لم يعد خافيًا على أحد أن إثيوبيا منذ الإعلان عن تشييد سد النهضة عام 2011 وهي تمارس سياسة المماطلة والخداع الاستراتيجي، لإعلان المبدأ الحاكم في الفكر الاستراتيجي الإثيوبي على ملكية نهر النيل واعتباره نهرًا إثيوبيًّا خالصًا، وهو ما يعني عدم الاعتداد بالنظام القانوني الموروث عن العهد الاستعماري، لكن السودان كان يقف في المنطقة الرمادية طوال الوقت من تلك المفاوضات، إلا أنه بين الحين والآخر كان يعلن عن نواياه التي تعد ضد الجانب المصري؛ لقناعتها بأن الطاقة الكهرمائية التي ينتجها السد هي خطوة سديدة في طريق التنمية التي تنشدها. يذكر أن الدكتور حسام مغازي في زيارة مكوكية اليوم الأحد للخرطوم، تستغرق يومًا واحدًا، يلتقي خلالها كبار المسؤولين، للتنسيق بين مصر والسودان بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي. وتأتي الزيارة بعد ساعات من لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الري، الذي عرض عليه بدوره الاتصالات الجارية مع الجانبين الإثيوبي والسوداني حول الدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة، والاستعدادات الجارية للاجتماع القادم للجنة الثلاثية الذي ستدعو مصر لعقده على المستوى الوزاري خلال أكتوبر الجاري. النظرة السودانية للمفاوضات أكد الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه، إلى أن موقف إثيوبيا والسودان من مفاوضات سد النهضة الجارية يختلف حاليًّا عن الموقف المصري، حيث أعلنت السودان خلال جولة المباحثات الأخيرة في القاهرة عن استغرابها من الموقف المصري الذي طالب بتحديد فترة عمل المكتب الاستشاري المشترك، والتي يجب ألا تزيد على 15 شهرًا، وطالبت بأن تكون المدة مفتوحة، لتأخذ وقتها اللازم حتى لو استمرت سنوات، بحيث تكون حليفتها إثيوبيا قد انتهت من بناء السد الحالي وما خلفه من السدود. النظرة الإثيوبية للمفاوضات وأشار نور الدين إلى أن الجانب الإثيوبي يرى أن العمل في سد النهضة يسير على قدم وساق، مع عودة التمويل الأجنبي واعتراف مصر بالسد وبحق إثيوبيا في فرض السيادة المطلقة على الموارد المائية المشتركة، وبالتالي فهي لا تريد من مصر أكثر من هذا، ولا تعنيها أن تستمر المفاوضات أو تتوقف، ولتأخذ ما تشاء من الوقت، ولا حاجة لإثيوبيا أن يطلع المكتب الاستشاري المشترك على الدراسات الإثيوبية الخاصة بالسد وتداعياته على مصر، فربما يجد بها ما يؤثر على فضح الأساليب الإثيوبية ونيتها الأكيدة في الإضرار بمصر، وهو ما ستدعمه الدراسات المصرية التي أجراها الخبراء المصريون على تداعيات السد على مصر. النظرة المصرية للمفاوضات وأكد نور الدين أن الوضع بالنسبة لمصر يختلف تمامًا، لأنها ترى أن عمل المكتب الاستشاري قد يعطيها فرصة كبيرة لتصحيح أخطائها في المفاوضات، والتي منها زيارة وزير الري المصري للسد وتصوير الجانب الإثيوبي له، وتسويق الصور عالميًّا بأن مصر تبارك بناء السد، وأن إثيوبيا دولة تتمتع بالشفافية وتسمح للمصريين بزيارة سدها العظيم للتأكد بأنه لن يضر بمصر. الأمر الثاني هو الاعتراف المصري غير المشروط بسد النهضة، والذي كان ينبغي لمصر أن تشترط للموافقة عليه أن يثبت المكتب الاستشاري والخبراء الدوليين عدم وجود تداعيات خطيرة عليها، وألا ترتضي بالتعويض فقط عن هذه الأضرار ومتى كانت الظروف مناسبة. صورة لسد النهضة انتظار الدراسات الفنية دون جدوى ومن جانبه قال الدكتور خالد أبو زيد، وزير الموارد المائية والرى بحكومة الظل الوفدية، إنه لا يجب انتظار إجراء الدراسات الفنية وانتظار المكتبين إعلان نتائجهما، موضحًا أن اتفاقية سد النهضة التي وقع عليها رؤساء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا تتضمن قواعد الملء والتشغيل، وهو ما يجب التفاوض عليه، وعدم انتظار الدراسات التي ستأخذ وقتًا طويلاً حتى يتم الانتهاء منها. وأضاف أبو زيد أنه يجب أن يكون هناك بعض المرونة حول طبيعة عمل المكتبين الاستشاريين، وأن يعمل المكتب الهولندي بنسبة أكبر من 30%؛ نظرًا لخبرته، والذي يجب أن يكون له دور فى إقرار النتائج النهائية. وأوضح أبو زيد أن هناك صورًا حديثة لسد النهضة التقطتها الأقمار الصناعية، توضح بناء جزء من السد الجانبى وإنجاز جزء من بناء جسم السد على نهر النيل.