في الوقت الذي يسود فيه التوتر وتبادل الاتهامات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال بسبب توقف محادثات السلام بينهما، تندلع المزيد من الأزمات لتصبح الضفة الغربية الفلسطينية أشبه بساحة حرب صغيرة، يتصدى فيها الفلسطينيون لانتهاكات المستوطنين وأعمالهم الإجراميه، وسط تهديدات وتنديدات سياسية إسرائيلية، ومباركات فلسطينية مقاومة. قتل مستوطنان إسرائيليان وأصيب أربعة بجروح، برصاص فلسطيني استهدف سيارتهما قرب مدينة نابلس في الضفة الغربيةالمحتلة، وأفاد مصدر عسكري أن المستوطنين هما من سكان مستوطنة "نيريا" قرب رام الله وسط الضفة الغربيةالمحتلة، وقتلا خلال وجودهما في سيارة متوجهة من مستوطنة "ايتامار" إلى مستوطنة "ايلون موري". المستوطن القتيل ضابط استخبارات احتياط كبير في وحدة "ماتكال"، التي تعد وحدة النخبة في جيش الاحتلال ويدعى "إيتام"، وزوجته "نعماه هنكين"، وقالت مصادر عبرية إن الفلسطينيين المشتبه بهم بإطلاق النار امتنعوا عن قتل الأطفال رغم أنهم أمطروا سيارة المستوطنين بخمسين رصاصة، وكان بالسيارة أربعة أطفال. قوة كبيرة من جيش الاحتلال هرعت إلى المكان وقامت بعملية اقتحام لقرية "بيت سالم"، وشرعت باقتحام منازل المواطنين وتفتيش منازلهم بحثًا عن مطلقي النار، كما فرضت طوقًا أمنيًا على بلدة "بيت فوريك" للعثور على منفذي الهجوم وأغلقت منطقة الهجوم، وأعلن جيش الاحتلال الاستنفار في المنطقة. جاءت العملية بعدما هاجم عشرات المستوطنين سيارات الفلسطينيين في عدد من القرى بقضاء نابلس، حيث قالت وسائل الإعلام الفلسطينية إن مستوطنين صهاينة اعتدوا على سيارات الفلسطينيين بالقرب من مكان العملية تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وقاموا بتكسير العديد من السيارات. "عبد القادر الحسيني" تتبنى تبنت جماعة "قوات العاصفة – كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني" المسئولية عن العملية، وقالت الجماعة في بيان نشر على موقعها الإلكتروني إن مجموعة من عناصرها قامت بإطلاق نار مباشر على سيارة لمستوطنين إسرائيليين، كانت تغادر مستوطنة "ايتمار" جنوب مدينة نابلس مما أدى إلى مقتل اثنين، وحذر البيان الجيش الاسرائيلي من أي إجراءات ضد الفلسطينيين في أعقاب الهجوم، مشيرًا إلى أن عناصرها سيردون على ذلك بالمثل. المقاومة تبارك من جانبها باركت حركة "حماس" عملية المقاومة في نابلس، وعدّتها رد فعل طبيعيًّا بسبب جرائم الاحتلال والمستوطنين التي كان أبرزها إحراق عائلة "دوابشة"، وقال الناطق باسم الحركة "سامي أبو زهري"، "عملية نابلس رد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال، وعمليات الاقتحام للمسجد الأقصى، وجرائم المستوطنين في الضفة، التي كان أبرزها إحراق عائلة دوابشة مؤخرًا"، وأضاف "حماس تبارك هذه العملية، وتدعو إلى استمرار كل أشكال المقاومة، لردع الاحتلال عن الاستمرار في سياسة التهويد في القدسالمحتلة، وردع المستوطنين عن الاستمرار في جرائمهم". في ذات السياق باركت كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" عملية نابلس، مشددة على أنها لن تكون الأخيرة، وقال الناطق باسم الكتائب، "أبو عبيدة"، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "نبارك العملية البطولية ضد المغتصبين الصهاينة"، مؤكدًا أنها "رد طبيعي على جرائم الاحتلال ومستوطنيه في القدس والضفة"، وشدد "أبو عبيدة"، على أن "العملية لن تكون الأخيرة بإذن الله". انتفاضة في الضفة اندلعت مواجهات واسعة في أنحاء الضفة الغربية بين المواطنين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال والمستوطنين من الجهة الأخرى، وذلك بعد عملية إطلاق النار، وقام المستوطنون بشن اعتداءات على المواطنين الفلسطينيين وتخريب مزروعاتهم، وأقدم مستوطنون على إحراق سيارة في قرية "بيتلو" قرب رام الله، وخطوا كتابات بينها "انتقام، هنكين"، في إشارة إلى المستوطنين الذين قتلا "إيتام" وزوجته "نعماه هنكين"، كما طالت اعتداءات المستوطنين سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني. احتشد عشرات المستوطنين قرب قريتي "جيت و"إماتين" شرق مدينة قلقيلية فجر الجمعة، وعمدوا إلى نشر خرابهم وفسادهم، حيث قاموا بإغلاق الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي نابلس – قلقيلية، ومنع حركة المرور عليه، جاء ذلك بمساندة جيش الاحتلال حيث احتجزت عشرات المواطنين والمركبات ومنعتها من المرور، ومن بين المحتجزين محافظ قلقيلية "رافع رواجبة" ومرافقيه. على المدخل الشمالي لبلدة "سنجل" شمال محافظة رام الله والبيرة، أصيب عدد من المواطنين فجر الجمعة بحالات اختناق وإغماء متفاوتة خلال مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال. في قرية "بورين" هاجم المستوطنين منزل مواطنين، وهو ما دفع الأهالي إلى التوجه إلى محيط المنازل لمنع هجوم المستوطنين وللحيلولة دون توغلهم داخل حدود القرية، فيما اعتلى مواطنون اخرون في بلدتي حواره وبورين أسطح المنازل تحسبًا لأي عمل اخر من قبل المستوطنين بعد أن قام اهالي بلدة حوارة بإفشال محاولات عدد من المستوطنين للمس بالمنازل من الجهة الشمالية، والشمالية الغربية من البلدة، والحيلولة دون وقوع جريمة اخرى كما حدث مع عائلة "دوابشة" في قرية دوما. جنوب نابلس وتحديدًا بالقرب من بلدة "حوارة"، انقلبت مركبة عسكرية صهيونية بعد أن فقد سائقها السيطرة عليها أثناء اقتحامهم المنطقة، حسب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، حيث أصيب ثلاثة من جنود الاحتلال كانوا داخل المركبة، وتم تحويلهم للمستشفى للعلاج، ووصفت إصابتهم بالطفيفة، وفي ذات البلدة حاول أكثر من 200 مستوطن اقتحامها بحماية من الجيش الاسرائيلي، إلا ان مكبرات المساجد صدحت للتصدي لهم، بمساعدة المواطنين الفلسطينيين. الاحتلال غاضب توافق قادة أحزاب الائتلاف والمعارضة في الكيان الصهيوني على إتهام الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، وتحميله مسئولية حادثة قتل المستوطنيْن، حيث قال رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، "إن قوة التحريض الفلسطيني أدت إلى عمل إرهابي عملي هذه الليلة"، وأضاف "نتنياهو" أنه "أجرى اتصالًا مع وزير جيشه ورئيس الاركان ورئيس جهاز "الشاباك" حول الخطوات المتوجب اتخاذها للرد على هذه العملية، وليس فقط من أجل القبض على الفاعلين، بل من اجل ضمان أمن وسلامة المستوطنين". أما زعيم حزب البيت اليهودي "نفتالي بينت"، فقد اتهم الرئيس "عباس" بالمسئولية عن الحادث، وقال أن ما حدث هو "تنفيذ لأمر القتال الذي اصدره محمود عباس في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة"، وأضاف بينت "أن شعبًا يشجع قادته على القتل، لا يمكن ان تكون له دولة، وان هذا ما يجب ان نقوله علانية"، مشيرًا إلى أن العملية جاءت بعد ساعات من حديث نتنياهو أمام الأممالمتحدة والذي قال فيه انه يقبل بحل الدولتين. وطالب "بينت" رئيس الحكومة "نتنياهو" بإقامة مستوطنة فورًا ردًا على هذه العملية، وإعادة محرري صفقة شليط إلى السجن فورًا، مضيفًا "أن هناك طريقًا وحيدًا لوقف الإرهاب، وهي أن يفهم عدونا انه سيدفع ثمنًا أكبر"، داعيًا الى "تدفيع من يهدر الدم اليهودي ثمنا قاسيا".