المخرج الذي لم يذهب إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سوريا أبدًا، تمكن من صنع هذا الفيلم، كما صنع عن المخيم أنشطة أخرى ثقافية دون أن يغادر مدينة رام الله، إذ يقيم ويتواصل مع أحد أبناء مخيم اليرموك بالصوت والصورة، ويتلقى منه صورًا فوتوغرافية، ومقاطع فيديو، كشفت جوانب من كارثة إنسانية في مخيم يضم نحو 400 ألف فلسطيني. الفيلم الوثائقي «رسائل من اليرموك»، يطرح قضية تخص عصر ما بعد الإنترنت، وإن لم يشر إليها مخرج الفيلم الفلسطيني رشيد مشهرواي، في التعليق الصوتي، هي استحالة إخفاء كارثة إنسانية أو التستر عليها في ظل ثورة الاتصالات. تصل مدة عرض الفيلم إلى 59 دقيقة، يتنافس ضمن مسابقة الفيلم العربي الوثائقي الطويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط، المقام حاليًا بالمدينة الساحلية، بمشاركة أفلام من 33 دولة في أقسامه ومسابقاته المختلفة. الفيلم رسائل مخيم التُقطت في لحظات بالغة التعقيد، رسائل انحازت للحياة في مواجهة الموت، لحظات حب في زمن الحرب، وانشغالات اللاجئين بسؤال الوطن والمنفى، هي حكاية في حكاية ما زالت تروى من خلال صور ثابتة وأخرى متحركة، مرّة محكية، ومرّة مرئية، مليئة بهم وعنهم، مرسومة بالأمل في حياة أفضل، رسائل يكتبها شريط سينمائي بلغة وثائقية تشبه الحياة. يبدأ الفيلم بتواصل المخرج بالصوت والصورة مع الفتاة الفلسطينية (لميس)، التي تحكي عن مأساة المخيم وكيف أنها خرجت ووصلت إلى ألمانيا مع آخرين بعضهم سوريون طلبوا اللجوء السياسي وأنها ما زالت تنتظر الموافقة على طلبها، لأنها كتبت في أوراقها أنها "فلسطينية" وتضحك لأنهم في ألمانيا "لا يجدون دولة بهذا الاسم" وما زالت تنتظر. ويبدأ مشهرواي الاتصال بالشاب (نيراز سعيد)، وهو خطيب لميس فيمده بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو يصورها للمخيم الذي يتعرض للقصف في ظل الحرب في سوريا، وما يترتب عليها من حصار وانقطاع المعونات الغذائية والمياه والكهرباء. لكن سكان المخيم وسط الكارثة التي ربما تحصد روح أي منهم في أي لحظة -حيث قتل شقيق نيراز فجأة- لا ينسون حقهم في الحياة فيعيشون على أمل الخلاص حتى أن (أيهم) صديق نيراز يدفع البيانو الضحم على عربة حديدية يجرها مع أصدقائه ويقدم معزوفات في وسط الشارع ويتجمع السكان فيغنون وينتظرون. مشهرواي الذي ولد في غزة عام 1962، أول سينمائي فلسطيني ينجز أفلامًا داخل الأراضي الفلسطينية منذ فيلمه الوثائقي الأول (الملجأ) عام 1986، وأسس عام 1990 شركة أيلول للإنتاج الفني، ومن خلالها قدم عدة أفلام روائية طويلة بدأها بفيلم (حتى إشعار آخر) 1993، الذي نال عنه عدة جوائز في مهرجانات دولية. انطلقت فعاليات الدورة 31 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض البحر المتوسط، في 2 سبتمبرالجاري بمشاركة 33 دولة، وتحمل الدورة الحالية التي ستستمر على مدى مدى أسبوع، اسم الممثل المصري محمود ياسين، بالإضافة إلى قسم خاص ينتظم بالمهرجان يحمل عنوان "رموز مصرية" تم خلالها تكريم أربعة أسماء من أعلام السينما في التمثيل والإخراج والسيناريو وهم الممثلون الراحلون عمر الشريف ونور الشريف وفاتن حمامة، إضافة إلى المخرج الراحل صلاح أبو سيف وكاتب السيناريو صبري موسى. وينتظم المهرجان هذا العام تحت شعار "السينما في مواجهة الإرهاب" وناقش هذه القضية في الندوة الرئيسية للمهرجان بمشاركة عدد من النقاد والمخرجين. سبق وقال مدير المهرجان محمد قناوي إن المهرجان ينطلق بعرض الفيلم الفرنسي "120 سنة سينما" للمخرج والمونتير جوريس فوكون. ويتنافس 16 فيلمًا في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة من 15 دولة، هي إسبانيا والجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا وألبانيا واليونان وإيطاليا وقبرص، والمغرب ولبنان والجزائر وسورية وتونس ومصر وفلسطين. ويوزع المهرجان في هذه المسابقة جائزة أفضل فيلم، وجائزة يوسف شاهين لأفضل مخرج، وجائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو، وجائزة عمر الشريف لأفضل ممثل، وجائزة فاتن حمامة لأفضل ممثلة. وتحمل جائزة أفضل مخرج عمل أول أو ثان، اسم "كمال الملاخ" مؤسس "الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما" عام 1973، فيما تمنح مسابقة "البحر المتوسط للأفلام القصيرة" جوائز عدة ويتنافس فيها 24 فيلما أوروبيا وعربيا. وتنتظم مسابقة "الفيلم العربي" التي تحمل اسم الممثل المصري الراحل نور الشريف للمرة الأولى بمهرجان الإسكندرية السينمائي، ويتنافس خلالها 15 فيلما من 10 دول عربية للفوز بمبلغ 50 ألف جنيه. وتحل روسيا ضيف شرف في الدورة ال 31 وستعرض أفلاما تمثل التيارات الفنية الروسية المختلفة. كما يضم المهرجان قسما عنوانه "فلسطين في مهرجانات العالم"، يعرض سبعة أفلام فلسطينية.