استعاد الجيش العربي السوري السيطرة على مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي وفك الحصار عنه، وكان من الملفت أن الأرتال المهاجمة التي انطلقت قبل أربعين يوماً من جنوب شرق المطار قطعت 30 كيلومتراً في قلب منطقة لا تزال تخضع لسيطرة داعش، أما المدرعات وجنود الجيش السوري قطعت الكيلومترات السبعة الأخيرة في عشرين يوماً من المعارك. وتلافى الجيش السوري تقطيع خطوط إمداده بدخول التلال القليلة كتل نعام وتثبيت قواته قبل معاودة التقدم مرة أخرى وحماية جبهته في الشمال السوري، وهو ما يؤكد أن معركة فك حصار كويرس ستغير وجهة المعارك في جبهات حلب. لعبت المعارك الجانبية التي أشعلها الجيش السوري دوراً كبيراً في خداع داعش، فالقصف الجوي على تدمر ومهين وتصعيد الاشتباكات في ريف حمص الشرقي مع داعش أسهما في إشغال قوات التنظيم القريبة من المنطقة ومنعها من إرسال تعزيزات إلى ريف حلب. وتبدو قدرة داعش على استعادة المبادرة في ريف حلب محدودة، فبعد المحاولة الأخيرة في إثريا وخناصر بالالتفاف على الجيش وقطع طريق إمداده، لم يعدْ بوسع التنظيم شن هجمات واسعة نتيجة الخسائر التي تكبدها، في المحاولة الفاشلة لتأخير تحرير كويرس، عبر إشغال الجيش في معركة خطوط إمداده الاستراتيجية إلى حلب. وظل المطار العسكري محاصراً لثلاث سنوات من قبل الجماعات المسلحة وداعش الذين فشلت محاولاتهم المتكررة لاقتحام المطار حيث يتواجد أكثر من ألف من الجنود السوريين وطلاب المدرسة الجوية. والجدير ذكره أنه لم يتبق إلا أيام قليلة على انعقاد مؤتمر لحلحلة الأزمة السورية، حيث تعقد قرابة عشرين دولة وهيئة دولية اجتماعاً السبت المقبل 14 نوفمبر في فيينا، وهو الثالث في أقل من شهر من أجل تحقيق تقدم على صعيد التوصل إلى خطة سلام في سوريا، تشمل وقفاً لإطلاق النار بين الجيش السوري والجماعات الإرهابية التي يعتبر "تنظيم القاعدة فرع الشام وتنظيم داعش" أذرعها الرئيسية في سوريا. وفي هذا السياق؛ كشف وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند للصحافيين في السفارة البريطانية بواشنطن: أن "القوى العظمى" التي تلتقي السبت القادم في فيينا لوضع حد للنزاع السوري، تعدّ قائمة بالمجموعات "الإرهابية" في سوريا، محذرة بأن بعض الدول سيتعين عليها وقف دعمها لفصائل مقاتلة على الأرض، إلا أنه دعا إلى ضرورة القبول بتسويات، وقال: "لن يقبل السعوديون أن يتم تصنيف كتائب أنصار الشام مجموعة إرهابية"، في تلميح منه لمحاولة مملكة آل سعود وإلى جانبها النظام التركي وقطر، الذين يدعمون بالمال والأسلحة تلك الجماعات الإرهابية، عرقلة أي مشروع تسوية يوقف حمام الدم في سوريا. توقيت فك الحصار عن المطار له خصوصية شديدة قبل انعقاد مؤتمر فيينا3، فهو يعدل المزاج التفاوضي لروسيا وحليفها السوري والإيراني، وفي نفس الوقت يبعث برسالة مهمة مفادها أن سوريا تمتلك معظم أوراق اللعبة وفي جميع الميادين، فهي جاهزة للنزال في الميدان العسكري وتحقيق الانتصارات فيه، وإن لم تفض مشاورات فيينا 3 كميدان دبلوماسي إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.