يتراجع الوضع الاقتصادي في قطاع غزة جراء الظروف المختلفة التي يمر بها القطاع، ويتراوح ذلك بين الارتفاع في معدل الحاجيات المعروضة للبيع في السوق وبين الشح المالي الذي يمنع الزبائن من الشراء. وتتمادى المعضلة.. خصوصاً مع اقتراب العام الدراسي الجديد، والذي يتطلب من الأهالي والأسر العديد من المسؤوليات التي تجعلهم تحت الضغط المالي لشراء مستلزمات أبنائهم من ملابس وأدوات مدرسية أو جامعية جديدة. لا شك أنَّ الوضع الاقتصادي للسوق ليس بالوضع الجيد كما كان في الماضي. فالتجار وأصحاب المحلات التجارية أصبحوا يعيشون معاناة كبيرة، هي المعاناة نفسها التي يتشاركونها مع المواطنين الذين هم بحاجة لسد فجوة أبنائهم بما يحتاجونه من ملابس وحاجيات لاستقبال الفصل الدراسي الجديد. وحول الموضوع نفسه، التاجر عبد الرحمن أبو عجلة يفيد للبديل حول الوضع العام في السوق: "نعاني من العلاقة العكسية المضطردة بين كمية البضائع التي ننتجها وبين عدد الزبائن القليلين المتوجهين للشراء، هناك حالة من الركود العام في الأسواق وذلك بسبب الحالة الاقتصادية والنفسية الصعبة التي يعيشها الناس في القطاع، حيث أنَّ هناك عدد من العقبات التي تقف أمام الناس للوصول إلى حقوقهم ومتطلباتهم الأساسية التي لا يستطيعون تلبيتها في ظل الوضع الراهن". رمزي شعبان صاحب محل لبيع ملابس الرجال، وصف حالة البيع في محله بالجيدة. وقال شعبان للبديل: "المشكلة التي تواجه المواطن هي قلة ما يتوفر بين يديه من مال مقابل احتياجاته من الملبس، فالبعض وبسبب الظروف التي طرأت على القطاع من عدوان اسرائيلي لم يتمكن من شراء ملابس الصيف، العيد، والبعض الآخر تهدمت منازلهم بكامل محتوياتها خلال العدوان الأخير على القطاع". وأضاف أن هذا الأمر انعكس عليهم حيث يأتي المشتري ويحاول أن يخفض سعر السلعة أكثر من السقف المحدد متذرعاً بظروفه الاقتصادية والاجتماعية. أما عن صاحب بسطة الملابس، حسن أحمد، فإنه يقول: "معظم الناس التي تأتي للسوق ليس الغرض من مجيئهم الشراء بل هم يأتون للنظر على الحاجيات فقط ومن ثم ينصرفوا كما أتوا". هكذا تصبح إضافة علاء وصف بسيط وحزين لحال الناس الذين يأتون للسوق حتى يملأوا زاوية الأمل بمزيد من النظر إلى أشياء لا يمكنهم شراءها. أما عن الأمهات، فهنَّ أيضاً يشعرن بالاستياء والحزن لأنهن لا يستطعن تقديم المستلزمات لأطفالهم بالشكل المطلوب، والدة الطفل عدي محسن، تقول للبديل: "أقوم بتجميع العيديات من أبنائي لأشتري لهم ملابسهم، وأقوم أنا أيضاً بتجميع النقود وتحويشها حتى أستطيع شراء شيء لهم، لا يوجد لديَّ خيار آخر فمصاريف المدارس كثيرة، في حين أنَّ راتب زوجي لا يكفي لهذه المتطلبات التي تزداد شهرياً، لذا فأتفق مع أطفالي كل عام بتخصيص مبلغ من العيدية لجزء من مصاريف المدارس". وتشير أم عدي، إلى أنَّ الأوضاع المادية تدفعها إلى ذلك، كما أنَّها حريصة على تعليم أطفالها مبدأ التوفير والقناعة، مضيفةً أنَّ ذلك يخفف من الأعباء المتراكمة عليها، خاصةً مع وجود خمسة أطفال لديها بحاجة لمستلزمات المدارس. ودمرت الحرب الإسرائيلية نحو 500 منشأة اقتصادية تشكل 60% من الطاقة الإنتاجية لقطاع غزة، ما يجعل الحالة أكثر خطراً على حياة المواطنين في المدينة، ويقلل من نسبة حصولهم على أدنى مقومات الحياة الآدمية الكريمة. ما خلَّفه الاحتلال الإسرائيلي وما سيخلفه من تدمير للبنية التحتية الاقتصادية لقطاع غزة يسبب أثراً كبيراً في سوء المعيشة، إضافة إلى شعور الطلاب بتخوفهم بعدم استمرارية تعلمهم في مدارس "الأونروا" بعد التصريحات الأخيرة التي أنذرت بعدم مقدرة وكالة الغوث على الاستمرار في تقديم خدماتها التعليمية في القطاع.