عرقلة قديمة ومتجددة يواجهها المواطنون في قطاع غزة منذ سنوات، وتحديداً عندما قام الاحتلال بقصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة في28 حزيران في العام 2006 بعد خطف المقاومة الفلسطينية للجندي جلعاد شاليط. انتهت أزمة الجندي المخطوف ولكن لم تنتهي بعد أزمة الكهرباء المتصاعدة، فبعد انتهاء عيد الفطر.. عادت أزمة الكهرباء أدراجها من جديد بمعدل 6 ساعات وصل مقابل 12 ساعة قطع وعاد كل طرف ليُحمِّل الآخر المسؤولية تجاه هذه الأزمة، وبالضرورة يدفع المواطن الفلسطيني ثمن هذه المعاناة. هذه المرة تزامن انقطاع التيار الكهربائي مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، الأمر الذي جعل الحياة أشبه بالجحيم. شركة توزيع الكهرباء أعلنت عن إصلاح الخطوط الإسرائيلية المتعطلة ولكن هذا لا يعني أنَّ الأزمة قد انتهت، حيث أنَّ هذه الخطوط لا تسد سوى جزء من احتياجات قطاع غزة. أما سلطة الطاقة في غزة فقالت أنَّ الآلية المعمول بها منذ أربعة أشهر لتوريد الوقود تتضمن خصم القيمة الحسابية لضريبة " البلو" فقط من سعر الوقود ومقابل مبلغ شهري ثابت (30 مليون شيكل) بغض النظر عن كمية الوقود المورّدة، وإنَّ هذه الآلية لم يتم التوافق عليها وإنما فُرضت من قبل حكومة التوافق، حيث كان طلب سلطة الطاقة الدائم هو إلغاء كافة الضرائب المفروضة على الوقود، ولكن تم إبقاء جزء من الضريبة يصل ل 40% من السعر الأصلي، مؤكدةً التزامها بالحوالات المالية طوال الأربعة أشهر، لخلق مناخ إيجابي ولإثبات التزام سلطة الطاقة بتحويل كل ما يتوفر من أموال لشراء الوقود، وكذلك من أجل التخفيف عن معاناة الناس في غزة. من جانبه، أكَّد عمر كتانة رئيس سلطة الطاقة في السلطة الفلسطينية، أنَّ جهود الحكومة والسلطة الفلسطينية متواصلة من أجل توفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة. وقال في تصريحات صحفية، أنه خ لال الأسبوع الحالي ستبدأ عملية توريد الوقود القطري لقطاع غزة عبر معبر رفح البري المقدر ب10 ألاف طن، وهو ما سيساهم بشكل كبير في تخفيف الأزمة وعودتها إلى النظام القديم ب8 ساعات وصل مقابل 8 ساعات قطع. وقال: "من المتوقع أن تكفي الكمية التي ستورد لغزة عبر مصر لأكثر من شهر على أبعد تقدير"، لافتاً إلى أنَّ العقبة الأساسية في كيفية توريد الأموال من غزة إلى الضفة الغربيةالمحتلة، لشراء الوقود اللازم لمحطة التوليد. ومع كل هذه التصريحات وتوقعات الحلول لا يزال المواطن في غزة يعاني من هذه الأزمة الخانقة، حيث تندر الأماكن في هذا العالم والتي تعاني من هذه المشكلة، ويريى الكثير من المواطنين أنَّ الحل على أرض الواقع هو الذي يمكن تصديقه. المواطن أبو عبد الله الشرافي -44 عاماً- من مدينة غزة يقول للبديل: "6 ساعات كهرباء لا تكفي لشيء، حتى لتشغيل المروحة لأنه ليس من المعتاد أن يأتي الحر بهذه الطريقة، وأنا أبحث الآن عن مروحة تعمل بالبطارية وبالرغم من توفرها فأسعارها غالية تصل إلى 200 شيكل، ما يعادل 55 دولار تقريباً". ويضيف الشرافي: "صحيح أننا اعتدنا على هذه المشكلة، ولكن ليس بهذا الحجم". وأضاف: "لا أحد يشعر بالمعاناة سوى المواطن". أما المواطنة غدير نوفل -49 عاماً- فقد بدأت كلامها بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل على كل شخص كان سبب في قطع الكهرباء". وتضيف: "أصبحنا لا نطيق الجلوس في بيوتنا، لأنَّها عبارة عن أفران ملتهبة من هذا الحر". وأفادت أيضاً: "عندما كانت تصل إلينا بمعدل 8 ساعات وصل و8 ساعات فصل كنا ندبر أمورنا بشكل صعب فكيف ب6 ساعات وصل فهي لا تكفي لأن تبرد الثلاجة أو حتى أنهي الغسيل المتراكم، وتكون المشكلة الكبرى عندما تأتي في ساعة متأخرة من الليل، ففي هذه الحالة لا نرى النوم ونحاول إنجاز جميع أعمالنا في هذه الفترة حيث أنَّ أعمال البيت شيء لا يمكن الاستغناء عنه أو الانتهاء منه". وحال الطلاب لم يختلف كثيراً، فتقول رزان فتحي -20 عاماً- الطالبة في الجامعة الاسلامية: "في كل فصل دراسي نعاني من مشكلة الكهرباء وتأقلمنا معها بشكل كبير ولكن هذا لا يعني أن تبقي المشكلة قائمة يجب علي المسؤولين أن يقفوا وقفة جادة في هذا الموضوع لأنه يشكل خطراً على مستقبلنا". أما الطالبة نيفين المدهون، فتقول: "نحن لا نريد أن نتأخر عن العالم أكثر من ذلك، فحياتنا يتم سرقتها دون أن ندري، ولا أحد يلتفت إلينا، الجميع منشغل بمصالحه ومشكلاته ونحن نعلم ذلك، ولكن المجتمع الدولي لا يقف عند مسؤولياته تجاه شعبنا أو قضيتنا، ولا شكَّ بأنَّ هناك استهتار دولي وعربي إزاء القضية الفلسطينية". تبقى المشكلة قائمة ولا حلول جذرية في الأفق، وما زال المواطن الفلسطيني ينتظر بداية الأسبوع المقبل لدخول منحة الوقود القطري، علَّه يُخفِّف من هذه الأزمة، ولكن جميع المواطنين في قطاع غزة يأملون بأن تتكاثف جهود الجميع لحل هذه الأزمة الخانقة وبشكل متكامل، لينعموا بشيء من الحياة الكريمة كباقي شعوب العالم.