انتهاكات صهيونية متزايدة للقدس.. وإطلاق يد المستوطنين في القتل خطوات حثيثة للتهويد.. ومدينة أنفاق وكنيس يهودي أسفل "الأقصى" إنهاء الانقسام ضرورة.. وعلى "حماس" ألا تنجرف بعيدا عن المصلحة رفع العلم في الأممالمتحدة دفعة معنوية.. وعلينا إعادة ترتيب البيت استنكر الدكتور أيمن الرقب، القيادي بحركة فتح، التخاذل العربى تجاه الانتهاكات المتكررة من قبل الصهاينة تجاه القدس الشريف، مؤكدا أن المسجد الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم بل للعالم العربي والإسلامي أجمع، وأن التاريخ لن يرحم المتخاذلين. وطالب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، في حواره ل"البديل" بإعادة ضبط بوصلة العالم العربي والإسلامي نحو قضيتهم الأم وعدم انشغالهم بقضاياهم الداخلية فقط، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال تعمل على تهويد القدس بخطى متسارعة بهدف هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة التلاحم الوطني الفلسطيني وإعادة ترتيب البيت من الداخل وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإنهاء الانقسام. وإلى نص الحوار.. -كيف ترى تعاطي العرب مع انتهاكات الصهاينة للقدس؟ الجميع يدرك أن أهلنا في مدينة القدس الذين يبلغون زهاء 370 ألف نسمة، هم في خط المواجهة الأول ولهم طاقة التحمل، في ظل تقصير العالم العربي والإسلامي في دعمه للقضية، وأقرب مثال على ذلك صندوق القدس الذي أسس عام 2010 في قمة سرت بليبيا، على أن يودع فيه 500 مليون دولار سنويا لدعم صمود أهلنا بالقدس، لم يصله خلال الخمس سنوات سوى 38 مليون دولار. القدس ليست للفلسطينيين وحدهم بل للعالم العربي والإسلامي أجمع، وعلى الجميع تحمل مسؤولياته وعدم ترك الشعب الفلسطيني وحيدا في هذه المعركة والتاريخ لن يرحم المتخاذل. أعتقد أن الأيام المقبلة ستكون أكثر سخونة في المدينة المقدسة، وسيتحول شتاؤها إلى صيفٍ حار، وإذ انسد الأفق أمام الشعب الفلسطيني فالانتفاضة المقبلة ستكون الأصعب والأقوى، وبرميل البارود جاهز للاشتعال وينتظر القرار السياسي. -لماذا ازداد عنف الاحتلال تجاه الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة؟ هدف الحركة الصهيونية منذ أن قررت بناء وطن قومي لليهود في فلسطين هو احتلال المدينة المقدسة لجلب معارضي الحركة الصهيونية إلى فلسطين تحت ذرائع دينية، وعندما أخفقوا في احتلال المدينة المقدسة عام 1948 عاودوا الكرة عام 1967 من أجل احتلالها. فمنذ اليوم الأول لسقوطها، بدأ الصهاينة بتدنيس الحرم وإطلاق العنان لغلاة التطرف الديني اليهودي لرفع شعارات بناء هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى بعد هدمه ليسهلوا لعيسى المسيح النزول بعد أن يتطهروا من رماد بقرتهم الحمراء التي يسعون للحصول عليها من خلال مزارع التهجين بهولندا. هذه الخرافات وغيرها، ذرائع يستند عليها هؤلاء المتطرفون ليحللوا اعتداءاتهم على المسجد الأقصى، ورغم سيطرتهم على حائط البراق ومحاولة تغيير اسمه لحائط المبكى من أجل إقامة صلواتهم في تلك الساحة، إلا أنهم استغلوا الجدار لحفر الأنفاق من جانبه للوصول إلى المسجد الأقصى. ومنذ عام 1981 شرعوا رسميا بهذه الحفريات، وتؤكد المعلومات المسربة أن هناك مدينة أنفاق تحت المسجد الأقصى، بالإضافة إلى كنيس يهودي تحت المسجد مباشرة لإقامة شعاراتهم الدينية، انتظارا للحظة هدم المسجد وإكمال بناء الهيكل فوق هذا الكنيس. -وماذا عن الانتهاكات الصهيونية للمسجد الأقصى؟ تزايدت الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى منذ سقوطه بيد الصهاينة، لكن العامين الماضيين كانا الأكثر تهويدا وصراعا مع الزمن لتغيير ملامح المدينة والسيطرة عليها، مستغلين انشغال العرب بقضاياهم الداخلية، ويدلل على ذلك تصريحات وزير الحرب الصهيوني، موشي يعلون، وأذنابه بأن خطتهم تأتي بالتدريج، أي خطوة خطوة وبهدوء وكما يزعم تلموذهم "بارا بارا"، إلا أن هذين العامين شهدا أخطر الإجراءات في المدينة المقدسة. وفي عام 2013، افتُتح القطار السريع الذي ينقل من القدسالغربية إلى حديقة سلوان التي غُير اسمها إلى حديقة النبي داوود، ويمر القطار من نفق أسفل المسجد الأقصى، بالإضافة إلى مصادرة 700 دونم من أرض مقبرة ولي الله التي دفن بها الكثير من الصحابة، حيث تم تحويلها إلى متنزه عام وبناء فنادق على جزء منها، وفي عام 2014، صدر قرار من الحكومة اليمينية المتطرفة باعتبار ساحات المسجد الأقصى حدائق عامة يحق للجميع دخولها بما فيهم اليهود، ما أسس للدخول المتكرر للمستوطنين باحات المسجد الأقصى ووضع حجر الأساس لهيكلهم المزعوم. وشهد العام الجارى أخطر القرارات الصهيونية بالتقسيم الزماني للحوض المقدس الذي يمنع على المسلمين دخوله من الساعة السابعة صباحا حتى الحادية عشر صباحاً، ومن الرابعة عصراً حتى الخامسة والنصف مساءً، فهذا التقسيم الزماني قد يتبعه تقسيم مكاني، وبذلك سيتم السيطرة على أماكن من الحوض المقدس للمستوطنين لبناء هيكلهم فيه، كما جاء قرار السماح للجيش الصهيوني باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين فى مدينة القدس، صادما، ويجعل شعبنا في المدينة عرضة التنكيل والقتل بحماية قانونية صهيونية. -ما أثر خطاب أبو مازن الأخير على نهج المقاومة والشارع باتجاه انتفاضة ثالثة؟ خطاب الرئيس الفلسطيني عامل مهم لدعم صمود شعبنا، لكنه ليس القرار السياسي لتفجير برميل البارود الفلسطيني، وبالرغم من قوة الخطاب في الأممالمتحدة، إلا أنه لم يقفل الباب أمام العملية السلمية، وترك الباب مواربا للتدخل الدولي من أجل إحياء العملية السلمية، والمؤسف هو اعتبار البعض أن خطاب الرئيس تضمن إسقاط اتفاق أوسلو، إلا أن القرار ليس بالأمر السهل، ولو كان كذلك لما استطاع الرئيس دخول الأراضي الفلسطينية؛ لأن من يتحكم بالمنافذ هي دولة الاحتلال، ولا بد من التنسيق المسبق معها للدخول والخروج من الأراضي الفلسطينية. الرئيس هدد بالتعامل بالمثل، لذلك أعتقد أن الخطاب بمثابة تأسيس لمرحلة جديدة نحتاج بها إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تضع استراتيجية جديدة لمواجهة الاحتلال الصهيوني، الأمر الذي يستوجب إعادة ترتيب البيت الفلسطيني أولا وإنهاء الانقسام، إلا أن ذلك يحتاج إلى جهد كل العالم العربي ومن لهم ثقل، حتى نستطيع تحمل التحديات القادمة من خلال إعادة ضبط بوصلة العالم العربي نحو قضيته الأم رغم انشغاله بقضاياه الداخلية. ولا بد من التنويه إلى أن رفع العلم الفلسطيني على مقرات الأممالمتحدة أعطى دفعة معنوية لشعبنا الفلسطيني، وعلى حماس ألا تنجرف بعيدا عن المصلحة الفلسطينية لأن المرحلة لا تحتمل القسمة.