كثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن وجوب مشاركة قوات برية أوروبية في الحرب ضد داعش بسوريا، وذلك بعد الأحداث التي شهدتها باريس الجمعة قبل الماضية، في إطار الثأر وتحجيم التنظيمات الإرهابية التي بدت تغزو العالم الغربي. وضعت الحكومة البريطانية قاعدة عسكرية تابعة لها في قبرص، تحت تصرف القوات الفرنسية التي أعلنت تكثيف عملياتها ضد تنظيم داعش، وذلك فيما تسعى حكومة لندن للحصول على ترخيص برلماني بضرب التنظيم في سوريا، وقال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون عقب لقاء مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس: إن قاعدة اكروتيري الجوية البريطانية في قبرص ستكون تحت تصرف فرنسا، مبديا دعم لندن لتحرك باريس الأخير ضد داعش، ولا سيما بعد الهجمات التي ضربت العاصمة الفرنسية وأوقعت 130 قتيلا. وأعرب كاميرون عن قناعته بضرورة قيام الطيران البريطاني بضرب تنظيم داعش في سوريا أيضا، مشيرا إلى أنه سيسعى للحصول على ترخيص من مجلس العموم في هذا الصدد، فيما أكد هولاند أن لدى فرنسا قناعة بضرورة مواصلة ضرب داعش، موضحا أن حاملة الطائرات شارل ديغول التي وصلت إلى البحر المتوسط الأسبوع الماضي، لديها مهمة واضحة هي "ضرب داعش بشدة"، وقال أيضا «يجب علينا أن نفعل المزيد للقضاء على التهديد الناجم عن عودة المقاتلين الأجانب من سوريا (…) فمن السخف بكل صراحة أن نحصل على معلومات من خارج دول الاتحاد الأوروبي أكثر من تلك التي يمكننا الحصول عليها من الدول الأعضاء». تأتي هذه التصريحات بعد أن دعم مجلس الأمن الدولي قرارا- برعاية فرنسا- لمكافحة تهديدات التنظيم بكل الوسائل، وعقب الطلب الفرنسي من دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي الدعم في مكافحة ما يسمى الإرهاب بناء على ميثاق الاتحاد. وفي إطار التحرك الفرنسي، يتوجه الرئيس هولاند إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، قبل أن يزور موسكو الخميس للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما أعلنت فرنسا أن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول جاهزة لإطلاق طائراتها اعتبارا من أمس الاثنين لضرب مواقع تنظيم داعش في سوريا، في حين كثفت خلال الأيام الأخيرة غاراتها على مواقع للتنظيم بسوريا. وفي ظل أجواء العمليات العسكرية التصعيدية، قال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان إن الانتصار حتما يمر عبر وجود قوات برية على الأرض، وذلك بالتزامن مع تصريحات لقائد جيشه الذي لا يتوقع تحقيق نصر سريع، ولكن لو دريان قال -في حديث إذاعي مع راديو "أوروبا1″- إن القوات البرية ليس بالضرورة أن تكون فرنسية. وهذه التصريحات الأوروبية ليست الأولى من نوعها والتي تشير إلى توجه دول أوروبا لتنفيذ ضربات برية في سوريا بعد أحداث باريس، فالتشيك هي الأخرى أعلنت على لسان وزير دفاعها مارتن ستروبنيكي عن استعداد بلاده لإرسال قوات برية إلى سوريا والعراق، في حال قرر حلف شمال الأطلسي شن هجوم بري ضد "داعش"، وقال الوزير إن القوة ستكون مؤلفة من نحو 200 عسكري معظمهم من الخبراء في مجال الأسلحة الكيميائية، مشيرا إلى أن احتمال نشوب حرب برية ضد التنظيم الإرهابي ازدادت بعد هجمات باريس الأخيرة، إلا أنه أعرب في نفس الوقت عن تفضيله لأن تقوم جيوش الدول الإقليمية بشن الهجوم مدعومة بغطاء جوي دولي.