تعيش الحكومة الصهيونية بقيادة "بنيامين نتنياهو" خلال الأيام الجارية فترة ما قبل التفكك، لاسيما مع بدء مرحلة الاضطرابات والخلافات بين أعضاء الائتلاف الوزاري حول العديد من القضايا والأزمات، أولها ما تفجر يوم الأحد الماضي مع إعلان مجلس الوزراء عدم مناقشة مشروع موازنة الكيان الصهيوني خلال جلسته الأسبوعية، وذلك بسبب خلافات كبيرة ظهرت بين وزير المالية موشيه كحلون ووزير الاقتصاد آرييه درعي حول تمويل الالتزامات التي أخذتها الحكومة على عاتقها في إطار الاتفاقات الائتلافية بما في ذلك زيادة مخصصات الأطفال. لم يكن ذلك هو السبب الوحيد الذي دفع مجلس الوزراء لاتخاذ قرار عدم مناقشة الموازنة أملًا في إغلاق باب الخلافات حتى ولو بشكل مؤقت، بل إن وزير الاقتصاد أيضًا كان قد طالب بإلغاء ضريبة القيمة المضافة المفروضة على المنتجات الاستهلاكية الأساسية، وكذلك وزير الأمن الداخلي "جلعاد آردن" لديه عدة طلبات تتعلق بجهاز الشرطة. بجانب أزمة اعتماد موازنة الكيان الصهيوني، هناك عقبات كثيرة تنتظر رئيس حكومة الاحتلال يجب عليه تخطيها، أهمها تدهور العلاقات مع الأحزاب الحريدية (شاس ويهودات هاتوراة)، خاصة بعد أن هددت هذه الأحزاب بإسقاط حكومة نتنياهو حال عدم التزام الأخير بالاتفاقيات المبرمة والتي بناء عليها انضمت هذه الأحزاب إلى الائتلاف الحكومي وانقذته من خوض انتخابات مبكرة. تدهور العلاقات بين الأحزاب الحريدية ونتنياهو، وصل إلى تهديد يعقوب ليتسمان نائب وزير الصحة، ورئيس كتلة يهدوت هاتوراة بإسقاط حكومة نتنياهو، في حال تنفيذ رغبات وزير المالية الخاصة بتقليص الموازنات المخصصة للقطاع الحريدي، حيث يطالب الحزب بزيادة ميزانية المدارس الدينية ومصروفات رعاية طلاب الحريديم وأطفالهم. إذا ما تركنا الخلافات المالية بين الأحزاب الصهيونية ورئيس الحكومة، وانتقلنا إلى الدائرة الأمنية، فإن الوضع لا يختلف كثيرًا، حيث تطارد نتنياهو العديد من الاتهامات بالتقصير الأمني وعدم مواجهة التحديات التي تحيط بالكيان الصهيوني، خاصة أن رئيس الحكومة ظل يروج طوال فترات الدعاية لأهمية تحقيق الأمن والاستقرار ومدى ارتباط هذا بحزب الليكود الذي يتزعمه، حيث طالب عضو الكنيست عن حزب هناك مستقبل يعقوب بيري، بعقد جلسة للجنة الخارجية والأمن بالكنيست لمناقشة تقصير حكومة نتنياهو في الإبلاغ عن احتجاز حركة حماس لأسرى إسرائيليين لديها. رئيسة حزب ميرتس زهافا جالؤون وجهت أيضًا انتقادات شديدة اللهجة لرئيس الحكومة، والسياسات التي يتعامل بها مع باقي أعضاء الائتلاف الحكومي، فيما يتعلق بالقضايا الأمنية والعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش في قطاع غزة، مؤكدة أن دائرة اتصالات نتنياهو في هذه الأوقات تكون ضيقة جدًّا، حتى أنها تصل لدرجة تجاهل أعضاء مجلس الوزراء المصغر، واقتصار الأمر على التشاور مع وزير الدفاع أو الانفراد بالرأي دون النظر إلى عواقب هذه القرارات غير المدروسة بشكل جيد. وعلى ضوء كل هذه التطورات السياسية، فإن الحديث عن قرب نهاية حكومة نتنياهو الرابعة لم يعد يقتصر على تكهنات المحللين والمتابعين للشأن الإسرائيلي، بل خرج في تصريحات علنية على لسان كبار قيادات الاحتلال أمثال وزير الخارجية السابق أفيجدور ليبرمان الذي أكد سقوط حكومة نتنياهو وتغيير تشكيلتها الوزارية قبل نهاية عام 2015 الجاري، وهو ما يتفق إلى حد كبير مع الواقع الراهن الذي يحتم على نتنياهو الذهاب إلى خيارين أحلاهما مر، فإما عدم الاستجابة لطلبات أعضاء الائتلاف، وهنا سوف تتفجر الأوضاع السياسية ويتجه الجميع نحو انتخابات مبكرة لا يرغب في خوضها نتنياهو الآن، أو أن يبحث رئيس الحكومة عن شركاء جدد بدلًا من أولئك الذين يهددون بإسقاط حكومته.