في إطار مواصلة الحملة العسكرية التي تشنها موسكو ضد التنظيمات الإرهابية بسوريا، وحرص الرئيس الروسي على إشراك الأطراف العربية والإقليمية المتنازعة في إيجاد حل للأزمة السورية، جرت لقاءات بين الرئيس الروسي وولي ولي العهد السعودي، وولي عهد أبو ظبي، كلٍ على حده، وعلى الرغم من أن اللقاءات تمت خلف أبواب مغلقة ولم يُعرف فحوى ما دار بها، إلا أنه من المؤكد أن الوضع في سوريا والضربات الروسية هناك كانت على رأس أجندة المحادثات. التقى وزير الدفاع السعودي "محمد بن سلمان" بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، حيث بحثا فرص التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وتطورات الأحداث في الشرق الأوسط، ويعتبر هذا اللقاء هو الثاني الذي يجمع "بوتين" بولي ولي العهد السعودي خلال 4 شهور، حيث سبق أن التقيا خلال زيارة "بن سلمان" لروسيا في 18 يونيو الماضي. جرى الاجتماع في منتجع سوتشي بجنوب روسيا، على هامش سباق "الفورمولا1″، في حضور وزيري الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، والطاقة "ألكسندر نوفاك"، ومساعد الرئيس الروسي "يوري أوشاكوف"، ورئيس الصندوق الروسي للاستثمار المباشر "كيريل ديميتروف"، فيما حضر الاجتماع من الجانب السعودي وزير الخارجية "عادل الجبير"، ووزير الصحة "خالد الفالح"، والمستشار بالديوان الملكي "أحمد الخطيب"، والمستشار في الديوان الملكي المشرف العام على مكتب وزير الدفاع "فهد العيسى". زيارة العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز" المرتقبة لروسيا كانت على أجندة محادثات الأمير "محمد بن سلمان" والوفد المرافق له في سوتشي، إلا أنه لم يحدد لها وقت معين، فلاتزال تتراوح بين شهر أكتوبر الحالي أو نوفمبر المقبل، وذكر الأمير "محمد بن سلمان" الرئيس الروسي، بقلق الرياض حيال التدخل العسكري الروسي في سوريا واحتمال قيام تحالف بين روسيا وإيران، وبأن المملكة تؤيد تسوية سياسية للنزاع، شريطة أن يشمل ذلك تنحي الرئيس "بشار الأسد" حليف موسكو. أكد ولي ولي العهد السعودي "حرص المملكة العربية السعودية على تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق وموقفها الداعم لحل الأزمة السورية على أساس سلمي، وفقا لمقررات مؤتمر جنيف1، وبما يكفل إنهاء ما يتعرض له الشعب السوري من مآسي، وتلافي استمرار تداعيات هذه الأزمة على الأمن والاستقرار في المنطقة". من جانبه صرح وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، "نحن في تعاون وثيق مع السعودية منذ أعوام حول مشكلة الأزمة السورية، واليوم كرر الرئيس بوتين تفهمنا لقلق السعودية"، وأضاف أن "الجانبين أكدا أن لدى السعودية وروسيا أهدافًا مماثلة بالنسبة لسوريا، قبل كل شيء المطلوب عدم السماح لخلافة إرهابية بالسيطرة على البلاد". وأكد لافروف أنه "بعد محادثات اليوم، بتنا نفهم في شكل أفضل كيفية توجهنا إلى تسوية سياسية"، داعيًا الدول المعنية بالنزاع إلى استخدام نفوذها لدى أطرافه لتسهيل الحوار، وأكد أيضًا استعداد موسكو لتعاون أكبر مع الرياض "لتبديد أي شك في أن الأهداف التي يضربها الطيران الروسي هي فعلا منشآت لتنظيم داعش وجبهة النصرة ومجموعات إرهابية أخرى". على هامش السباق أيضًا، التقى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في روسيا، بولي عهد أبو ظبي الأمير "محمد بن زايد آل نهيان"، ويعتبر هذا اللقاء هو الثاني الذي يجمع "بوتين" بولي عهد أبو ظبي خلال شهرين، حيث سبق أن التقيا في العاصمة الروسية موسكو يوم 24 أغسطس الماضي. تناول اللقاء "التطورات في الشرق الأوسط، وخاصة في ضوء الجهود الروسية والإماراتية المبذولة في مكافحة الإرهاب الدولي وتداعيات الأزمة السورية"، واقترح الرئيس "بوتين" خلال لقاءه مع "بن زايد"، "تبادل الآراء حول حالة الأمور في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما في سوريا وتركيا، من زاوية ضرورة مكافحة الإرهاب في شتى تجلياته"، وتم خلال اللقاء استعراض الأوضاع في اليمن وخطط التحالف العربي في إعادة الاستقرار للشعب والحكومة اليمنية، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي. حضر اللقاء من الجانب الإماراتي، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني "علي محمد حماد الشامسي"، ورئيس جهاز الشئون التنفيذية "خلدون خليفة المبارك"، وسفير الدولة لدى روسيا "عمر سيف غباش"، ومن الجانب الروسي حضر اللقاء كل من وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، ووزير التجارة "دينيس مانتوروف"، ورئيس جمهورية إنغوشيتيا "يونس بيك إفكوروف"، ووزير الطاقة الروسي "ألكسندر نوفاك". تسعى روسيا دائمًا إلى التواصل مع القادة العرب في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد أن بدأت عملياتها العسكرية وغاراتها الجوية في سوريا، حيث تحاول روسيا امتصاص غضب الدول المعادية للرئيس السوري "بشار الأسد" والتي تنادي برحيله فورًا، وكذلك الدول التي ترفض التدخل الروسي في سوريا والتي تعده "دعم للنظام السوري" وتقول أنه يستهدف القضاء على "المعارضة المعتدلة" وليس التنظيمات الإرهابية، وهو ما يحاول الرئيس الروسي نفيه مرارًا من خلال اتصالات هاتفيه مستمرة مع القادة والزعماء الإقليميين.