ما أشبه الليلة بالبارحة! عادت فيديوهات التعذيب للموطنين من قِبَل ضباط وأفراد وزارة الداخلية، وهذه المرة لم تكن داخل السجون أو أقسام الشرطة، بل وصلت إلى السحل في الشارع وفي محطات المترو أمام المارة بلا خجل أو خوف من عقوبة. حيث انتشرت بعض مقاطع الفيديو لعدد من عناصر الشرطة يسحل مواطنًا في منطقة فصيل أمام الجميع، دون أي رحمة، بجانب فيديو آخر يظهر فيه مجموعة من أمناء الشرطة يضربون شابًّا في منطقة دار السلام، وأمر وزير الداخلية بتحويل الواقعة إلى التفتيش دون معرفة أي تفاصيل عن الحادث؛ مما أعاد إلى الأذهان ما كان يحدث قبل ثورة يناير في داخلية حبيب العادلي آخر وزير للداخلية في عهد المخلوع حسني مبارك، وكان أحد أسباب الثورة. ولكن حسبما يرى المختصون فإن وزارة الداخلية لم تتعلم الدرس جيدًا، وما زالت تمارس سياسة التعذيب والعنف للمواطنين دون رقيب ولا حسيب. وينص الدستور المصري بداية من المادة (55) في باب الحقوق والحريات على أن الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها، والتعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم، وكل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شىء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شىء مما تقدم، أو التهديد بشىء منه، يهدر ولا يعول عليه. وأكد العميد حسن حمودة، الخبير الأمني، أن سياسة التعذيب ما زالت موجودة في وزارة الداخلية، وما خفي كان أعظم، فتلك الوقائع تكشف السلوك المتبع في معظم السجون والأقسام، حيث طالب العديد من المنظمات بزيارة هذه الأماكن ولكن دون جدوى. ولفت حمودة إلى أن من قاموا بهذه الانتهاكات يعلمون تمامًا أنها مخالفة للقانون والدستور، كما يعلمون أنه لن تكون هناك أي محاسبة؛ لذا يستمرون فيها، وهناك مقولة مشهورة تقول "من أمن العقوبة أساء التصرف". وأرجع محمد زارع، الناشط الحقوقي، تكرر هذه الواقعة إلى عدم تحرك الدولة، مشيرًا إلى أن استمرارها ينذر بحالة غضب كبيرة من المواطن الذي تعرض لظلم أو انتهاك من أفراد وزارة الداخلية. وأضاف أن المجتمع المدني والقوى السياسية طالبا بتحرك لمواجهة حالة التعذيب التي تحدث في أماكن الاحتجاز، كما طالبا بإعادة تأهيل جميع العاملين بوزارة الداخلية، ولكن دون تحرك أو رد من المسئولين غير المعترفين بخطورة الوضع، والذي بات جريمة في حق المجتمع والدستور تنتهك يوميًّا.