احتضنت مصر العائلة المقدسة "السيدة العذراء والسيد المسيح" عندما لجآ إلى الأراضى المصرية هرباً من بطش الرومان، فى رحلة استمرت لأكثر من ثلاثين شهراً، جابت خلالها الكثير من المواقع والأنحاء فى مصر، وأسست العديد من الكنائس، وتركت آثاراً مسيحية عديدة. وعندما دخلت المسيحية مصر، تأسس فيها المذهب القبطى (المصري القديم)، وعانى الأقباط من اضطهاد الحكم الرومانى سنوات طويلة، وهذا ما يفسر وجود الكثير من الآثار القبطية فى الواحات والجبال التى لجأ إليها الأقباط، فارين بدينهم من عسف الرومان، فكانت الصحراء الشرقية ملجأ للرهبان، وكانت أقدم الأديرة وأهمها دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، الذي توجد فيه أكثر من كنيسة، مثل سبع كنائس هي: كنيسة الرسل وكنيسة الأنبا أنطونيوس وكنيسة الأنبا بولا وكنيسة السيدة العذراء وكنيسة الملاك وكنيسة القديس مرقص. وتعود جميعها للقرن الرابع الميلادي. يقع دير الأنبا بولا بين الجبال العالية بالقرب من البحر الأحمر والزعفرانة 95 كم شمال رأس غارب طريق السويس ورأس غارب، ثم غرباً فى الصحراء، أو من بنى سويف شرقاً، وتحيط به هضاب مرتفعة، وهي البقعة التي يقول الأقباط إن العبرانيين عبروا منها مع موسى النبي إلى البحر الأحمر عند خروجهم من أرض مصر. يفتح دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر أبوابه للمصريين والأجانب للزيارات وتنشيط السياحة، وتم ترميم كنائس الدير على أيدي فنانين ومرممين عالميين وتحت إشراف المجلس الأعلى للآثار. 4 كنائس أثرية في دير بولا من القرن الرابع الميلادي يوجد بهذا الدير أربع كنائس أثرية، هى: الكنيسة الأثرية التى كان يسكنها الأنبا بولا لمدة 70 سنة، ولم يرَه أحد. نصف الكنيسة منحوت فى الصخر، وغطيت حوائطها برسومات، وكنيسة أبو سفين، أعاد بناءها المعلم الجوهرى فى أواخر القرى الثامن الميلادى، وكنيسة الملاك، وبها الكثير من القبب، ويبلغ عددها اثنى عشر قبة كعدد تلاميذ السيد المسيح، ويرجع تاريخها إلى سنة 1777م. عيد القديس الأنبا بولا يحضر الكثير من زوار الدير في عيد الأنبا بولا الذي يتم الاحتفال به سنويًّا يوم 10 فبراير، كما يحضر العيد بعض الآباء الأساقفة من أبناء الدير، ويشتركون فى الصلوات والتسابيح والقداسات التى تقام بهذه المناسبة، حيث ابتدأت الحياة الرهبانية في هذا المكان بعد أن عرفت سيرة الأنبا بولا بواسطة الأنبا أنطونيوس، وذهب إليه الكثير من الذين سمعوا السيرة؛ حيث أقاموا القلالي، وبنوا السور حماية للدير، وذلك في المكان الذي عاش فيه الأنبا بولا. وقال "بستميان الرحالة" إنه رأى الدير حينما زار مصر حوالي سنة 400 م، مما يؤكد أنه موجود قبل هذا التاريخ. وقال نور الدين عبد الصمد، مدير التوثيق الأثري، إن دير الأنبا بولا هو من أهم المناطق الأثرية التي تقع في محافظة البحر الأحمر. مقر دير الأنبا بولا بالقاهرة وأوصى البابا شنودة الثالث بإنشاء مقر لدير الأنبا بولا بالقاهرة فى بيت قديم من أوقاف الدير بحدائق القبة كان مهملاً ومغلقاً، ولكنه صار الآن مركز إداريًّا للدير، كما يستخدم كاستراحة للرهبان الذين يفدون إلى القاهرة للعلاج أو لمقابلة البابا أو لأى سبب آخر. وتحول هذا المقر إلى مقر روحي، فقد أنشئ فيه مذبح لصلوات القداس الإلهى مع أيقونة جميلة للأنبا بولا. دير الأنبا لولا مجهز للزيارات وأوضح الدكتور محمد عبد اللطيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أن حالة دير الأنبا بولا ودير الأنبا أنطونيوس جيدة، ويسمح فيهما بالزيارة، ولا يوجد أي مشاكل بهما؛ بسبب دخولهما مرحلة الترميم منذ فترة لا تتعدى الأربع سنوات، موضحاً أن الترميم الآن موجود في مدينة القصير؛ لجعلها نسخة مصغرة من القاهرة. وأشار عبد اللطيف إلى أن قطاع الآثار الإسلامية والقبطية مهمت بتجهيز الأثر وإعداده للزيارة، أما الترويج السياحي فهو ليست مسئولية القطاع.