«القضاء العرفى».. أعراف تحكم القبائل العربية والعائلات الكبيرة، تمزج بين أحكام الشريعة الإسلامية وما اتفق عليه التقليد السائد في مجتمع القبيلة والأعراب، وتكتسب قوتها وأهميتها من توثيق أحكامها بالمحاكم، وفقًا لإجراءات قانونية، ويؤلف القضاء العرفي من مشايخ القبائل ومحكمين عرفيين يتمتعون بسداد الرأي والبصيرة والخلفية الدينية والزعامة الشعبية عند جمهور العرب، ويحل بديلاً عن القضاء الحكومي. يغلب على محافظة بنى سويف طابع الجلسات العرفية لفض المنازعات والخلافات بين أفراد العائلات المختلفة، بجانب حل جميع الخلافات بين أفراد العائلة الواحدة مع بعضها، الظاهرة التى يمتد تاريخها لعدة سنوات كثيرة، نجحت فى بعض الأحيان لتكون بديلاً عن حل اللجوء للشرطة أو للمحاكم؛ نظرًا لطول مدة التقاضى بين أطراف النزاع. الجهات الأمنية ببنى سويف عادة ما تولى جلسات الصلح أهمية خاصة؛ لأنها تقضى على الكثير من المشكلات قبل بدايتها أو تأجيجها، ولهذا تحرص تلك الجهات على الحضور بكبار مسئوليها أو من ينوب عنهم خلال تلك الجلسات. يتم التحضير والاتفاق على تجهيز مكان وموعد الجلسات العرفية بميعاد وتوقيتات محددة مسبقًا، ولا تقل مدة التجهيز لإقامة الجلسة عن "أسبوع"؛ لإخبار جميع المتنازعين بكل تفاصيل الجلسة وإقامتها والتعريف بأسماء المحكمين. تبدأ الجلسة بكتابة أسماء المتنازعين، يوقع بعدها المتخاصمون على عدة إيصالات أمانة محدد عددها مسبقًا مساوية لعدد أفراد النزاع، وينادى المحكمون أسماء المتنازعين وإثبات حضوهم أمام الجالسين وأمام المحكمين، ثم تسمع هيئة المحكمين رأى أطراف النزاع، كل شخص على حدة بتوقيتات متساوية، وفى النهاية، يوقع المحكمون على محضر الجلسة وما تم الاتفاق عليه، سواء بتوقيع غرامات أو صلح أو ما شابه ذلك. يقول جمال نصر، أحد أقدم المحكمين فى بنى سويف ل "البديل": "أحضر جلسات الصلح والجلسات العرفية منذ 20 عامًا؛ وأقوم بهذا الأمر ابتغاء وجه الله تعالى دون أى مقابل مادى، وتكون أغلب الجلسات نتيجة حدوث "مشاجرات، ونزاع على أراضٍ زراعية، أو أراضى بناء"، مضيفًا: "عادة فى الجلسات يتم عرض الصلح كمطلب أساسى، وإذا لم يتم التوصل إليه، نتفق على تطبيق قرارات المحكمين بعد سماع آراء المتنازعين". واختتم نصر "80% من الجلسات التى حضرتها حققت نسبة نجاح عالية، وتم الصلح بين أفراد النزاع بها، وعادة ما تكون شروط المحكمين مغلظة". من جانبه قال الدكتور جمال عبد المطلب، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بنى سويف، إن هناك مجتمعات قبلية ما زالت تحكمها العادات والتقاليد، وتسري عليها الأعراف، وتتحكم فى مقدراتها ومعاملاتها العائلات، مما يعكس قوة العرف وسيادة ثقافة القانون الاجتماعى. وأضاف عبد المطلب أن الجلسات العرفية تتشكل من كبار العائلات أصحاب السلطة المأخوذة من العرف والتقاليد والثقافة الاجتماعية التقليدية المتوارثة، ومن ثم تكون أحكامها ملزمة وسارية، ولا يمكن نقضها حتى فى حالات اللجوء إلى القانون الرسمى. وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن مشكلة الثأر فى صعيد مصر خير دليل، ومن ثم فإن تفعيل الجلسات العرفية ووجود ممثل فيها للقانون الرسمى يحل كثيرًا من المشكلات ويتصدى للعديد من الجرائم، ويساعد السلطة التنفيذية فى القيام بدورها فى مواجهة الجريمة وتطبيق العدالة، خاصة في جرائم القتل.