حالة من القهر والحسرة انتبات أهالي الأطفال ضحايا واقعة محاليل الجفاف الفاسدة الجديدة، التي أضيفت إلى سلسلة الكوارث الصحية بمصر، والتي أضحت بصورة مستمرة تعانى منها البلد وذلك بعدما أدي علاج الأطفال بمحاليل الجفاف إلى مقتل أربعة أطفال و إصابة 30 طفل أخر بالتشنجات بمحافظة بني سويف نتيجة لعدم مطابقتها للمواصفات . جاءت الواقعة لتثبت مدي الإهمال و التراخي الذي تعانى منه المنظومة الصحية حيث دفعت البراءة ثمن غياب الضمير و البحث عن الربح و عدم الاكتراث بحياة المواطن المصري . بدأت القصة يوم الأحد الماضي، بعد أن حضرت 30 حالة مرضية، جميعهم من الأطفال، إلى مستشفيات: الواسطى المركزي، ببا المركزي، إهناسيا المركزي، وكانت جميع الحالات تعاني من أعراض نزلة معوية (إسهال – قيء – ارتفاع بدرجة الحرارة – آلام بالمعدة) بواقع 7 حالات بمستشفى الواسطى، و13 بمستشفى ببا، و10 بمستشفى إهناسيا، وأثناء تليقهم العلاج بمحلول معالجة الجفاف "ريهايدران الوريدي" تشغيلة رقم (140509) إنتاج شركة "المتحدون"، والتي تم توريدها إلى مخازن الصيدلة بمديرية الصحة ببني سويف يوم 22 / 7/2015، أصيب الأطفال بتفاعلات تشنجية بعد استهلاك حوالي 50 سم3 من المحلول؛ مما استدعى وقف العلاج على الفور والتدخل الطبي السريع؛ للتعامل مع الأعراض التشنجية، حيث تحسنت 18 حالة منها، بينما احتاجت 12 حالة إلى التحويل، 7 تم تحويلها إلى مستشفى بني سويف العام، و5 حالات إلى مستشفى بني سويف الجامعي، حيث تحسنت 8 حالات، وتوفيت 4 بمستشفى بني سويف العام. ومن جانبها أعلنت وزارة الصحة أن نتائج تحاليل البذل النخاعي التي أجريت أثبتت أن سبب الوفاة التهاب حاد في خلايا المخ وليس الأعراض التشنجية التي صاحبت العلاج بمحلول معالجة الجفاف. وقرر الدكتور عادل عدوي وزير الصحة فور تلقيه خبرًا بالواقعة اتخاذ بعض الإجراءات، والتي كان منها: إيقاف العلاج بمحلول "ريهايدران" تشغيلة رقم (140509) بمستشفيات محافظة بني سويف أو أي مستشفى تم توريد المحلول بهذه التشغيلة إليه في جميع محافظات الجمهورية. إرسال فريق من استشاريي الأطفال بوزارة الصحة؛ لمتابعة حالة الأطفال المصابين والتحفظ على بواقي المحاليل المستخدمة، وكذلك جميع الكميات المخزنة من المحلول المذكور بنفس التشغيلة في محافظة بني سويف وجميع محافظات الجمهورية، وإرسال العينات المتحفظ عليها إلى الإدارة المركزية للصيدلة بالقاهرة – المعامل المركزية بالقاهرة – النيابة العامة؛ لتحليلها بواسطة الطب الشرعي، بالإضافة إلى إرسال عينات من القيء والبراز والدم الخاصة بجميع الأطفال الذين تم علاجهم بالتشغيلة المذكورة للمحلول إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة لتحليلها، والنيابة العامة لتحليلها بواسطة الطب الشرعي، كما تقرر تحويل مدير إدارة الصيدلة ببني سويف للتحقيق والتحفظ على جميع العينات الخاصة بالمحلول الموجودة بمصانع الشركة بالعاشر من رمضان، وكذلك لدى شركة ابن سينا الشركة الموزعة للمحلول، وتحليلها بمعرفة الإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة. وكان عدوي قد أصدر قرارًا رقم 85 لسنة 2015 بتحريز وسحب وضبط جميع التشغيلات الخاصة بالمستحضر الذي تم استخدامه في حالات الأطفال المصابين، وإحالة الموضوع بكامله إلى النائب العام، وشدد على إعلان جميع نتائج التحاليل والتحقيقات فور الانتهاء منها. ومن جانبه قال الدكتور علاء عزت، وكيل وزارة الصحة في بني سويف، إن عدد حالات الوفاة وصل إلى 4 أطفال، وهناك 30 حالة تخضع حاليًّا للملاحظة والعلاج بمستشفيات الحميات الحكومية، بعد ظهور أعراض تشنجية وارتفاع في درجة الحرارة. وأوضح "عزت" أن نتائج التحاليل أثبتت أن سبب الوفاة التهاب حاد في خلايا المخ. وفي اليوم التالي "الاثنين" الموافق 27 يوليو، بعد ورود التقارير الأولية عن الواقعة، قام الدكتور عادل عدوي بإصدر قرار بإغلاقمصنع "المتحدون فارما" لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل وتحريز وضبط كل منتجاته، وتشكيل لجنة من كبار أساتذة طب الأطفال بالجامعات المصرية؛ لمتابعة الوضع الصحي للأطفال المصابين بأعراض تشنجية، بعد استخدام مستحضر "ميتاهايدريل الوريدي" في علاجهم من أعراض نزلات معوية حادة. وبناءً على القرار الأولي للجنة التي شكلها وزير الصحة، تبين أن إجمالي الكميات التي صرح للمصنع بإنتاجها من يناير 2015 هي (79144) وهي التي تخضع للتحليل بمعرفة هيئة الرقابة للمستحضرات الدوائية بوزارة الصحة. بينما قام المصنع بإنتاج كميات أكثر من المصرح له بها مستغلاًّ الموافقات السابقة الصادرة من وزارة الصحة، ولم تخضع هذه الكميات الزائدة للفحص من خلال إدارة المراقبة الدوائية. وبناءً عليه فقد خالف المصنع قواعد التصنيع الجيد طبقاً للقرار الوزاري رقم 539 لسنة 2007، والذي ينص على أنه "في حالة المخالفات الجسيمة والحرجة طبقاً لتعريف المخالفات بمدونة منظمة الصحة العالمية WHO، يتم وقف الإنتاج، ولا يستأنف إلا بعد الالتزام باشتراطات التصنيع الجيد الواردة بالمدونة وموافقة اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية". كما أصدر وزير الصحة قراراً رقم 86 لسنة 2015 بضبط وتحريز وسحب كل ما يوجد بالسوق المحلي "صيدليات، مخازن، مستودعات" خاصة وحكومية من جميع مستحضرات المصنع، كما أصدر قرارًا بنقل الحالات المصابة بمستشفى حميات بني سويف إلى مستشفى الحميات بالعباسية. وأكد الدكتور طارق سلمان، مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة، تشكيل لجنة تحت رعاية وزير الصحة؛ لمتابعة حالة أطفال بنى سويف المصابين بعد تناولهم محلول الجفاف الفاسد. وقال مساعد وزير الصحة لشئون الصيدلة إن الوزارة وجهت منشورات لكل مديريات الصحة والمستشفيات والموزعين بمحافظات الجمهورية بالتحفظ على الكميات الموجودة من محلول "ميتاهايدريل الوريدى" والتوقف عن استخدامه، كما وجهت الوزارة شركات الدواء بتوفير المستحضرات المثيلة لهذا المستحضر. وقال سلمان "نعترف أن هناك خطأ؛ لذا تعاملنا مع المصنع بشدة، وأصدرنا قرارًا بإغلاق المصنع كاملاً لحين مراجعة جميع منتجاته"، موضحًا أنه تم تكليف إدارة النواقص بالوزارة بمتابعة توفير مثائل محلول "ميتاهايدريل الوريدى" فى المستشفيات والصيدليات الحرة. وفى سياق متصل قال الدكتور أحمد طلعت المتحدث باسم نقابة الصيادلة إن جميع الأحاديث عن واقعة التسمم التي تعرض لها أطفال بني سويف لا تدل إلا على أن السبب الرئيسي وراء الواقعة هو مخالفة المصنع لقوانين التصنيع، وذلك بعد إنتاج 80 ألف عبوة زائدة عن المعدل المسموح به للمصنع، وبالتالى لم تخضع للتحاليل من الإدارة المركزية للشئون الصيدلية. وأكد "طلعت" أن التحاليل المطلوبة للتحقيق حول الواقعة تتطلب تشكيل لجنة علمية من كبار أساتذة كلية الصيدلة ومن التفتيش الصيدلي، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك. وأشار "طلعت" إلى أن المسئول المباشر عن واقعة المحاليل الفاسدة مدير المصنع ومدير الجودة، وذلك لمخالفتهما اللوائح والقوانين الخاصة بالتصنيع.