيجابي جداً"، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول موافقه السعودية الداعمة للحريري على ترشيح "فرنجية" رغم علاقته القوية بعدوها اللدود "الأسد"، إلا أن محللون يرون أن السعودية وافقت على ترشيح "فرنجية" لإقتناعها بأن "الأسد" سيرحل بعد المرحلة الانتقالية التي سيتم الاتفاق عليها، وبالتالي لابد من رئيس استباقي في لبنان، يكون قادرًا على طمأنة حلفاء سوريا ولملمة الوضع الداخلي بعد التحولات الكبرى المرتقبة في مستقبل سوريا.