مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي.. اعرفها بعد تغيير الساعة    رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف يؤدي خطبة الجمعة اليوم من سيناء    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    انطلاق فعاليات انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان    أسعار الجمبرى والكابوريا اليوم الجمعة 26-4-2024 في محافظة قنا    أقل جرام يسجل 2060 جنيهًا.. تراجع كبير يضرب أسعار الذهب اليوم    خبير: الدولة تستهدف الوصول إلى تريليون جنيه استثمارات في سيناء    بدء المحادثات الأمريكية الصينية.. وسط توقعات بالوصول لتفاهمات في القضايا الخلافية    بسبب مظاهرات دعم فلسطين.. جامعة كولومبيا تنفي استدعاء شرطة نيويورك    جيش الاحتلال يعلن وفاة مدني في هجوم حزب الله على جبل دوف    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    آخرها الخروج من ابطال آسيأ.. المعاناة تضرب موسم الهلال التاريخي    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    موعد تسليم لقب الدوري الفرنسي لباريس سان جيرمان    أمطار على القاهرة.. المحافظة تتخذ إجراءات احترازية    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    بعد حفل تحرير سيناء.. تامر حسني فى العين السخنة ب أولى حفلات الصيف    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا لمكارم الأخلاق وصلة الأرحام    رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    كريم فهمي يروج لفيلم «السرب»: انتظرونا 1 مايو    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    الإنترنت المظلم، قصة ال"دارك ويب" في جريمة طفل شبرا وسر رصد ملايين الجنيهات لقتله    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كان يا «مكان»| زياد جيوسي يواصل المسيرة في دروب «فلسطين التاريخية»
نشر في البديل يوم 26 - 10 - 2015

«من بلدية جيوس واصلت المسيرة في دروب البلدة، شاعرا بأرواح الأجداد ترافقني، ومررت في البداية قرب مغارة تاريخية واسعة عرفت باسم (مغارة الكفاوي)، وهي مغارة واسعة وتمتد لمسافة كبيرة تحت البلدة من تحت المدرسة، هي تعود تاريخيا إلى المرحلة البيزنطية، وبكل أسف لم أجد في البلدة من يعرف سر التسمية، وإن فسرها البعض نسبة إلى الكفن الذي يلف به الموتى المسلمين، وهو تفسير ضعيف جدا، فالمدافن التي وجدت بها هي مدافن بيزنطية ولا علاقة لتقاليد المسلمين بها، ومن الواضح أنها كانت البدايات لسكن الناس في جيوس في الأزمان الغابرة، وهي مغلقة حاليا، واعتقد أن الكثير من أساطير الخيال الشعبي التي تحدثت عنها في الهمسات الأولى والثانية تعود لهذه المغارة الضخمة، ومنها اتجهت إلى مغارة الناجي، والتي أذكرها في زيارتي الأولى لجيوس..».
هكذا يعيد الناقد والإعلامي الفلسطيني زياد جيوسي علينا حكايات فلسطين التاريخية، ويتذكر ما كتبه وصورته عدسة كاميرته في العام 2013، من رام الله، عن بلدية جيوس، فيحكي «كان العم أبو العبد (رحمه الله) مالكاً وراعياً للأغنام، وحين كان يعود في المساء بعد رعي الأغنام، يجعل من المغارة (مغارة الناجي) مكانا لمبيتها، ومن هناك اتجهت إلى منطقة جنينية ومغارة عثمان القحوش (رحمه الله)، ومغارة عائشة، والتقطت لها الصور، فجيوس عرفت بكمٍ كبير من الكهوف سمعت بها، والكثير منها خلف الجدار، والبعض سمعت بها ولم أعرفها، ولم أجد أحداً اهتم أن يرافقني إليها لتوثيقها، كما لم أجد من يجول معي ويعرفني على تاريخ ما تبقى من الأبنية التراثية، ومن هذه الكهوف والمغائر مغارة حميدة في منطقة الكشاش، ومغارة الزطي أو مغارة الطحناني وهي مغارة ضخمة ولها مدخلين في وادي الشيد وعلى مدخلها صخرة ضخمة، وهذه المغارة أيضاً حيكت حولها الحكايات والأساطير».
نذكر في بداية العام 2013 شرعت سلطات الاحتلال الصهيوني، ببناء بؤرة في أراضي جيوس الواقعة خلف جدار الفصل العنصري، وقال وقتها رئيس بلدية جيوس غسان حرامي لوكالات الأبناء، إن مجموعة من المغتصبين وتحت حراسة قوات الاحتلال شرعت بإقامة (بؤرة استيطانية)، ووضعت سبعة كرفانات في أرض يوبك المملوكة لورثة جهاد نمر سليم وورثة قبلان سليم. وأضاف أن آليات عسكرية من الحجم الثقيل تحفر خندقا وتسوي المنطقة وتوصل كهرباء لهذه الكرفانات. ويشار إلى أن جدار الفصل العنصري أقيم على أراضي جيوس شرق قلقيلية في العام 2002، حيث عزل وحاصر في حينها (8600) دونم من أراضي المواطنين وحرم أصحابها من مصدر رزقهم الوحيد، وقد رفعت البلدية والأهالي قضايا عبر محامين محليين وعالميين، وأجبروا حينها محكمة الاحتلال على استصدار أمر بتعديل مسار الجدار العنصري ليبقي خلفه (2400) دونم، وهذا لم يرق للمستوطنين وقوات الاحتلال وقاموا بوضع هذه الكرفانات في ذلك الموقع.
يحكي زياد جيوسي عن ذكرياته هناك: واصلت المسيرة لا ترافقني إلا عدستي وحجم المشاعر الكبيرة تجاه بلدتي، فاتجهت إلى أطراف البلدة حيث الهواء البكر وحقول الزيتون، ومررت بشارع يلتف حول البلدة بعد أن تجولت في المنطار، ووقفت على تلة في المنطار تمكن الجدار من شطب نصفها، ومن أعلى التلة ومن أرض ابن العمة مصطفى (أبو ضياء) كنت التقط الصور للأرض المصادرة خلف الجدار، وللبلدة من الجهة الغربية، حيث كان البيدر وبئر الماء كما هو مرسوم المشهد في الذاكرة، وكانت دوريات الاحتلال لا تتوقف عن المرور على الشارع خلف الجدار مباشرة، لأتجه من هناك عبر شارع التفافي حول البلدة باتجاه الواد والبركة.
وعن بركة المياه التي أصبحت مسقوفة الآن، يقول: كانت من مصادر المياه المهمة لأهل البلدة، وكان المسير جميلاً مع الأشجار المتنوعة وإن غلب عليها الزيتون وفي منطقة من الشارع تغلب نباتات الصبار، وكنت أتنشق الهواء البكر والنقي بقوة، لأتجه إلى مبنى النادي والجمعية، وبكل أسف وجدت على مدخل النادي علمين من أعلام فلسطين لم يتبق منهما إلا العصي التي تحملهما ومزقاً من القماش، ورغم أني لفت انتباه أحد المسؤولين بالنادي لذلك، إلا أن شيئاً لم يتغير بعد مرور فترة زمنية طويلة من تلك الزيارة.
ويتابع: مررت من جوار المسجد القديم والذي تحدثت عنه في مقالة سابقة ودخلت للصلاة، وحين خرجت وقفت اتذكر الأعمدة الجرانتية الأثرية التي اذكرها في طفولتي ولم يتبقى منها الا عمودين من أربعة في بوابة المسجد، فتسائلت بنفسي: أين ذهب العمودين المختفيين وأين ذهبت الأعمدة الصغيرة وتيجان الأعمدة الأثرية التي تعود لمئات من السنين وبعضها أذكره كالخيال في زيارتي الأولى للبلدة طفلا عام 1965م والبعض سمعت عنه من كبار السن ومن والدي اطال الله بعمره، وخاصة أني رأيت احد الأعمدة الصغيرة وقد وضع بدلا من الطوب بأحد الأرصفة القريبة من المسجد، وسمعت أن تيجان الأعمدة سرقت وبيعت وهي تعود لفترة الرومان، فهمست لنفسي: أهكذا نتعامل مع التراث والتاريخ في بلدتنا الخضراء؟
ويضيف: من هناك إلى مدخل البلدة متجهاً باتجاه مفرق بلدة صير، متمتعاً بالسير والجلوس وتنشق الهواء بين أشجار الزيتون، وبعدها قفلت راجعاً باتجاه مدخل البلدة لأواصل الطريق الخارجي حول البلدة، فوقفت على المنعطف الحاد وتذكرت شجرة الزيتون الشهيرة التي عرفت باسم (الزيتونة العوجه) كونها نبتت أفقياً وليس رأسياً، وفي مرحلة لاحقة قررت جهة ما في البلدة، ربما تكون المجلس وربما غير المجلس، قطعها حتى لا تؤثر على السير، لأكمل الطريق تجاه منطقة قصر عبيد المواجهة للبلدة وهي من أراضيها، حيث بدأت أبنية حديثة تبرز هناك، وفيما رواه بعض ممن عرفوا المنطقة من كبار السن قالوا أن المنطقة كانت تضم أثرا تاريخيا عبارة عن قصر ضخم بني بحجارة ضخمة عرف تحت إسم قصر عبيد، وإن لم أجد أحدا لديه فكرة عن تاريخ القصر وسبب التسمية، لأواصل الطريق حتى واد عويضة حيث كانت الجيوش العثمانية تقيم معسكرات لها على حفاف هذا الوادي وتمتد إلى خربة (يوبك) والمنسوب اسمها للقائد المملوكي (أيبك) والتي سيكون لها زيارة لاحقة وخاصة بعد أن اصبحت خارج الجدار البشع بعد عملية قضائية معقدة مع الاحتلال، ومنها أعود عبر طريق العقبة إلى جيوس، وأجلس مع الأستاذ العزيز والعم أبو سامح السمحة (الاستاذ شوكت)، وأستمع منه لبعض ما في ذاكرته من أحاديث ترتبط بذاكرة جيوس، والجلسة دوماً معه لها نكهتها الجميلة بما يحتفظ من أحاديث وذكريات وهو قد خرّج أجيالاً من أبناء البلدة، وترأس المجلس البلدي لفترة قصيرة، وفي المساء كنت بعد أن فاجأتني الأمطار الغزيرة، أسهر عند الأخ عودة (أبو نائل) وولده نائل، وهما من أصدقائي القريبين، لأستمع من (أبو نائل) لحكايات عن البلدة وخاصة أنه ترأس المجلس البلدي لفترة جيدة، وترك بصمات بيضاء جميلة على جيوس أثناء رئاسته للمجلس.
ويختتم الكاتب الفلسطيني: في الصباح كنت أغادر جيوس لطولكرم، فأمارس طقوسي المعتادة فيها كما العادة، وأعود إلى رام الله بفرح وشوق، فليس مثل رام الله من أنيس يؤانس وحدتي وخاصة حين أعانقها وأجول معها وفيها جولات المساء، فأصحو من نومي مبكراً كالعادة على صوت هديل الحمام على نافذتي، فأبتسم لطيفي البعيد القريب، وأتأمل رام الله عبر جولة سريعة صباحية، لأحتسي قهوتي وأستمع لشدو فيروز وهي تشدو: (بيقولوا زغير بلدي بالغضب مسور بلدي، وبيقولوا قلال، ونكون قلال، بلدنا خير وجمال، وبيقولو يقولو، شو هم يقولو، شوية صخر وتلال يا صخرة الفجر وقصر الندي يا بلدي)، فأهمس: صباحك أجمل يا وطني، صباحكم أجمل أحبتي، وإلى لقاء قريب في بلدة جميلة أخرى من بلدات الوطن التي تروي الحكايات.
زياد جيوسي ، مواليد 1955 في مدينة الزرقاء في الأردن، وأصوله من بلدة جيوس قضاء قلقيلية في الضفة الغربية الفلسطينية ومتزوج ولديه ابنة وثلاثة أبناء. أنهى الدراسة الثانوية في الأردن. حاصل على بكالوريوس آداب تخصص جغرافيا من جامعة بغداد 1976. حاصل على دبلوم محاسبة من الكلية العربية 1988، مقيم في فلسطينرام الله منذ عام 1997، بدأ الكتابة والنشر منذ عام 1972، ناشط في المجالات الثقافية والفنية مع اهتمامات خاصة بالمسرح والسينما والفنون. ترافقه الكاميرا مع القلم عبر سنوات طويلة ويرفق صورة يلتقطها بعدسته مع مقالاته، وهو عضو سابق في الهيئة الإدارية لمركز خليل السكاكيني الثقافي كنائب للرئيس ثم رئيسا لثلاث سنوات وما زال عضوا في هيئته العامة في رام الله.
رفض الاحتلال منحه الهوية الفلسطينية من نهاية 1997 تحت بند دواعي أمنية، ولكنه رفض مغادرة الوطن حتى نال الهوية الفلسطينية في 2008، فأتيح له أن يخرج من مدينة رام الله بعد حصار أحد عشر عاما.
أنجز معرضه الأول في مركز رؤى في عمان عاصمة الأردن في 22/7/2008 للصور الفوتوغرافية التراثية عن مدينة رام الله الفلسطينية تحت عنوان: صباحكم أجمل- رام الله. صدر له كتاب (فضاءات قزح) عن دار فضاءات للنشر والتوزيع – عمّان 2009، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية. وكتاب (أطياف متمردة) عن دار فضاءات للنشر والتوزيع – عمان 2009.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.