مليون شخص مجهول يستعدون لنزول الشارع في عيد الثورة برعاية الداخلية والمجلس العسكري * نكتة : حبيب العادلي ألغي تنظيم كل أعضائه ” أطفال” خوفا من شعبيتهم علي الحزب الوطني ! * الطرف الثالث قادر علي تنفيذ خطة ” هدم المعبد ” .. والبرلمان القادم سوف يدخل في مواجهة مع الثوار عودة التنظيم التطوعي لحماية المنشآت ومواجهة الشائعات يوم الخامس والعشرين من يناير .. خبر غريب نشرته بعض المواقع الإليكترونية مدعما بصور أغلب من يظهرون فيها أطفال .. ربما لتكون الصور ردا بليغا علي كل من يشكك في الأهداف الحقيقية للإعلان عن هذا التنظيم قبل أسبوعين من حلول العيد الأول للثورة .. الأغرب من ذلك أن الخبر تضمن معلومة مفادها أن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ويوسف والي أمين عام الحزب الوطني في التسعينات تشاركا في إصدار قرار بإلغاء التنظيم خوفا من شعبيته علي الحزب الوطني !! حاولت أن أعود بالذاكرة الي التسعينات لأتذكر شيئا عن هذا التنظيم لكنني فشلت .. سألت أصدقائي فكانت اجاباتهم مثلي تماما .. وأغلب الظن أن هذا التنظيم كان أشبه بجمعيات أصدقاء رجال المرور التي كان اعضاؤها من الطلاب يشاركون في تنظيم المرور خلال الإجازة الصيفية .. لكن الحديث عن شعبية مزعومة لهذا التنظيم جعلت حبيب العادلي ويوسف والي شخصيا يرتعدون رعبا منه هو محض افتراء .. وأرجو ممن لديه معلومات خلاف ما أقول أن ينبهني أو يصحح لي ! دعنا من الأصل التاريخي لهذا التنظيم ولنفكر فيما هو أهم من ذلك .. ما هي المهمة الحقيقية التي سيتولي أبطال التنظيم التطوعي تنفيذها يوم الخامس والعشرين من يناير المقبل .. وفق التصريحات الرسمية تتلخص هذه المهمة في حماية المنشآت ومواجهة الشائعات .. ونستطيع أن نفهم طبيعة المهمة الأولي وهي حماية مؤسسات الدولة .. لكن ما معني مواجهة الشائعات ؟ وأي نوع من الشائعات يعرف المجلس العسكري ووزير الداخلية أنها سوف تنتشر يوم الخامس والعشرين من يناير بالتحديد ؟ وكيف سيواجه التنظيم الشائعات ؟ هل سيكون هناك متحدث إعلامي للتنظيم يصحح للناس ما يسمعونه من أخبار كاذبة مثلا ؟ والسؤال الأهم : كيف جري اختيار مليون متطوع لهذا التنظيم دون أن نسمع خلال الفترة الماضية عن أي إعلان لطلب متطوعين ؟ واذا كان هذا العدد الكبير قد تم اختياره فمن هي الجهة التي اختارته ؟ وعلي أي أساس ؟ هل هي وزارة الداخلية مثلا ؟ أم القوات المسلحة ؟ فليس من المنطقي أن تكون الجهة المسئولة التي أجرت الاختبارات وفاضلت بين المتقدمين هي جمعية رعاية الأرامل والمطلقات ؟ وهل يقبل التنظيم متطوعين جدد أم أنه اكتفي بالمليون شخص بما يحمل هذا الرقم من دلالة ترتبط بالمظاهرات المليونية التي اسقطت مبارك ؟ لا أدعي أنني امتلك أي اجابات لتلك الأسئلة .. لكنني أملك للأسف العديد من المخاوف والهواجس .. أشعر أن الأمر كله ليس إلا محاولة لتطوير فكرة مظاهرات ميدان العباسية الي شكل أكثر تأثيرا وهو نزول مليون مواطن مصري لمواجهة الثوار الذين يعدون العدة لثورة سلمية ثانية بعد عام كئيب مر علي ثورتنا الأولي .. وسوابق النظام المصري وداخليته ومجلسه العسكري تؤكد لي تلك الهواجس .. ولعلكم تذكرون أن الداخلية فشلت فشلا ذريعا في مواجهة موجات الإرهاب التي ضربت مصر أواخر التسعينات من القرن الماضي .. ولم تتمكن من القضاء علي الجماعات المسلحة خاصة في صعيد مصر إلا عن طريق الاستعانة بالمجرمين الجنائيين والمسجلين خطر .. وهذه المعلومات معروفة بل واعترف بها لي شخصيا عدد ممن كانوا يعملون في جهاز الشرطة حينئذ .. وأكبر مثال علي ما أقول أسطورة عزت حنفي الذي صنعته الداخلية ومنحته كل ما يريد مقابل خدماته للوزارة في قتل عناصر الإرهاب أو المساعدة في اعتقالها .. وعندما هدأت موجة العنف انقلبت الداخليه علي صديقها وخاضت حربا بالمدافع وطائرات الهليوكوبتر لإسقاط امبراطوريته ! وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يعد الحديث عن تنظيم البلطجية الذي كان يشرف عليه حبيب العادلي شخصيا ويزيد قوامه علي 165 ألف مسجل خطر مجرد شائعات .. بل وهناك من الشواهد والقرائن ما يؤكد أن هذا التنظيم ما زال يعمل حتي اليوم .. وربما نكتشف بعد فترة أن هذا التنظيم هو نفسه الطرف الثالث الذي احتار في كشفه المفتش كرومبو منذ أحداث مسرح البالون ومرورا بمذبحة ماسبيرو ومعارك محمد محمود وأخيرا أحداث مجلس الوزراء .. بالإضافة الي العمليات البسيطة السريعة التي قام بها مثل الاعتداء علي المتظاهرين خلال الاعتصامات أو التظاهرات وحتي دوره البارز في منع نشطاء حركة 6 أبريل من مواصلة حملتهم المسماه ” عسكر كاذبون ” ! وفي التحقيقات الرسمية التي جرت مع المتهمين في موقعة الجمل فجر أحد شهود النفي مفاجأة في معرض دفاعه عن الدكتور فتحي سرور حيث قال أن البلطجي الذي يقول شهود الإثبات أنه اتفق مع الدكتور سرور علي قتل المتظاهرين لم يكن موجودا في السيدة زينب في هذا الوقت لأنه كان مشغولا مع القوات المسلحة حيث كان يتعاون معهم في القبض علي الهاربين من السجون !!! وأخشي ما أخشاه ان يكون هذا التنظيم الإجرامي يستعد لمباراة ضخمة في عيد الثورة عبر الاشتراك فيما يسمي بالتنظيم التطوعي الذي سيتصدي لما يقال أنه مخطط لحرق مصر .. ضمن خطة لمواجهة الأحداث المتوقع أن يشهدها يوم الخامس والعشرين من يناير .. والتي تتضح ملامحها شيئا فشيئا وتتضمن عدة محاور : أولا : تحييد الطرف الأكثر عددا وقدرة علي الحشد ويمثله تيار الإسلام السياسي عن طريق فتح الطريق أمامه لحصد أغلبية ضخمة في البرلمان الذي يعتبره العسكر منزوع الصلاحيات طبقا لتصريحاتهم .. ثانيا : حمله تشويه واسعة النطاق للثوار والنشطاء واتهامهم بالعمالة لأطراف خارجية وتلقي أموال من دول أجنبيه وغض الطرف عن سيل الأموال الذي تلقته جمعيات وهيئات دينية طبقا لما كشفه تقرير لجنة تقصي الحقائق بوزارة العدل .. ثالثا : خطة تخويف غير مسبوقة تستهدف بث الرعب في قلوب المصريين حتي يعدل القطاع الأكبر منهم عن النزول الي الميادين في عيد الثورة وهو ما يوحي بأن الأغلبية من المصريين يرفضون دعوة الثوار ويؤيدون ما تم من انجازات لا مكان لها في الحقيقة سوي في خيالات من يتحدثون عنها .. رابعا : التسريع الملحوظ في محاكمة مبارك ونجليه ووزير الداخلية حبيب العادلي ورجاله .. ولا يخفي علي أحد حالة النشوة التي سيطرت علينا جميعا ونحن نستمع الي ما قالته النيابة في حق رموز النظام ومطالبتها بتوقيع عقوبة الإعدام عليهم .. رغم أن أي دارس للقانون يعرف أن هذا هو الدور الطبيعي للنيابة بوصفها سلطة الإدعاء التي تسعي لإثبات الاتهامات في حق المتهمين بكل السبل .. كما أن المطالبة بتوقيع أقصي العقوبة هو أكليشيه ثابت ينهي به الادعاء مرافعته منذ أيام أفلام شادية وشكري سرحان .. لكن ذلك لا يعني أن المحكمة ستأخذ بطلبات النيابة التي كثيرا ما طالبت بإعدام المتهم فقررت المحكمة الحكم ببراءته ! خامسا : محاولة استيعاب عدد من رموز الثورة من الشباب عن طريق تعيينهم في مجلس الشعب الذي لن يكون لهم فيه أي دور سوي الانضمام الي الأقلية الليبرالية لمواجهة أغلبية اسلامية كاسحة توازي أغلبية الحزب الوطني في برلمانات مبارك وفتحي سرور .. سادسا : وضع الثوار في مواجهة البرلمان المنتخب صاحب الشرعية والذي أتوقع ألا تكون قراراته علي مستوي المد الثوري كما أنه سيقف عاجزا أمام مطالب محاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين خلال المرحلة الانتقالية .. وفي أفضل الفروض سوف تكون هذه المطالب مجرد ورقة ضغط في يد البرلمان اذا أراد وضع ما يسمي بسيناريو الخروج الآمن للمجلس العسكري .. ولعل في تصريحات بعض قادة التيار الإسلامي عن قبول الدية دليلا علي ما أقول .. ثامنا : تسريع اجراءات صرف التعويضات لأسر الشهداء واعتبار ضحايا محمد محمود ومجلس الوزراء من بين الشهداء في محاولة لامتصاص غضب الأهالي واغرائهم بمبالغ التعويض الهزيلة اذا ما قورنت بأن القتلة ما زالوا طلقاء بل ويجلسون علي مقاعد الحكم .. من هنا يأتي الحديث عن تنظيم تطوعي يقولون أنه كان صاحب شعبية كاسحة في التسعينات مرتبطا بخطة لمواجهة الكابوس الذي يعيشه العسكر في انتظار ما سيحدث يوم الخامس والعشرين من يناير .. واستطيع أن اتفهم دوافع هذا الموقف في إطار ادراك المجلس العسكري أن شعبيته قد انهارت تماما .. وأن كبار مؤيديه من عينة توفيق عكاشة وأمثاله قد انكشف حجم تأثيرهم الحقيقي في انتخابات مجلس الشعب التي لفظهم فيها الناس وخرجوا غير مأسوف عليهم .. أقول أنني اتفهم دوافع المجلس العسكري لتمرير هذا اليوم .. لكنني أحذر من أن يكون المخطط أكبر من ذلك .. وأن يكون الهدف ليس مجرد مواجهة احتمال قيام الثورة المصرية الثانية فحسب بل هدم المعبد علي روؤسنا جميعا بما في ذلك البرلمان المنتخب وذلك عبر افتعال أحداث عنف وحرائق يستطيع الطرف الثالث أن يتولاها بكل سهولة وباستخدام ولاعة صيني ثمنها جنيه واحد !! قد يكون الأمر مجرد هواجس .. لكنها للأسف تحمل ظلا من الحقيقة اذا ما وضعناها في مكانها علي خريطة الأحداث في مصر منذ بداية المرحلة الانتقالية التي بدأت بأداء التحية العسكرية لشهداء الثورة وانتهت باعتبار من شاركوا في الثورة نفسها عملاء وخونة ممولون من الخارج ويستعدون لحرق مصر في العيد الأول لثورتهم ! وأظن أن أحدا في مصر لا يملك إجابة لكل هذه الأسئلة الحائرة سوي طرف واحد هو المجلس العسكري .. وفي كل الأحوال علينا أن ننتبه الي محاولات قد تجري لجر الثوار الي العنف وإجبارهم علي التخلي عن سلمية الثورة .. لأن هذا الاحتمال لو حدث – لا قدر الله – يمكن أن يدخل مصر حربا أهلية .. وقبل كل ذلك وبعده هناك عامل مهم يجب ألا نتجاهله لا نحن ولا الحكومة ولا المجلس العسكري ولا حتي البرلمان الجديد .. حقيقة أن للثورة رب يحميها .. نعم يحميها لأنها قدمت التضحيات دون أن تنتظر المكافأة ..