السماح برد الأموال المنهوبة لإنهاء التحقيقات دون عقوبة خبراء: خطوة للتصالح مع رموز مبارك على حساب دولة القانون إعادة المسروقات دون معاقبة مخالف للدستور.. والتعديل محل طعن بعد ما يقرب من 5 سنوات علي قيام ثورة يناير، ورحيل مبارك الذي أفسد الحياة السياسية ونهب ثروات الشعب طوال 30 عاما، ورغم تغير الأنظمة والحكومات إلا أنها جميعا لم تخطُ خطوة واحدة صحيحة لاستعادة الأموال التي هربها نظام مبارك إلي الخارج. ورغم أن بعض الدول الأوربية كسويسرا وبريطانيا طلبت من المسؤولين المصريين اتخاذ خطوات محددة للمساعدة في عودة تلك الأموال، فإنه بين الحين والآخر يخرج المسؤولون بوعود وهمية لتسكين الشعب، ولكن حتى الآن لم يتم اتخاذ خطوة جادة لعودة ثروات الشعب المنهوبة مرة أخرى، رغم جهودهم الحثيثة في البحث عن قرض هنا ومنحة هناك. وقد شهد جهاز الكسب غير المشروع في الفترة الماضية سلسلة من التغيرات سببها ملف الأموال المهربة، فقد أسندت أعمال الجهاز للمستشار يوسف عثمان، ثم المستشار حسن بدراوي، وصولا إلى المستشار عادل السعيد، علي أمل عودة الأموال، بجانب التعديلات التي أقرت بقانون الكسب غير المشروع والتي تصب في صالح نظام مبارك، بحيث يستطيع دفع الأموال التي قام بكسبها بطرق غير مشروعة دون معاقبة جنائيا، والبقاء علي باقي الأموال المهربة، وذلك بعد القرار الذي أصدره الرئيس السيسي بتعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع، وتضمن القرار أنه يجب أن يشتمل أمر المنع من التصرف على تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على قيمتها، وإضافة العائد لحساب المتهم أو من شملهم أمر المنع، بعد خصم مصاريف الإدارة الفعلية بما لا يجاوز 10% لصالح إدارة الكسب غير المشروع. ونصت المادة 14 مكرر، أنه يجوز طلب التصالح من المتهم أو ورثته أو الوكيل الخاص بأي منهم في مرحلة التحقيق بإدارة الكسب غير المشروع برد ما تحصل عليه المتهم من الكسب غير المشروع في أية صورة كان عليها. ولعل أبرز المستفيدين من هذه التعديلات هم الرئيس الأسبق مبارك، ونجلاه علاء وجمال، و10 من رموز نظامه، خاصة أن من بينهم من أحيل للمحاكمة الجنائية بالفعل في جرائم تتعلق بتضخم الثروة، وهناك من لم تنته معه التحقيقات حتى الوقت الحالي. ويمكن لمبارك ونجليه علاء وجمال، وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطني المنحل أحمد عز، ووزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، ووزير السياحة الأسبق زهير جرانة، بمقتضى التعديل الجديد رد قيمة ما حققوه من كسب غير مشروع فقط لحفظ التحقيقات الجارية معهم في الجهاز منذ 4 سنوات. كما يمكن التصالح أيضا وفقا للقانون الجديد لمن صدرت أحكام بإدانتهم أو تبرئتهم من محاكم الجنايات ولم تصدر أحكام باتة من محكمة النقض ببراءتهم أو إدانتهم وتعاد محاكمة بعضهم حاليا، وأبرزهم رئيس مجلس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، الذي أدين بحكم بالسجن 5 سنوات لاتهامه بالكسب غير المشروع بقيمة 64 مليون جنيه، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق زكريا عزمي، المتهم بتحقيق مبلغ 86 مليون جنيه، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى الأسبق لتحقيقه 300 مليون جنيه بدون وجه حق، بالإضافة لوزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد، المتهم غيابيا بالاستيلاء على نصف مليار جنيه وتهريبها إلى قبرص، ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، المتهم بتحقيق 181 مليون جنيه، وكذلك وزير الإعلام الأسبق أنس الفقي، المتهم بتحقيق كسب غير مشروع قيمته 33 مليون جنيه مستغلا نفوذ وظيفته، وأمين عام مجلس الشعب سابقا سامي مهران، المتهم بتحقيق 22 مليون جنيه من جراء استغلال نفوذه. ويقول محمد رشوان المحامي، إن تعديل القانون جاء بقصد الحصول علي أموال من سرقوا ونهبوا الشعب المصري علي مدار عقود دون عقاب أو محاسبة، بحيث يمكن للمتهم الذي حصل علي أموال دون وجه حق التصالح مع الدولة بعد رد الأموال، وهذا أمر غير دستوري لأن هناك جرائم لا تسقط بالتقادم، والكسب غير المشروع من بين هذه الجرائم. وأشار إلى أن هناك لجنة تم تشكيلها عقب ثورة يناير لاسترداد الأموال المهربة ولكن حتى الآن وبعد أكثر من 4 سنوات لم تفعل شيئا علي أرض الوقع، ولابد من محاسبتها حيث صرحت بأن الأموال التي هربت ستسترد كاملة وستدخل خزانة الدولة، وكلها كانت تصريحات "للشو الإعلامي"، ولذلك لابد من التحقيق مع هذه اللجنة. وأضاف أن الدولة اتجهت إلى التصالح مع من سرقوا ونهبوا من رجال مبارك بهدف الحصول علي أموال بعد الأزمة الاقتصادية التي عانت منها مصر الفترة الماضية، بصرف النظر عن حصولهم عليها بطرق غير مشروعة وغير قانونية. ويقول الدكتور نبيل خليل، أستاذ القانون، إن التصالح مع من حصل علي أمول بشكل غير قانوني تتعارض مع الدستور، فلا يجوز له التصالح أو ممارسة الحياة السياسية مرة أخرى، مشيرا إلى أن هذا التعديل محل طعن أمام المحكمة الدستورية، بجانب أنه يضيع حق الدولة في معاقبة من خالف القانون والدستور. وأوضح أن الحل في هذه الأزمة هو وضع جدول زمني واتخاذ خطوات قانونية ودستورية ومخاطبة القضاء في الدول التي توجد بها هذه الأموال، وتقديم الأحكام الصادرة في حق هؤلاء المتهمين، ولدينا تجربة تونس التي استعادت ما يقرب من 40 مليارا، ومن الممكن الاستفادة بها. وشدد على ضرورة تطبيق قانون العقوبات على كل من خالف القانون لا أن نقر المصالحة مع مجرم سرق الشعب واستغل منصبه من أجل الحصول علي بعض من هذه الأموال وبعد ذلك يكون المجرم حرا طليقا دون عقوبة ولا رادع.