يستهدف المشروع، تعليم نساء عربيات أساليب الحكي بالصورة بتقنيات حديثة لرواية حكاياتهن الشخصية في فيلم قصير باستخدام تقنيات بسيطة، بواسطة الآيفون، من خلال برنامج احترافي خاص لصناعة الأفلام تم تحميله على أجهزة المشاركات. بدأ المشروع بورشة بالأردن مارس الماضي، شاركت فيها 6 من صانعات الأفلام فى الوطن العربي وشمال إفريقيا وكان نتاجها 12 فيلما تسجيليا قصيرا في حدود العشر دقائق فيما عدا الفيلمين المصريين"14 ق" عن نساء عربيات يسردن قصصهن الشخصية، والتحديات والأحلام التي يواجهنها فى حياتهن اليومية. المخرجات المشاركات فى المشروع هن نهى المعداوى من مصر، سمية بوعليقى من تونس، ميس سهلي من الأْردن، امتياز المغربى من فلسطين، مزنة المسافر من سلطنة عمان، ولينا العبد من سوريا. وتلقت المخرجات الست تدريبا في "معمل أفكار 612″ الأردني شارك فيه مؤسساه المخرج إيهاب الخطيب والمخرجة المسرحية سوسن دروزة، إضافة إلى المخرج عائد نبعة والدانماركي "توربن سيمونسن". رغم بساطة الأفلام التي استهدفت منح النساء فرصة للحكي عن عالمهن، كانت كاشفة لمشاهد هامة عن أحوال عالمنا العربي، موجعة على بساطتها، فالأفلام من الأردن ولبنان انشغلت بعالم اللاجئين وأثر الحرب في سوريا والصمود اليومي للفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وتفشي مرض السرطان في مصر والثقافات الحدودية المجهولة والمنسية على أطراف عالمنا العربي والبحث عن الأب والملاذ والأمان وغيرها من الهموم التي تتشاطرها نساء عالمنا العربي. الأردنية ميس السهلي، تناولت في فيلمها "القدر أينما يأخذنا"، حكاية فتاة سورية ذهبت إلى الأردن قبل 2011، لمساعدة اللاجئين والتدريس للأطفال، لتجد نفسها اليوم بعد الحرب في سوريا لاجئة هي الأخرى رغما عنها، حالها من حال من جاءت تساعدهم. ومن فلسطين، قدمت المخرجة اميتاز المغربي في فيلمها"صبرة" قراءة رمزية للصبر والصمود الفلسطيني مع إيمان التي تزرع نبات "الصبار" وتضع بين أشواكه رداء طفل شهيد. وتخلق المخرجة اللبنانية لينا العبد في فيلمها " خطوة متاخرة "عالما خياليا لعلاقة بطلتها بوالدها لتعويض غيابه عن حياتها برسالة تكتبها علي لسانه يعتذر فيها عن تجاهله لها. وتروي المخرجة التونسية سمية بوعليقى في "والعام الجاي تجينا صابة"، حكاية زهرة التي درست بفرنسا وعادت للوطن لتزرع أرض والدها الراحل، اسم الفيلم يعني في انتظار الرزق، وفيه تحاول إعادة الحياة لأرضها فيما تصدمها خرافات الجهل في قريتها. ومن سلطنة عمان قدمت المخرجة مزنة المسافر في فيلمها "بشك" إضاءة علي ثقافة أقلية مجهولة تماما علي أطراف عالمنا العربي "البلوشية" وهي قبائل مهاجرين ترجع أصولهم إلي قبائل في باكستان وأفغانستان وإيران، في الفيلم نرى امرأة تحتفي بالزي التقليدي للقبيلة، مع إلقاء الضوء على تقاليد الأفراح، وكشف قوة المرأة التي تعشق أزياءها التقليدية المحتشمة، ورغم ذلك تلقى الانتقاد أحيانا في قبيلتها.كونها تحتفل بالحياة والألوان. ومن مصر قدمت المخرجة نهي المعداوي تجربتين إنسانيتين ثريتين، فيلم "مي"، عن إمرأة مُصابة بالسرطان، يكشف الفيلم عن حقيقة مرضها مضفرة بعشقها الجارف للحياة وتفانيها في رعاية أطفالها وتحويل كل لحظات حياتها إلى احتفال بكل التفاصيل البسيطة. المخرجة نهي المعداوي قالت إنها قابلت شخصيات عديدة تصل كمشاريع أفلام تسجيلية، إلا أن المشروع يتطلب أن تكون صاحبته راغبة وشريكة في تقديم حكايتها، لأن فكرة المشروع قائمة على إعطاء النساء القوة لحكي حكاياتهم الشخصية وتدعيم صوت المرأة من خلال العمل المشترك بين صاحبة القصة والمخرجة المشرفة، لذا تمر الاثنتان بتجربة من العصف الذهني للمشاركة في صياغة الفيلم في كل تفاصيله حيث يصبح دور المخرجات الست الإشراف على إخراج حكايات النساء على الشاشة. وعن تفاصيل الورشة قالت «المعداوي»: تدربنا في الأردن في ورش تدور حول التعبير عن الذات وتصوير يومياتنا باستخدام التقنية المتطورة لجهاز الآيفون، وكان على كل منا العودة لبلدها لإنجاز فيلمين خلال فترة سبعة أسابيع، عدنا بعدها للأردن للمشاركة في الخطوات الأخيرة للمونتاج". وعن تجربتها كمخرجة مع الفيلمين واستقبال بطلتيها لتجربتهما على الشاشة، قالت إن كلا منهما حالة مختلفة باختلاف الشخصية والتجربة فعاليا التي تبحث عن ملاذ وبيت وتعيش أزمة رغم شجاعتها في البوح بتفاصيل حياتها فزعت حين شاهدت الفيلم لأنه ليس سهلا أن تبوح وتضع حياتك أمامك وأمام الناس، أما "مي" مريضة السرطان عاشقة الحياة والمرأة القوية البسيطة التي تعرف تماما ماتريده وتحتفل بكل شيء في حياتها، فاحتفت وعائلتها بالفيلم وحين سألتها المخرجة" لماذا تريد عمل الفيلم؟ قالت أريد أن أترك شيء موثق لأولادي ليتذكروني به". ورغم حرصها على عدم الوقوع في فخ ابتزاز المشاعر والميلودراما التي كانت تخشي منها قبل أن تبدأ في تصوير الفيلم تعترف نهي أنها كانت تتمالك مشاعرها بصعوبة وهي تصور حالة عشق الحياة والتمسك بها لامرأة تموت بالفعل. نهي قالت إنها حين شاهدت كل الأفلام اكتشفت أن في كل منها شيئا من مخرجته، من همومها وتجربتها في الحياة، رغم أن أيا منهن لم تقصد ذلك، واستشهدت بالمخرجتين اللبنانية والأردنية، فكلاهما تتشابك جذور عاتلتها لبنانية سورية فلسطينية أردنية، وتكاد تعيش تجربة حياة تتشابه كثير من عناصرها مع بطلاتهما.