هناك بعض الجوانب التي يمكن للقراء أن يجدوها عند قراءتهم لأعمال جارسيا ماركيز مثل الدعابة، ولكن في الوقت ذاته، فإنه ليس هناك أسلوبًا واضحًا ومحددًا سلفًا لأعمال الكاتب، وفي هذا الصدد، قال هو في مقابلة أجراها مع مارليس سيمون: أسعى أن اتخذ مسارًا مختلفًا في كل كتاب، الكاتب لا يختار أسلوبًا، بإمكان أي شخص أن يكتشف الأسلوب المناسب لكل موضوع، وكما أشارت، فإن الأسلوب يتم تحديده بناءً على موضوع العمل. وفي حالة المحاولة في استخدام أسلوب آخر غير مناسب، ستظهر نتيجته مغايرة، وبالتالي، فإن النقاد يبنون نظرياتهم استنادًا إلى ذلك، ويكتشفون أشياءً لم تكن موجودة بالأساس، فقط أتجاوب مع أسلوب حياتنا، الحياة في منطقة البحر الكاريبي. «عن الحب وشياطين أخرى»، تأليف جابرييل جارسيا ماركيز، ترجمة صالح علماني، ليكون أحدث الطبعات العربية لمؤلفاته، إذ صدر حديثًا عن قطاع الثقافة بمؤسسة أخبار اليوم. هذه هي الرواية قبل الأخيرة في مسيرة الساحر جابرييل جارسيا ماركيز، كتبها عام 1994، يزعم ماركيز في تقديمه للرواية بأنه ذهب بحثًا عن خبر صحفي حول أعمال نقل مقابر دير قديم، وإذا بضربة معول لأحد العمال تكشف عن جديلة شعر طولها 22 مترًا وعشرة سنتيمترات تنتهي بجمجمة لفتاة صغيرة. ويُفضي إليه رئيس العمال دون دهشة بما يعتبره حقيقة علمية: "الشعر ينمو بمعدل سنتيمتر واحد كل شهر حتى بعد الموت" ويُقدِّر ماركيز الزمن الذي نمت فيه الجديلة بمئتي عام، ويربط الواقعة بأسطورة حكتها له جدته عن مركيزة ماتت في الثانية عشرة بعضة كلب، وكان شعرها الأصهب يجرجر وراءها مثل فستان العروس، وكانت تحظى بتقدير كل شعوب الكاريبي لمعجزاتها الكبرى. بعد هذا التقديم يبدأ ماركيز في إعادة بناء حياة الطفلة التي بدأت في التصرف بشكل فاحش، ووصلت ممارساتها الغريبة مع العبيد والخدم إلى مسامع الكنيسة فتم انتزاعها من أهلها، وسجنها في الدير لانتزاع الشياطين من جسدها، لكن المطران الشاب الذي يتولاها يقع في غرامها فيقرر الأسقف إبعاده إلى تجمع للمصابين بالجذام على ألا يعود إلا بعد شفائه من الحب، كما يقرر إخضاع الفتاة لجلسات تعزيم من أجل تخليصها من شياطينها، وبعد خمس جلسات من التعزيم والحقن الشرجية، تدخل الحارسة لتعدها للجلسة السادسة فتجدها "ميتة حبًا بعينين مشرقتين وبشرة طفلة حديثة الولادة". اشتهر جارسيا بتركه العنان للقارىء أيضًا ليكون له دورًا هاما ويشاركه في بعض الأفكار والتفاصيل الهامة للعمل الأدبي. وعلى سبيل المثال، فإن الكاتب لم يعطِ اسمًا لأحد الشخصيات الرئيسية في روايته ليس للكولونيل من يكاتبه. وهي تقنية مستمدة من التراجيديا الأغريقية مثل أنتيجون وأوديب ملكا، حيث تتطور بعض الأحداث الهامة خارج نطاق العرض، حيث يُفسح المجال لمخيلة الجمهور.