لم تكن قناة السويس كغيرها من القنوات، فهى فريدة من حيث الموقع الجغرافى خاصة أنها تربط بين الشرق والغرب، فكان لها السبق والدور الرائد فى قصر المسافة التى يتكبدها الملاحون والتجار عبر طريق رأس الرجاء الصالح، من ثم كانت شريان خير وسلام ورخاء للبشرية جمعاء. وعلى الرغم من تاريخ قناة السويس الذي لم يعرفة الكثيرون، إلا إن قناة السويس المصرية في الوقت الحالي لم تعد تحتل بأريحية صدارة الممرات المائية العالمية، إذ تصاعد في العقود الأخيرة أسماء قنوات أخرى، كقناة القطب الشمالي وقناة بن غوريون الإسرائيلية، وقناة بنما التي يبدو أنها ستكون منافسًا قويًّا لقناة السويس. «بنما» المنافس الأقوى لقناة السويس وبالمقارنة بين قناة بنما وقناة السويس، نجد أن الأخيرة عمرها 146 عاما، وتم إنشاؤها عام 1869 وتقع بين 3 قارات "آسيا وإفريقيا وأوروبا"، واستعانت ب120 ألف عامل لبنائها في عهد جمال عبد الناصر. أما قناة بنما، فعمرها 101 عام، وتم إنشاؤها عام 1914 واستعانت ب25 ألف عامل لبنائها، وبالمقارنة بين القناتين في حجم عبور السفن، نجد إن قناة السويس يبلغ طولها 192 كم وتتحمل 18 ألف سفينة وحاوية خلال عام، أما قناة بنما، فيبلغ طولها 80 كم وتتحمل 6 آلاف سفينة أو حاوية خلال عام. وبخصوص الموقع الجغرافي، احتلت قناة السويس موقعا متميزا وسط القارات الثلاث، فكانت ولا تزال محور التجارة العالمية التي حكمت نسبة أكبر في التجارة حول العالم، بعدما كانت السفن تعاني من طول طريق "رأس الرجاء الصالح" الذي يلزمها الدوران حول القارة السمراء لمسافة 16 ألف كيلومتر، قبل أن يتم افتتاح قناة السويس في سنة 1869، لتتقلص المسافة من 16 ألف كم إلى 10 آلاف كم، وتقل مدة الرحلة التي تمكث فيها السفينة بالمياه من 24 يومًا إلى 14 يومًا. أما بنما، فاحتلت موقعًا جغرافيًّا متميزًا أيضًا، لكن أقل نسبيًّا من تميز موقع قناة السويس، إذ وقعت بنما جغرافيًّا في وسط قارتي أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية، ممثلة بذلك حلقة الوصل بين الأمريكتين، فقناة بنما التي تم تأسيسها في 1914 ميلاديًّا، قلصت مسافة رحلة السفن حول القارتين من 21 ألف كم إلى 8 آلاف بمقدار 13 ألف كم فارق. ويهدف مشروع قناة السويس الجديدة بالأساس إنشاء تفريعة جديدة تبلغ طولها 35 كم، بالإضافة إلى تعميق وتوسيع البحيرات الكبرى والبلاح بطول 37 كم ليبلغ الطول الإجمالي للحفر والتوسيع 72 كم، لتقليل ساعات العبور من 18 ل11 ساعة، وتقليل ساعات الانتظار من 11 ل 8 ساعات مما ينعكس على زيادة الرسوم التي ستدفعها السفن للعبور من القناة، كما أنه سيزيد عدد السفن المارة يوميًّا من 45 ل97، وهذه الأرقام مردود عليها بأن عدد السفن المارة يوميًّا خلال أي قناة يتوقف على حجم التجارة العالمية التي لا تستطيع مصر التحكم فيها. بينما ارتكز مشروع التوسيع في بنما على إنشاء مسار جديد للسفن المارة بامتداد قناة بنما من خلال إنشاء سلسلة جديدة من الأهوسة، مما يضاعف من القدرة الملاحية للقناة، لتتمكن القناة من استقبال سفن عملاقة لها قدرة استيعابية تصل إلى 13 ألف حاوية قياسية بدلًا من 5 آلاف حاوية قبل التوسعة، وتقترب بذلك من قناة السويس التي يمكنها استقبال سفن بقدرة استيعابية 18 ألف حاوية قياسية. «بن غوريون» داخل إطار المنافسة أما عن قناة "بن غوريون" الذي تسعي إسرائيل لتنفيذها، فتربط بين البحرين الأحمر والمتوسط لتنافس قناة السويس٬ فالمسافة التي أخذتها قناة السويس للوصل بين إيلات والبحر المتوسط ليست بعيدة٬ وتشبه تماما المساحة التي أخذتها قناة السويس لوصل البحر الأحمر مع البحر الأبيض المتوسط. واستعانت مصر ب22 ألف عامل لتوسيع قناة السويس الجديدة، فيما أعلنت إسرائيل عن وضع الخطط التي تستهدف 30 ألف فرصة عمل ستوفرها لعمال بتلك القناة والتي سوف تنطلق خلال 3 سنوات. فيما أفادت تقارير صحفية أن مشروع توسيع قناة السويس عمل عليه 42 ألف عامل خلال مدة المشروع التي استغرقت عامًا واحدًا، أما عن العائد المالي، فيفيد الموقع الرسمي لقناة السويس أن متوسط العائد المادي للقناة سنويًّا 5.3 مليار دولار، ومن المفترض بحلول سنة 2023 أن يصل إلى حوالي 13.226 مليار دولار. بينما توضح إسرائيل خلال جريدة معاريف، أن العائد السنوي الذي سيأتي من قناة "بن غورويون" سيصل إلى 6 مليارات بعد 6 سنوات من افتتحها أي في عام 2023، إذا تم افتتحها بالفعل بعد 3 سنوات. «القطب الشمالي» تفتح طرقًا جديدة لسفن الشحن بين أوروبا وآسيا أما عن قناة القطب الشمالي التي تنافس قناة السويس، فقد تصاعدت في الآونة الاخيرة تصريحات تفيبد بأن ذوبان جليد القطب الشمالي، الناجم عن الارتفاع المطرد لدرجات الحرارة، يفتح طرقًا جديدة لسفن الشحن بين أوروبا وآسيا بعيدًا عن قناة السويس. وكانت "يونج شينج" أول سفينة شحن صينية تسافر إلى أوروبا عبر طريق القطب الشمالي في أغسطس 2013، هذه الطريق الذي كان حتى وقت قريب متجمد بالكامل. وبالمقارنة بين القناتين، نجد أن الرحلة التي استغرقتها سفينة الشحن الصينية من داليان في الصين إلى روتردام في هولندا تستغرق 33 يومًا، فيما تستغرق الرحلة نفسها عبر قناة السويس حوالي 48 يومًا. وقال فوستر فنلاي، مدير شركة "أليكس بارتنر" المتخصصة في الأبحاث والاستثمار في المعلومات، إن هناك حوالي 1000 ميل بحري يمكن توفيرها عبر إمكانية المرور من هنا، لكن المشاكل تظهر أكثر من ناحية عملانية هذا المرور، فحين تسير عبر المنطقة القطبية فأنت تسير عبر أحد المحيطات الأكثر افتقاراً للخرائط التفصيلية على الكرة الأرضية.