العرض حصد ثماني جوائز من المهرجان القومي للمسرح: أفضل عرض ومخرج صاعد، باسم قناوي. أفضل ممثل دور أول، ياسر عزت، مناصفة. أفضل ممثل دور ثاني، أحمد الرافعي. أفضل ممثلة دور أول، فاطمة محمد علي. أفضل ممثلة دور ثاني، لبني ونس. أفضل دراماتورج، الجائزة المستحدثة باسم شهيد المسرح حازم شحاته، لياسر أبو العينين. أفضل تأليف موسيقي، حاتم عزت، مناصفة، ومن إنتاج "الطليعة" عن نص "الوردة والتاج" للإنجليزى ج. ب. بريستلي. تدور أحداثه في بار تقليدي في الريف الإنجليزي اسمه "روح"، تجتمع فيه نوعيات مختلفة من أهل البلدة يشكون أحوالهم. ينشغل منهم بست شخصيات، تتباين تفاصيل حياتهم: المغنية مسز ريد، فاطمة محمد علي، مطربة لم يعد أحد يطلبها لحفلات الغناء، تجلس في البار يوميًّا، مبكرة، لتغني لنفسها وتنعي حظها. السباك ستون، ياسر عزت، الذي يدعي الفقر ويتوحد مع الأحداث السيئة في الصحيفة اليومية ليشبع روح التشاؤم المهيمنة عليه، ويشكو الوحدة بعدما كبر الأبناء وانشغلوا عنه في حياتهم. يلعب هذا الثنائي دورًا كبيرًا في تفجير الكوميديا في العرض في مشاحناتهما الدائمة. وهناك الثنائي راندال، زوجان شابان. بيرسى، الزوج المثقف حانق على الحياة، يرفض الإنجاب في عالم يراه عفنًا، ويحسب كل تفاصيل حياته ماديًّا. إيفي، زوجته اللطيفة، تتمتع بخفة الروح والبساطة، تحب زوجها وتتبع اختياراته. الخامسة، مابك، لبني ونس، عجوز سكيرة، رحل أبناؤها وزوجها، تشكو الوحدة وتحب الحياة. دور عادت به لبنى للمسرح بعد غياب 15 سنة، لتتألق. الشخصية السادسة، الشاب هاري المقبل علي الحياة، لطيف وكريم ويبث السعادة فيمن حوله. وفي الخلفية، ألفريد، مالك البار، الصامت دائما، كشاهد على ما يدور يوميًّا في البار. هاري الذي يعاني ضعف القلب والموظف ذو الدخل المتواضع، الذي يفشل في الزواج من حبيبته، يحاول خلق البهجة بالغناء والرقص، ويدعو الجميع لاحتساء الشراب على حسابه، يثمن قيمة الحياة، رغم أنه قد يكون الوحيد بينهم الذي يعاني مشكلات حقيقية. على امتداد ثلثي العرض نعيش شكاواهم الصغيرة ومشاحناتهم ومناوشاتهم، وتمنى كل منهم الموت للتخلص من مشكلات الحياة. خلق كل منهم حوله شرنقة من مشكلاته وشكاواه، تمنعه من تنفس الحياة، تلخص حالهم أغنية تؤديها ريد: "لو سئلت عن الحياة أتستحق أن نعيشها أم لا؟.. أقول لا". يظهر غريب عن البلدة في زي مهيب، فجأة من وسط الجمهور، الذي كان يشاركه منذ بداية العرض، ويخبرهم أنه استمع لشكواهم ويقرر مساعدتهم بأن يصطحب من يريد منهم الموت للخلاص، ليضعهم أمام التحدي الأكبر، فهم يشكون من متاعب الحياة طوال الوقت لكنهم في المقابل يجزعون من فكرة الرحيل. يرفض الجميع اقتراحه، ويتنصلون من شكاواهم السابقة، حتى مابك، أكبرهم سنًّا، تتحجج بأنها غير جاهزة للمغادرة. يستقر الغريب على الشاب هاري، الذي يمتثل قائلًا: إن الزائر الغامض أخذه لأنه المقصود من البداية وأنه من حضر من أجله. يرحل هاري مع الغريب، مخلفًا أجواء شجن تستحضر ما فقدناه من شبابنا، وحلمنا بوطن أفضل. فكأن من يرحل، دومًا، هو الأكثر الكثر عذوبة وحيوية، من يعرف معنى الحياة، وكأنه يفتدي الآخرين، ليجددوا دوائر شكاواهم وحنقهم. منذ البداية يتورط المشاهد في أحداث العرض، رغم أنه عرض مترجم وأجواءه غربية، ويقدم بالعربية الفصحي. ليس فقط لأنه يطرح إشكالية إنسانية عامة، فكل متفرج لديه تساؤلات مماثلة وحالة حنق من تفاصيل الحياة اليومية، وهاجس مواجهة، لكن السبب الأهم هو الإتقان الفني الذي جذب المشاهد لدائرته. العرض لا يسمح لك بالإفلات من حالته، الممثلون يتحركون في مساحات تختلف تمامًا عن الشكل التقليدي للعروض، حول الجمهور ووسطه. وفرض أحمد الرافعي، الزائر الغريب/ ملك الموت، حالة رهبة حقيقية بين المشاهدين، بحركته وحضوره وصمته المشحون بالانتظار وحالة القلق التي يثيرها، حتي قبل أن نعرف هويته. تختم مسز ريد العرض بأغنية: "هيا نغني للحياة، لا بديل للحياة إلَّا الحياة"، رغم ذلك لا يمكنك مغالبة حزن شفيف يغمر القلب وأنت تصفق للأداء الرائع والعذوبة التي شاركتها مع فريق العرض وجمهوره. ديكور المسرحية، المميز جدًا، لأحد أهم المصممين، محمد جابر، الذي حرم من جائزة مستحقة لم ينلها من المهرجان. الديكور لعب دورًا كبيرًا في توريط المشاهد، فهو بالفعل يدخل بار ويجلس على طاولات يتحرك بينها الممثلون، بسلاسة مدهشة وبين قطع الديكور المختلفة. شارك في بطولة العرض: ياسر عزت، فاطمة محمد علي، صباح سليم، محمد يوسف، أحمد الرافعى، لبنى ونس، محمد عادل، بدلًا من فتحي سالم في دور هاري. الأشعار لمحمد زناتى، والرؤية الموسيقية للفنان حاتم عزت، والإضاءة لأبوبكر الشريف.