بعد أكثر من سبعة أعوام على إعلان كوسوفو استقلالها عن صربيا من جانب واحد، توصل الجانبين خلال اليومين الماضيين إلى اتفاق تاريخي، يشكل خطوة كبيرة على طريق تطبيع العلاقات منذ الحرب بينهما عام 1998 . الاتحاد الأوروبي اعتبر هذا الاتفاق انجاز لما له من عائد قوي على كل العرقيات في كوسوفو، حيث قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، إن رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوتشيتش ونظيره الكوسوفي عيسى مصطفى وقعا اتفاقا في أربعة مجالات بينها الطاقة والاتصالات، مؤكدة أن "إنجاز اليوم يمثل نجاحا تاريخيا في عملية التطبيع"، مضيفة أن "الحلول التي تم التوصل إليها تعود بالفائدة على السكان وتسمح للبلدين في الوقت ذاته بالتقدم على طريق أوروبا". ويوجد بين كوسوفو وصربيا علاقات متوترة منذ النزاع بين قوات يوغوسلافيا السابقة والانفصاليين في كوسوفو في 1998-1999، الذي دفع حلف شمال الأطلسي إلى التدخل ربيع 1999، لشن هجوم على صربيا والجبل الأسود والتي أستمرت 78 يومًا لوقف الحرب في كوسوفو. في عام 1999، بناءً على قرار أصدره مجلس الأمن الدولي قامت الأممالمتحدة بإرسال بعثة لإدارة محافظة كوسوفو، بتاريخ 17 فبراير 2008، بعدها أعلن البرلمان في كوسوفو استقلال "جمهورية كوسوفو"، وبناءً على إتفاق بروكسل تقوم صربيا بتطبيع علاقاتها مع كوسوفو، لكنها لا تعترف باستقلالها بشكل رسمي. وتم الاعتراف باستقلال جمهورية كوسوفو من قبل 108 دولة عضو في الأممالمتحدة وعضو في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الاتحاد الدولي للطرق النقل، مجلس التعاون الإقليمي، مجلس مصرف التنمية الأوروبي، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وفي الوقت الذي اعترفت الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الغربية بهذا البلد، رفضت صربيا وروسيا والصين وإسبانيا والعديد من غيرها من الدول باستقلال كوسوفو. وفي 2013، وقعت بريشتينا وبلغراد اتفاق تطبيع برعاية الاتحاد الأوروبي مهد الطريق لبدء مفاوضات لانضمام صربيا إلى الاتحاد بعد عام واحد، وينص الاتفاق الذي تم التوصل مؤخرًا على إقامة نظام قضائي في شمال كوسوفو يكون مقبولا من الأقلية الصربية والكوسوفيين، كما اتفق الجانبان على إنشاء رابطة المجتمعات الصربية في كوسوفو من أجل تعزيز دور الأقلية الصربية في شمال الإقليم وفي غيره من مناطق كوسوفو. وأعلن فوتشيتش رئيس وزراء صربيا أن الرابطة ستحصل على صلاحيات واسعة وسيكون لها رئيس ونواب له وبرلمان وشعار وعلم، وستتلقى تمويلا مباشرة من صربيا، إلا أن مصطفى أشار في حديث لوسائل الإعلام باللغة الألبانية إلى أن رابطة المجتمعات الصربية لن تحصل على صلاحيات تنفيذية. يشمل الاتفاق جانبا متعلقا بالطاقة وخطة لتحديث نظام الاتصالات واتفاقا حول جسر ميتروفيتسا المتنازع عليه بين الصرب والألبان الكوسوفيين، ويسمح الاتفاق لشركة "تيليكوم" الوطنية الصربية بالعمل في كوسوفو لأول مرة منذ عام 1999، بينما ستحصل كوسوفو بموجب هذا الاتفاق على كود هاتفي دولي يتكون من ثلاثة أرقام، وهو ما يعتبره الكوسوفيون دليلا جديدا على تعزيز سيادتهم. من جهة أخرى اتفقت صربيا وكوسوفو على ترتيب حركة المرور في مدينة كوسوفسكا ميتروفيتسا وإزالة الحواجز في الجسر المؤدي إلى القسم الألباني من هذه المدينة الواقعة شمال كوسوفو، وبشأن الطاقة ينص الاتفاق على أن تنشئ شركة الطاقة الكهربائية الوطنية الصربية شركتين جديدتين لتزويد البلديات الصربية الأربع في شمال كوسوفو بالطاقة الكهربائية. يأتي الاتفاق قبل قمة يفترض أن يشارك فيها في فيينا قادة دول غرب البلقان وموغيريني، وتعقد في أجواء من القلق بسبب أزمة المهاجرين والتوتر مع روسيا. وبشكل مباشر عقب الاتفاق صرح زعماء البلدين عن دوافعهم الحقيقية التي من أجلها تم تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا، حيث هنأ رئيس الوزراء الصربي عقب المفاوضات في بروكسل بالتوصل إلى الاتفاق مع كوسوفو، قائلا إنه يفتح لبلاد طريقا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ويضمن أمن صرب كوسوفو،في المقابل أكد رئيس حكومة كوسوفو أن الاتفاق يتطابق مع دستور وقوانين البلاد، مؤكدا أن هذا الاتفاق يعني أن بريشتينا تفرض سيادتها على كافة مناطق كوسوفو، بما في ذلك المناطق الشمالية التي يقطنها الصرب.