تشهد العاصمة السودانية في الخرطوم استعدادت مكثفة لبدء الحوار الوطني، الذي دعى إليه حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان، وسط مقاطعة لقادة الحركات المسلحة الرئيسية التي تقاتل ضد الحكومة السودانية في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، رغم جهود الحكومة لإقناعهم بالمشاركة. ومن المقرر أن ينطلق في العاشر من أكتوبر الحالي الحوار السوداني الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير في يناير من العام الماضي، ويسعى البشير من خلال الحوار الوطني إلى الوصول لرؤية سياسية تتفق عليها القوى السياسية المشاركة في الحوار لإنهاء الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها السودان. وتواجه عملية الحوار عدة عقبات منها رفض قوى سياسية كبرى له مثل حزب الأمة القومي المعارض الذي يتزعمه الصادق المهدي، وحزب "حركة الإصلاح الآن" برئاسة الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، إضافة إلى حزب المؤتمر السوداني والحركات المتمردة التي تقاتل ضد الحكومة السودانية في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وهو الأمر الذي خلق مخاوف لدى القوى السياسية المشاركة نفسها. وفشلت جميع المساعي التي قادها المؤتمر الوطني "الحزب الحاكم" في السودان، والآلية الإفريقية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي برئاسة ثابو أمبيكي لإقناع الأطراف الممانعة بالحوار،حيث يتمسك الرافضون بمطالب يعتبرون تنفيذها أولوية قبل الشروع في وضع خارطة الطريق. ومن أبرز المطالب التي تنادي بها القوى السياسية الممانعة، توفير الحريات، والإفراج عن المعتقلين، بجانب وقف الحرب في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إضافة إلى تكوين حكومة انتقالية تشرف على الحوار، ولكن "الحزب الحاكم" لم يوافق على تنفيذ هذه الشروط واعتبرها موضوعات محل طاولة الحوار. وعلى الرغم من تشديد المجلس على تحديد موعد لا يتجاوز تسعين يوما لاستلام تقرير عن الأمر من وسيطه للسلام رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي، فإن إصرار الخرطوم قد يعرقل هذه الرغبة الأفريقية التي جاءت متوافقة مع ما تسعى إليه المعارضة. وتبرر الحكومة رفضها عقد أي لقاء تحضيري خاص بالحوار الوطني بالخارج خوفا من "اختطافه وتدويله" مشيرة إلى أن ذلك من المبادئ التي لا حياد عنها، وفي مقابل ذلك، تقول إنها تمنح المشاركين بالحوار من حملة السلاح وغيرهم ضمانات لدخول العاصمة الخرطوم والخروج منها إلى مناطقهم حتى لو لم يتقيدوا بمخرجات الحوار. وفي نفس السياق اجتمع مؤخرا الرئيس التشادي إدريس ديبي في باريس مع زعيم «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم وزعيمي فصيلي حركتي «تحرير السودان» مني أركو مناوي وعبد الواحد محمد نور، لإقناع قادتهم، بالانضمام إلى طاولة الحوار، ناقلاً تعهدات من الرئاسة السودانية بضمان سلامتهم في حال مشاركتهم ، إلا أن مساعي ديبي توجت بالفشل ، بعدما تمسك هؤلاء بالشروط الموضوعة للمشاركة. أحمد بلال عثمان، وزير الإعلام السوداني، أوضح أن كثيراً من الممانعين وحملة السلاح أبدوا استعدادهم للمشاركة في جلسات الحوار الوطني متوقعاً أن يصطحب الرئيس التشادي بعضاً من هذه القيادات معه لحضوره افتتاح الجلسات، ورفض بلال الكشف عن إعلان أسماء حملة السلاح الذين أبدوا الرغبة في المشاركة. وقال لوكالة السودان للأنباء إن عددا كبيرا من حاملي السلاح «وافقوا على المشاركة لكنهم لم يعلنوا ذلك صراحة خوفا من المضايقات والتصفيات التي يمكن أن يواجهوها من قبل بعض قادة الحركات المتعنتين الذين ظلوا يمارسون ممارسات سيئة تجاه منسوبيهم تصل لدرجة التصفية الجسدية»، على حد قوله.